بعبائتها السوداء، وخمارها الأزرق، ارتدت ثيابها فجر اليوم، تاركة الشيطان بصلاتها، فلم يمر دقائق من وجودها في الشارع، إلا وأدت فريضة الله. ست الناس.
"هيلا بيلا" ..شدت عربتها وراء ظهرها، فلم تستطيع أن تقذفها مرتين أثناء الذهاب والرجوع، فمرة واحدة تكفي أن تتحملها.
التجاعيد تملأ يديها، وعلامات الحزن والتعب خير شاهد على معانتها طوال حياتها، يشعر به القاصي قبل الداني.
"ست الناس"، السيدة الستينية، تطرق بمفتاح حديدي على الأنابيب المحملة بالعربة الصغيرة التى اعتادت أن تسير بها كل يوم من الصباح حتى تتخلص من أخر أنبوبة لتنبه الزبائن بأنها جاءت لهم، ويبادروا بالإسراع لها حتى يجف عرقها، وتذهب لتريح بدنها.
" أنا من بهتيم، وقاعدة في أوضة لوحدي، يوميًا بصحى في الفجر بروح مخزن الأنابيب واقف في الطابور لساعات طويلة عشان أملى الأنبوبة لأهل المنطقة، واكسب فيها اللي ولاد الحلال يديهوملي"، بتلك الكلمات روت "ست الناس"، بائعة الأنابيب مأساتها.
بدموع تتساقط من وجهها، وبصوت مكلوم يصدر من فمه، قالت بائعة الأنابيب:"ربيت أولادي وكبرتهم، وكل واحد في بيته وسايبني لوحدي في الأوضة، معاشي 500 جنيه، زوجي مات وسابني، والفلوس مبقتش تقضي، ادفع إيجار ولا أكل بيهم، فقررت إني أملى الأنابيب وأبيعها".
"إحنا معاكي يا حاجة، وعشان إنتي أم وتستحقي، والنهاردة يوم المرأة العالمي، هنديكي حاجة صغيرة هدية مننا، وجميلك على رأسنا، بلاش تعيطي"، هذا كان رد فعل فريق جمعية شبرا الخير، الذين قاموا اليوم بتوزيع الهدايا على الأمهات الأرامل، وتحملن المتاعب وقسوة الحياة.