رغم دمار الحروب.. تعرف على الطيار الذي قصف برلين بالحلوى

الاحد 03 مارس 2019 | 11:42 صباحاً
كتب : مدحت بدران

خلال السنوات التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية، اتفقت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي على تقسيم العاصمة الألمانية برلين إلى مناطق نفوذ.صورة للخراب الذي لحق ببرلين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية

وكحال ألمانيا المقسمة حينها، وقعت المناطق الشرقية لبرلين تحت نفوذ الاتحاد السوفيتي، بينما حصلت القوى الغربية، التي تكونت من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، على الجزء الغربي منها.

واتجهت كل من البلدان الثلاثة إلى توحيد مناطق نفوذها، الأمر الذي أثار غضب الاتحاد السوفيتي، خاصة مع إقدام الجزء الغربي من ألمانيا، القابع تحت نفوذ القوى الغربية، على اعتماد عملة موحدة عرفت بالمارك الألماني.

صورة للخراب الذي لحق ببرلين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية

وأمام هذا الوضع، اتجه الاتحاد السوفيتي للرد في يونيو 1948 عن طريق فرض حصار خانق على برلين قاطعاً بذلك المنافذ البرية التي اعتمدها الغربيون لتموين الجزء القابع تحت سيطرتهم من العاصمة الألمانية، ليحرم على إثر ذلك نحو مليوني ألماني من الغذاء وأساسيات الحياة بعد أقل من 3 سنوات على نهاية الحرب العالمية الثانية، التي جعلت من مدينتهم كومة خراب.صورة للخراب الذي لحق ببرلين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية

بينما أكد السوفيت موافقتهم على رفع الحصار في حال سحب العملة الجديدة من برلين الغربية، اتجهت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لكسر الحصار السوفيتي عن طريق مد جسر جوي نحو غرب برلين لتوفير آلاف الأطنان من المواد الأساسية، كالطعام والوقود، يومياً لسكانها.صورة للخراب الذي لحق ببرلين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية

وفي تلك الفترة، عمل الملازم الأميركي، غيل هالفورسن، ضمن القوات الغربية التي أوكلت إليها مهمة كسر الحصار السوفيتي، حيث قاد طائرته سي-54 (C-54) لنقل المؤن إلى برلين.

صورة للخراب الذي لحق ببرلين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية

وكان هالفورسن مولعاً بالتقاط الصور الفوتوغرافية، وخلال فترات راحته، تسلح بكاميراته ليتجول ويصور عدداً من مناطق برلين.

وفي أحد أيام يوليو 1948، كان هالفورسن بصدد التقاط عدد من الصور عند مهبط الطائرات الأساسي بمنطقة تمبلهوف، عندما لاحظ وجود نحو 30 طفلاً ألمانياً متجمعين بالجانب الآخر من السياج الشائك المحيط بمهبط الطائرات.

صورة للخراب الذي لحق ببرلين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية

واقترب الملازم من الأطفال البؤساء الذين استقبلوه بابتسامات وكلمات رقيقة. وأمام هذا المظهر، أخرج هالفورسن قطعتي علكة من جيبه ومنحها لهم فأقدموا على تقطيعها لأجزاء صغيرة وتقاسمها.

وبحسب ما نقله الملازم الأميركي، لجأ بعض الأطفال الذين لم يحصلوا على نصيبهم من العلكة، للاكتفاء بشم رائحة المنكه على غلافها.

ومع مشاهدته لما حصل، حزن هالفورسن لعدم امتلاكه مزيداً من الحلوى. وقبل مغادرته، وعد الأطفال بجلب كمية أكبر من الحلوى في اليوم التالي ومنحهم إياها عن طريق إلقائها من طائرته.

ووفق هالفورسن، سأل أحد الأطفال: "كيف لنا أن نتعرف على طائرتك"، فأجاب بأنه سيلوح لهم من السماء عن طريق تحريك جناحي طائرته.

وفي اليوم التالي، وفي هالفورسن بوعده. وأثناء فترة الليل، اتفق مع مساعده وأحد المهندسين المرافقين على منح حصتهم من الحلوى لأطفال برلين بشكل سري ليقدموا بناءً على ذلك على وضعها داخل صناديق صغيرة ثبتت إليها مظلات هبوط كانوا قد صنعوها في وقت سابق من المناديل المتوفرة لديهم.

واتجه الملازم الأميركي لزيادة كمية الحلوى المقدمة إلى أطفال برلين ليقدم على جمع مزيد من حصص الحلوى التي تبرع بها طيارون أميركيون آخرون. وبفضل ذلك، وفر هالفورسن شحنة حلوى أسبوعية لأطفال برلين الذين تجمهروا بأعداد كبيرة في انتظاره عند مهبط الطائرات بتمبلهوف.

وكشفت الصحافة لاحقاً أمر شحنة الحلوى التي كانت تلقيها الطائرات الأميركية لأطفال برلين بشكل سري. ومع انتشار الخبر، استدعت القيادة العسكرية هالفورسن، الذي لقبه أطفال برلين بأسماء عديدة كالعم الملوّح بأجنحته والعم حلوى والطيار شوكولاتة، لتكريمه.

وباشر الأميركيون بحملة تبرعات لتوفير الحلوى لأطفال برلين المعزولين عن العالم بسبب الحصار السوفيتي. كذلك وفّر هالفورسن جانباً إنسانياً للجسر الجوي نحو برلين والأميركيين خلال فترة مبكرة من الحرب الباردة.

ومع حلول مايو 1949، رفع الاتحاد السوفيتي الحصار عن غرب برلين، حيث حقق الجسر الجوي نحو العاصمة الألمانية أهدافه عن طريق توفير حاجيات الألمان اليومية بهذه المنطقة.