في بلدنا اندثرت الشهامة والنخوة إلا من رحم ربي، وأصبحنا نتلذذ بفن اللامبالاة، مصلحة الفرد فوق مصلحة الجميع، قوم في واد وآخرون في واد.
وسط الصراخات والأهات، ونداءات الإنقاذ، وهرولة الجميع، لإنقاذ مصابي حادث قطار محطة مصر، يقف ياسر مدبولي الشاب العشريني، وسط قضبان السكة الحديد بمحطة مصر، مبتسمًا وفي يده هاتفه المحمول يلتقط صورة مع القطار المتفحم والجثث المترمية على الأرض،
وفي لحظة انتابت استغراب شاب آخر، ترك منزله الساعة التاسعة صباحًا، بعد استيقاظه على رنات هاتفية متعددة، إذ يأمره مديره بالعمل بالتوجه على الفور لمحطة السكة الحديد، إذ بحريق كبير في محطة مصر، راح ضحيته العشرات من المواطنين، وبسرعة فائقة توجه لمكان الحادث.
"أشرف العمدة"، الشاب الذي استفذه المنظر من هذا الشاب الذي جاء خصيصًا للمحطة وسط الحادث والحريق يلتقط السليفي مع صديقه، ولكنه لم يستطع التقاطها، وبين شاب آخر يمسك الجركن والبطاطين وينقذ العشرات من المواطنين، فطبيعة عمله كمصور صحفي، تحكمه أن يستعمل الذوق الفني في التقاط الصورة.
"عندما وجدت هذا المنظر، شعرت بحزن داخلي، وهل أننا وصلنا لذلك، هل ضاعت الشهامة والنخوة"، بهذه الكلمات روى "أشرف" المصورالصحفي، مؤكدًا أنه من خلال عمله لم يرى مثل ذلك المشهد.
لم يكن ذلك هو المشهد الأول في التقاط الحادث وسط صراخات الأطفال وعويل السيدات، منذ عامين، أثناء حطام قطاري الإسكندرية، قام مسعفين بالتقاط السليفي في موقع الحادث، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا على "السوشيال ميديا"، مُتهمين إياهم بالإهمال.