هوايتها كطفلة لم تتعدى الـ12عام، لم ينحصر كمثيلاتها في اللعب ومشاهدة أفلام الكرتون، بل وجدت ضالتها في الحبات المتناثرة من الخرز، فعشقت ألوانه، واشتهت تجميعه ليخرج من بين يديها سوار مصنوع بدأب حالمة، فكان أولى خطواتها لتحقيق الحلم.
تقول أسماء سعيد، بحسب أسماء السعيد، ابنة محافظة الشرقية، وصاحبة مشروع "جليتر"، لتنظيم الأفراح والهدايا: "بدأت هوايتي وأنا في تانية إعدادي، باكسسورات هاند ميد، وكنت بعرض شغلي على الجيران، لأن مكنش عندي فيس بوك، كنت طفلة تهوى تدوير الأشياء، يعني لما ماما ترمي حاجة قديمة عندنا، كنت باخدها وأغير لونها والحاجة المتكسرة بعيد تشكيلها بطريقة مختلفة، لتستخدم في أغراض متعددة، فهي موهبة بالفطرة".
كبرت أسماء، سنة وارتقى معها حلمها في تنمية موهبتها وثقلها، طرأ بتفكيرها فكرة صنع مشابط من الفوم والجليتر، فقامت بشراء الخامات المتوافرة في محيطها بـ20 جنيه، وقامت بتنفيذ فكرتها، وكانت مرضية، "رغم ان قلة جودة الخامات أثرت في الشكل النهاي، لكني كنت فرحانة جداً، فقررت أنمى موهبتي ويكون باب دخل ليه".
وعلى صفحات الإنترنت، وفيديوهات "اليوتيوب"، وجدت ضالتها، "دخلت صفحات كتير عربية ويابانية وغيرها، ببحث عن أشاكل جديدة، وحاولت أعرف مكوناتها وخاماتها، ونوعها وأماكن بيعها، فبدأت ببوكس الصور للذكرى، ونفذت واحد ليّة بخامات بسيطة قدرت أوفرها، ونزلته على صفحتي على الفيس بوك، وعجب ناس كتير"، كان ذلك شرارة الانطلاق للشابة العاشقة، فمع أول طلب لتصميم بوكس مماثل، شعّ بداخلها تساؤل " ليه معملش حاجة اون لاين على النت بحبها، لاني محتاجة يكون عندي استقلال مادي"، ومع زحمة الطلبات أنشأت صفحة خاصة باسم "جليتر"، لعرض منتجاتها وقبول الطلبات.
شكّل تطور مشروع جليتر ووضع لبناته الأولى، عبء على الفتاة الشابة، خاصة مع انعدام وجود الخامات المناسبة في قريتها، "طلبت الخامات مخصوص من صاحب المكتبة الي بتعامل معاه، وبدأت اشتغل وأطور من أفكاري، وكل لما يجيلي فكرة أنفذها ليّة، وأعرضها وإلى يطلب أعيد التصميم تاني".
لم تخلو البدايات من اعتراض والدّي أسماء، خاصة مع دخولها مرحلة الثانوية العامة، "واجهت رفض في الثانوية، لخوفهم ان هوايتي تأثر على دراستي، ولكني كنت في الاجازة برجع اشتغل تاني، فلما لاقوني متمسكة وبطور من نفسي، شافو إني جادة ومحتاجة اعتمد على نفسي، فكان شرطهم الوحيد إن دراستي يكون لها الأولوية، فبقت الحاجة الوحيدة الي باجي عليها صحتي ونومي، علشان أخلص الثانوية وأبدأ مشروعي".
وعن ردود أفعال الغير، تابعت:" ناس كتير أحبطوني، على أساس أن اللي بيقدمه مشروعي مالهوش سوق في الشرقية، ومحدش بيطلبه، وناس خسفت بأسعار شغلي الأرض، لكن بمجهودي أقنعت شريحة كبيرة، لدرجة ان بييجي عليه اوقات مش بعرف أنام من كتر الشغل".
تعرضت أسماء، للحظات ضعف عديدة، كان أهمها التعسر المادي الذي صادفها في بداية مشروعها، " لدرجة اني كنت بستلف علشان اجيب الماتريال، محدش ساعدني، لاني كنت مصممة اني أكبر مشروعي بفلوس شغلي، وعلشان كدة أنا فخورة اني كطالبة مخدتش مصروف من أولى جامعة، ومعتمدة على نفسي بالكامل وهو اهم مكسب عندي".
لم يعد بيت الطالبة بكلية التجارة، مستوعبًا لحجم الخامات والنماذج المصممة، فاستعانت بغرفتي السطوح، لعمل ورشة تكون بمثابة بيتها المحبب الصغير، "الورشة بقت مكتب تصوير وعرض لمنتجاتي"، ورغم العمل الكثير إلاّ أن وعدها لوالديها كان بمثابة جرس إنذار، "مشروعي مأثرش على دراستي، أنا في رابعة تجارة، بجيب تقدير في الكلية، أوقات ببقى مضغوطة، بس مكنتش ببطل شغل لأن دي الحاجة إلي فاتحة نفسي على الدنيا".
تحمل صاحبة "جليتر"، جميل والدتها في قلبها، "ماما مش هوفها حقها لأخر العمر، وقفت جنبي، ودعمتني إني أكمل في مشروعي، رغم إنها تعبانة وعندها الغضروف ومسامير في ظهرها، لكنها بتسهر معايا وبتساعدني في الرتوش النهائية للشغل، وبتزل معايا القاهرة وأنا بشتري الخامات"، ولم تنسى فضل أبيها وأخوتها وخطيبها، كسند.
وعن أهم العقبات في طريقها، أردفت:"البيئة اللي أنا عايشة فيها، فبيني وبين الزقازيق ساعتين، ومش متوفر في مكاني الماتريال الي بشتغل بها، وكمان بجد صعوبة في ان مش أي شخص بيفهم الشغل ومش اي حد بيقدره، بس قصاد كل واحد من الناس دي كتير بيشجعوني وبيوصفوا شغلي بالمميز، وانه يستاهل سعر أعلى".
يعمل لدى أسماء، 5 من طلاب الجامعة، يساعدونها في مشروعها، "بنصح الكل يسعو يتعبو يفكرو"، وتخطط في المستقبل لافتتاح جاليزي لجميع انواع الهدايا المختلفة والمبتكرة، عقب افتتاح مكتب لتنظيم حفلات، الذي سيكون جاهز لاستقبال المقبلين على الزواج في غضون شهور.