مطار جميل للغاية، وطائرات تصطف بجانب بعضها في وضع الاستعداد للإقلاع من المطار إلى الأماكن المختلفة حول العالم، من بينهم الطائرة المشؤومة، التي فُتحت أبوابها ووقف الركاب أمامها ينتظرون الصعود، حقائب كثيرة يحملها العاملون بالمطار ويصعدون إلى الطائرة، وأطفال صغار تتلاعب على وجوههم علامات الفرح بسبب الرحلة التي انتظروها برفقة أبائهم.
المشاهد السابقة التي تم عرضها كانت في مطار الملك خالد الدولى، في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، ولكن الحال لم يستمر كما تم العرض من قبل، بل انقلبت الأحوال رأسًا على عقب؛ بمجرد إقلاع الطائرة من المطار الدولي، وقرب دخولها في مطار أبها السعودي.
يروي سامي سعيد، عبر صفحتة على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن الأحوال كانت على ما يرام في البداية، وبعد حوالى ساعتين من إقلاع الطائرة في الجو أضاءت إشارات ربط الحزام استعدادًا للهبوط فى مطار أبها الإقليمى، مع بداية الهبوط من ارتفاع 35 ألف قدم، بدأت لحظات الرعب مع اهتزاز الطائره بشده مع ارتجاجات عنيفة وأجواء ملبدة بالغيوم وكتل السحاب وأضواء برق وصواعق تظهر من شباك الطائره الصغير.
أضاف سامي: " قائد الطائرة قام بتهدأت الركاب عبر السماعات الداخليه موضحًا بأننا نمر بمطبات هوائيه، لم أعتقد أبدا أن هذه الإهتزازات مجرد مطبات هوائيه بسيطة، ولكن زادت الإرتجاجات شيئا فشيئا قبل أن يعاود الطيار الصعود لأعلى مجددًا".
وأكد:" وبعد 20 دقيقه أخرى سمعنا صوت الطيار بلهجة مهتزة والذى بدا لى منها أنه يخفى شيئا ما ويحاول أن يكون هادئا واثقا رغم أن نبرة صوته تفضحه ليخبرنا بأن سوء الأحوال الجويه يمنعه من الهبوط، وارتفع بالطائره وقال أننا سنظل فى الجو لبعض الوقت إنتظارا لتحسن قد يطرأ وسيحاول معاودة الهبوط مره أخرى بعد ثلاثين دقيقه".
بحسب ما ذكر ت سامي، أن قائد الطائرة حاول الهبوط مجددًا ولكن هذه المره كانت الإرتجاجات أشد وأعنف، وذلك مرات متكررة من محاولات الهبوط والصعود مرة أخرى بدون فائده، وكل هذه المحاولات خلال 4 ساعات ونصف الساعة فى الجو، منذ إقلاعنا من مطار الملك خالد الدولى بالرياض، محاولا الهبوط، ولا شئ.
مشاهد الرعب سيطرت على الطائرة بأكملها، ففي الجانب أصوات بكاء الأطفال تملئ الأجواء، وعلى الجانب الأخر رجال بلغوا من السن عتيا ينطقون الشهادتين استعدادًا للموت، ولقطات مثيرة لسيدات يحضن أطفالهم والدموع تتساقط على خدودهن من الخوف، وفي لحظات إضاءة ممرات خروج الطوارئ، المشهد مفزع للغاية لا يتحمله أحدًا.
وتابع سامي: "مضيفات محترفات يبدو من تصرفاتهم أنهم يعرفون جيدا ما يفعلون، والذى يبدو أيضا أن دورهم لا يقتصر على تقديم المشروبات بل أكبر من ذلك، إحداهن- مصرية ملامحها نيليه بإمتياز- صفعها مسن على وجهها انتهى به الحال جالسا على كرسيه مثل الطفل الصغير، لا أعرف كيف إحتوت الرجل الغاضب الخائف ولكنها فعلت، مضيفًا: شريط حياتك وذكرياتك يمر أمام عينيك غصبا عنك ولا شئ يدور بعقلك سوى أن أنك ستموت موتة شنيعة غير مستعدا لها على متن طائره متفحمه وسط الجبال".
وأشار: "بعد فشل كل محاولات الطيار فى الهبوط أخبرنا أنه لن يستطيع الهبوط فى مطار أبها لأن الأحوال الجويه ساءت أكثر وبأنه سيعود أدراجه إلى أقرب مطار ليهبط فيه إضطراريا".
وبعد ساعات شاهد فيها جميع ركاب الطائرة الموت أمام أعينهم،:"هبطنا الحمد لله بسلام فى مطار الملك عبد العزيز الدولى بجده بعد ما يقرب من ثلاث ساعات من إنتظار الموت، الذى لم يأتى هذه المرة، الجميع يفترش أرض مطار الملك عبد العزيز.. فعندما تكون منتظرا للموت وأنت فى الجو يصبح لمس الأرض هو أقصى ما يمكن تمنيه".