يوسف السباعي.. "فارس الرومانسية" الذي اغتالته يد الإرهاب في قبرص

الاثنين 18 فبراير 2019 | 12:37 مساءً
كتب : إيناس رأفت

"ماذا سيكون تأثير الموت على وعلى الآخرين؟ لا شىء.. ستنشر الصحافة خبر موتى كخبر مُثير، ليس لأنى مت، بل لأن موتى سيقترن بحادثة مُثيرة"، هكذا كتب الأديب الراحل الكبير يوسف السباعى، فى روايته "طائر بين مُحيطين" عن الموت، وكأنه كان يتوقع ما يخفيه القدر، ولا يعلم أن قدره سيكون مرتبط بكتاباته.

وفي ذكرى اغتياله في قبرص ترصد "بلدنا اليوم" حياة الراحل يوسف السباعي واغتياله على يد مجموعة من العناصر الإرهابية.يوسف السباعي

"السيرة الذاتية"..

يوسف السباعى، واحد من أهم الروائيين فى تاريخ مصر، جمع بين كونه مثقفا وأديبا وبين كونه وزيرًا للثقافة فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، تولى العديد من المناصب منها التدريس فى الكلية الحربية، فى عام 1940م عمل بالتدريس فى الكلية الحربية بسلاح الفرسان، وأصبح مدرسًا للتاريخ العسكرى بها عام 1943م، ثم اختير مديرًا للمتحف الحربى عام 1949م، وتدرج فى المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.

شغل يوسف السباعى منصب وزير الثقافة عام 1973، وبحكم منصبه سافر إلى دولة قبرص، لحضور مؤتمر آسيوي أفريقي، وصل يوسف السباعى آنذاك، إلى العاصمة القبرصية نيقوسيا على رأس الوفد المصرى المشارك فى مؤتمر التضامن الأفروآسيوى السادس وبصفته أمين عام منظمة التضامن الأفريقى الآسيوى.

ذهابه إلى قبرص

سافر الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى القدس في نوفمبر عام 1977 مما جعل عديد من الدول العربية تقطع علاقاتها مع مصر، ورافق السباعي الرئيس السادات في رحلته بصفته رئيسا لتحرير جريدة الأهرام وبعد نحو ثلاثة أشهر سافر السباعي إلى قبرص رغم كل التحذيرات إليه من بعض القادة.

فى يوم الجمعة الـ17 من فبراير 1978، وصل يوسف السباعى وزير الثقافة المصرى آنذاك، إلى العاصمة القبرصية نيقوسيا، على رأس الوفد المصرى المشارك فى مؤتمر التضامن "الأفروآسيوى" السادس، وبصفته أمين عام منظمة التضامن الإفريقى الآسيوى، لكن السباعى لم يعلم ماذا تخبأ له الأقدار في قبرص ففى صباح يوم السبت التالى، نزل يوسف السباعى من غرفته بفندق هيلتون، متوجهًا إلى قاعة المؤتمر بالطابق الأرضى، وكان المؤتمر قد بدأ بالفعل برئاسة الدكتور فاسوس ليساريدس، نائب سكرتير المنظمة، ورئيس الحزب الاشتراكى القبرصى، توقف السباعى فى تلك الأثناء أمام منفذ بيع الكتب والجرائد المجاور لقاعة المؤتمر ليطالع بعض الجرائد لم يكن يعلم يوسف ان هذه هي آخر جريدة يطالعها في حياته، وحينها أطلقت عليه 3 رصاصات أصابته فقتل علي الفور، فارق يوسف السباعى الحياة وسرعان ما تناقلت وكالات الأنباء الخبر ولكن ظل السؤال معلقا "مَن قتل يوسف السباعي؟ ولماذا؟".يوسف السباعي

قتل يوسف السباعي وأسرار الاغتيال

تلقت مصر وقتها نبأ اغتيال السباعى بصدمة بالغة، وثارت الأسئلة عن هوية مرتكبى الجريمة، وشرعت التكهنات تشير إلى نجاح القاتلين فى تنفيذ جريمتهما، خصوصا فى ظل غياب الأمن اللازم لحماية المؤتمر.

قاتلا الأديب الكبير، اختلفت عنهم الأنباء حول جنسيتهم، حيث أعلن في البداية أن القاتلين فلسطينيان واتضح فيما بعد أن أحدهما فلسطيني والآخر عراقي ، كما ادعى قاتلا السباعى أنهما قد ارتكبا جريمتهما، لأنه ذهب إلى القدس برفقة الرئيس السادات، ولأنه بحسب رأيهما كانت له مواقف معادية للقضية الفلسطينية، وتناقضت الأنباء، وما لبثت منظمة التحرير الفلسطينية أن نفت علاقاتها بالحادث، وفى 9 مارس عام 1978، بدأت محاكمة قاتلى السباعي، زيد حسين علي، وسمير محمد خضير، أمام المحكمة القبرصية، ورأس الجلسة المدعى العام القبرصي، وحضرها فريق من المراقبين المصريين، ترأسه النائب العام المصرى آنذاك عدلى حسين، وفى 4 من إبريل عام 1978، حكمت المحكمة القبرصية على قاتلى السباعى بعقوبة الإعدام.

بعد أشهر أصدر الرئيس القبرصى سيبروس كابريانو، قرارًا رئاسيًا بتخفيف الحكم على القاتلين، من الإعدام إلى السجن مدى الحياة، وذلك لأسباب غير معروفة قيل فيما بعد إنها تتعلق بأمن قبرص، التى أعلنت وقتها أنها تلقت تهديدات من منظمات إرهابية عربية، بقيام عمليات على أراضيها إذا لم تطلق سراح المتهمين بقتل السباعي، وترددت بعد ذلك أنباء تفيد، بأن قاتلى السباعى قد رحلا من قبرص دون أن يتما الحكم الصادر بشأنهما.

رد السادات علي حادث الاغتيال

لم يتأخر الرئيس السادت في الرد على جريمة اغتيال السباعي، فأرسل فى اليوم التالي طائرة تقل مجموعة من رجال الصاعقة إلى قبرص بغرض القبض على القاتلين وتحرير الرهائن المحتجزين على متن الطائرة القبرصية، وفي السادسة مساءًا طلب قائد الطائرة العسكرية المصرية رخصة للهبوط فى مطار لارنكا مدعيًا أنه على متن الطائرة وزيرًا مصريًا حضر خصيصًا للتفاوض مع القاتلين.

الرئيس السادات وقتها أعلن الحرب على قبرص، وسبب الحادث وقوع قطيعة دبلوماسية بين مصر وقبرص، وحينها تدخلت أمريكا و بريطانيا لتهدئة الأمور و قامت مصر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قبرص.

مصر وفلسطين

تحولت جنازة السباعي إلى مظاهرة ثائرة ضد القضية الفلسطينية، ومنددة بما تعرض له الوفد المصري في قبرص، ما جعل الرئيس السادات يقرر حرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة التي كانوا يتمتعون بها في مصر والتي أقرها الرئيس جمال عبد الناصر لهم منذ عام 1954.

ردود أفعال الدبلوماسين

الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية محمد صبيح: طلبنا وأنا كنت من المصرين أن يكون هذا الاجتماع إما في موسكو أو في برلين لأن هناك تتوفر حماية.. حماية دول قادرة لم تستجب هذه الدول.

سفير مصر الأسبق بقبرص حسن شاش: أنا دهشت جدا لأن قبرص في الوقت ده كانت جزيرة مخترقة من جميع أجهزة المخابرات الموساد والمخابرات الإنجليزية وكان المرحوم يوسف السباعي كان زار إسرائيل مع الرئيس السادات.

محمد صبيح: فحاولنا بكل السبل أن لا نذهب إلى قبرص فكان فارسا رحمه الله قال أنا لا أريد أن يقولوا إن يوسف السباعي جبان ولا يريد أن يحضر لا.. سنذهب.

موقف المصريين

تلقى المصريون نبأ اغتيال السباعي بصدمة بالغة ثارت الأسئلة المبكرة عن هوية مرتكب الجريمة وشرعت التكهنات تشير إلى تورط السلطات القبرصية وتواطئها من أجل أن ينجح المتطرفان في تنفيذ جريمتهما وخاصة في ظل غياب الأمن اللازم لحماية المؤتمر.يوسف السباعي

الجنازة..

في يوم 19 فبراير 1978، وارى جثمان يوسف السباعى الثرى، إلى مرقده الأخير، وأقيمت له المراسم الجنائزية لدفنه ولم يحضر الرئيس السادات الجنازة لكنه أناب عنه نائب رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك ووزير الدفاع محمد عبد الغني الجمسي وقد شهدت مراسم الجنازة ردود أفعال شعبية ورسمية ضد القضية الفلسطينية.

اقرأ أيضا