تزامنا مع تدهور صناعة الغزل والنسيج فى مصر، وما تحققه الشركات التابعة للقابضة للغزل والنسيج من خسائر سجلت 2.7 مليار جنيه خلال عام 2017، أعلن هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، عدم صبره على خسائر الشركات، وأصدر قرارا ببيع أراضى 14 محلجا تابعة للشركة القابضة، من أصل 25 تملكها الدولة، بهدف تطوير صناعة الغزل والنسيج.
ولفت توفيق، إلى أن تكلفة تطوير الشركة القابضة للغزل والنسيج تقدر ب 25 مليار جنيه، ستتم من حصيلة بيع أراضى محالج القطن، مؤكداً اتباع الوزارة خطة شاملة لتطوير شركات الغزل والنسيج للقطاع العام، بالتعاون مع وزارتى الصناعة والزراعة.
وبين مؤيد لقرار بيع أراضى 14 محلجا، وأهميته لتطوير صناعة الغزل المتدهورة، وزيادة قدرتها الإنتاجية، رأى آخرون تأثيره السلبى على زراعة القطن، واصفين القرار بالحجر العثرة فى طريق انتعاش الذهب الأبيض.
خطوة لتطوير الصناعة
محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، قال إن القرار خطوة كبيرة لصالح تطوير صناعة الغزل والنسيج، تعتمد على دمج المحالج لتكون 3 محالج أساسية بالشركات، مع استيراد أحدث الآلات والمعدات لهذه المحالج، لتكون طاقتها الإنتاجية 3 أضعاف الطاقة الإنتاجية للمحالج الحالية.
وكشف المرشدى، أن هناك خلطا فى استيعاب قرار البيع، والمقصود بيع الأراضى الفائضة لتلك المحالج بعد التطوير وشراء الآلات، لافتاً إلى أن تلك المبالغ ستكون بمثابة رأسمال لتدعم تلك المحالج نفسها بنفسها، وزيادة طاقتها الإنتاجية.
وأضاف: "القضية ليست بعدد المحالج بل بطاقتهم الإنتاجية، فالمحالج تمتلك أراضٍ بمساحات كبيرة، بدأت الدخول فى الكتل السكنية وهو ما أدى لارتفاع سعرها، وبيعها يأتى من أجل تمويل خطة تطوير شركات قطاع الأعمال العام، ومصانع الغزل والنسيج".
وأردف رئيس غرفة الصناعات النسيجية، أن ميزانية تطوير شركات قطاع الأعمال، مرتفعة والدولة لن تتحملها، ولذا فإن القابضة للغزل والنسيج ستتجه إلى بيع أراضى المحالج، لضخ 7 مليارات جنيه لتطوير مصانعها.
ورد المرشدى، على اتهام الوزير هشام توفيق، بخصخصة شركات قطاع الأعمال العام، قائلاً: "لا وجود لخصخصة الغزل والنسيج فنحن فى مرحلة تطوير الشركات، بالطاقات الإنتاجية والاستثمار ونوع الإنتاج، وجودته، وقدرته على المنافسة العالمية، ولن يتم تسريح عامل واحد، بل سيتم دمجهم داخل تلك الشركات".
الشفافية فى البيع
ووافق المهندس إبراهيم الشوبكى، نائب رئيس رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج، على قرار وزير قطاع الأعمال، ببيع أراضى المحالج، بشرط أن يتم ذلك على مرأى ومسمع من الرأى العام، لمعرفة أين سيتم إيداع تلك المبالغ، حتى يمكن محاسبته خلال خطة تطوير الصناعة.
وأضاف الشوبكى: "صناعة الغزل والنسيج، تحتاج إلى موارد مالية كبيرة لتطويرها، وهو ما لا تملكه الدولة، ولذا فإن بيع "الشون" وهى الأراضى التابعة للمحالج، يجب أن يتم بصورة نزيهة، بدون تدخل أيادى الفساد، لتستخدم فى تحديث الماكينات المتهالكة، وتطوير المصانع".
ويرى نائب رئيس رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج، أن التطوير ليس بعدد المحالج، بل بقدرة ماكيناتها الإنتاجية، لافتاً إلى أن الأولى هو الاهتمام بالمادة الخام للصناعة وهى القطن، قبل الحديث عن القيمة المضافة من المراحل المختلفة التى يمر بها من حليج القطن ومن ثم غزله ونسجه وصبغه وتجهيزه لتحويله إلى ملابس.
وعن أسباب تدهور زراعة القطن، أشار إلى أن: "الدولة فشلت فى زراعة 3 ملايين فدان، وكان لابد أن تلزم الدولة الفلاح بالدورة الزراعية، كما حدث فى عصر عبد الناصر، من الخطة الخمسية الأولى والثانية، أدت إلى ازدهار صناعة الغزل، وما تم بعد ذلك من عملية تحرير العلاقة بين الفلاح والدولة، أثرت بشكل سلبى على الصناعة، وأدى إلى انهيارها".
وأشار إلى أن غالبية مصانع الغزل والنسيج، تعمل ب 20_30% من الطاقة الإنتاجية لا يكفيها دفع أجور عمالها، وهو السبب فى خسارتها، مضيفاً: "منذ 20 سنة، كنا نزرع 2 مليون فدان قطن، لنحصل على 10 ملايين قنطار سنوياً، والآن نزرع 300 ألف فدان فقط لا غير، ونحصل على مليون ونصف المليون قنطار، 3 محالج يكفيها، ولذا فنحن نطالب أن نصل إلى عصر الذهب الأبيض ونزرع مليونى فدان، فمصر بحاجة إلى 7 ملايين قنطار سنوياً لسد حاجتها من القطن فى الداخل".
القضاء على انتعاشة القطن وفى سياق منفصل، قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن بيع أراضى المحالج، خطوة للخلف فى طريق تطوير صناعة الغزل والنسيج، والقضاء على الانتعاشة التى شهدتها زراعة القطن، لافتاً إلى أن الأولى تطوير المحالج الموجودة وعمل محالج جديدة.
وأشار أبو صدام، إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، وضع القطن وزراعته على قائمة الاهتمامات، كونه أهم المحاصيل الاستراتيجية، متسائلاً: "كيف يمكننا النهوض بمحصول القطن، وهناك من يعمل على بيع المحالج؟".
وأضاف: "زرعنا هذا العام 336 ألف فدان قطن بزيادة 120 ألف فدان عن العام الماضى، فمادام بنبيع المحالج، لماذا نزيد زراعة القطن، وعلينا أن نحدد أهدافنا، هل نحن بحاجة إلى العودة للعصر الذهبى لصناعة القطن؟، أم العودة للوراء؟".
ولفت نقيب الفلاحين، إلى أن بيع أراضى المحالج وليس معداتها، خطوة سلبية ضد المصلحة العامة فى طريق انتعاش الذهب الأبيض، مشيراً إلى وجود مافيا تعمل ضد المصلحة العامة، تهدف إلى الربح وهدم الصناعة بعيداً عن تطويرها، مؤكداً أن وجود المحالج ضرورة فى صناعة القطن، فيعد خطوة ضرورية لفصل الشعر والبذرة، وبيعها، بمثابة البدء فى هدم محاصيل القطن".
وعن البدائل المتوفرة لتطوير صناعة الغزل والنسيج بعيدا عن بيع المحالج، استطرد أبو صدام: "لإعادة القطن لأصله، علينا تشغيل مصانع الغزل والنسيج المغلقة، والماكينات التى تعمل على قطن قصير التيلة، نطورها وجعلها تعمل على طويل التيلة، كما يجب الاهتمام بالمحلة الكبرى ومصانعها، والاهتمام بالمحالج وتدعيمها من الدولة إذا كنا نريد العودة كدولة رائدة فى صناعة الغزل والنسيج".
ونوّه النقيب، إلى مطالبتهم نواب مجلس الشعب، بتقديم طلبات إحاطة؛ إن استمر الوزير هشام توفيق، فى التمسك بموقفه تجاه المحالج، والسير على ذات المنوال فى هدم صناعة الغزل والنسيج.
خطوة غير مدروسة
وتساءلت النائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة فى مجلس النواب، قائلة: "هل يعد بيع أراضى المحالج هى الوسيلة الوحيدة لإصلاح المنظومة؟، وما هى مبررات البيع؟، وهل فشلت كل محاولات الإصلاح والتطوير؟".
ولفتت درويش، إلى أن بيع 14 محلجا هو عدد كبير، ويحتاج إلى دراسة وافية، موضحة: "كان الأولى أن يقل عدد المحالج التى تخصص للبيع، لأن بيع هذا العدد خطوة غير مدروسة".
وأوضحت وكيل لجنة القوى العاملة فى البرلمان، إلى ضرورة بحث ودراسة أسباب خسائر بعض شركات قطاع الأعمال خلال المرحلة المقبلة، مضيفة: "الأمر يحتاج إلى التأنى قبل اتخاذ القرارات التى قد تعود بالسلب على القطاع بشكل عام، وتقييم الوضع، والإجابة على عدد من التساؤلات، أولها: "هل يجوز تعويم شركات القطاع؟، وهل معداتها مواكبة للتطوير؟، علاوة على أبرز الآليات التى تأتى فى مصلحة العمال والصناعة بشكل عام".
وأكدت درويش، أن إغلاق المصانع وتسريب عمالها وبيع المحالج، سيكون من القضايا ذات الأولوية فى أجندة عمل اللجنة خلال دور الانعقاد الرابع، مستطردة: "سيتم استدعاء الوزير، لمعرفة وجهة نظره، وإذا كانت مبرراته للبيع والتصفية قوية، سيتم عرض ذلك على الرأى العام لمعرفة الوضع بكل شفافية".