شيخّا جليلّا ذاع صيته في العالم بأكمله، شرقه لغربه رفعتا لدين الله، عرفه العالم بصوته العذب وقراءاته القرءانية العشر وترتيله للقرءان بصورة تمس الأفئدة وتطرب القلب، كان رمزًا من رموز الأزهر والدعوة الإسلامية وأول من رتل القرآن في البيت الأبيض والمحافل الدولية، لم يخلو بيت من بيوت الإسلام إلّا وقد زيّنه الشيخ بصوته، اليوم، وفي الخامس والعشرين من نوفمبر، ذكرى وفاة العالم والشيخ الجليل محمود خليل الحصري.
مولده ونشأته
ولد الشيخ الحصري في قرية شبرا النملة، التابعة لطنطا بمحافظة الغربية، تلك القرية التي هاجر إليها والده قادماً من الفيوم قبل ولادته ليستقر بها ويزق بأبنه محمد، ألحقه والده عند بلوغه الرابعة من عمره بالكتاب ليحفظ القرأن ويتعلم تجويده فكان يذهب يوميا من قريته للمسجد الأحمدي بطنطا ليتم حفظه لآيات الله، وبالفعل أتم حفظه للقرآن كاملاً في سن الثامنة، ليلتحق بعد ذالك بالمعهد الديني بطنطا، ثم يلتحق بالأزهر ليتعلم هناك القراءات العشر التي أشتهر بها في ترتيل القرآن الكريم ، والحصول على شهادة علم القراءات، ليتفرغ بعد ذالك لدراسة العلوم القرآنية لما يمتلكه من صوت متميز وأداء حسن، وفي عام 1944م تقدم إلى امتحان الإذاعة، وكان ترتيبه الأول على المتقدمين للامتحان.
حياته الأسرية
تزوج الشيخ الحصري عام 1938م، ورزق بعدة أبناء ذكوراً وإناثاً وكان ذو فلسفة حكيمة يحتذي بها في تربية النشأن فيروي عنه أبنائه انه كان يكافئ كل من حفظ سطراً من القرآن منهم بقرشاً صاع زيادة علي مصروفهن وعشرة جنيهات عن كل جزء من يحفظونه من القرآن، ومن أراد منهم طلب او رغبة عليه بحفظ آية من آيات الكتاب ، وكان دائماً ما يخبرهم أنّه عليهم حفظ القرآن الكريم لنحظى برضاء الله علينا ثم رضاء الوالدين، فنكافئ بزيادة في المصروف، وكان يتبع ذلك كثيرًا إلى أن أتم أبناءه حفظ القرآن ذكوراً وإناثاً عن ظهر قلب.
ومن أشهر أبنائه الإناث إبنته "إفراج" او كما يعرفها الجميع بإسم )ياسمين الخيام) الحاصلة علي ليسانس الأداب بقسم الفلسفة، والتي ترأس الجمعية والدها جمعية الشيخ الحصري للخدمات الدينية والإجتماعية، كما سبق لها العمل بمجلس النواب ووصلت حتي منصب وكيل أول وزارة.
أعماله
كانت مقرأة سيدي عبدالمتعال أولي محطات الشيخ الفضيل في العمل الدعوي الذي بدئه بمسقط رأسه في طنطا، لينتقل بعد ذلك إلي العمل مؤذناً في مسجد سيدي حمزة عام 1948 مع احتفاظه بعمله في مقرأة سيدي عبدالمتعال،ثم تشاء الأقدار ينتدب بعدها بسنتين قارئاً للمسجد الذي حفظ به القرآن في مهده مسجد سيدي أحمد البدوي، أو كما يعرف في طنطا بالمسجد الأحمديز
وانتقل الشيخ بعد ذالك في العام 1955م إلي مسجد الإمام الحسين في القاهرة ويختتم بذالك رحلة بدايته في طنطا، وبدء رحلة جديدة في المحروسة رحلةٌ عليَ فيها شأنه عبر الزمن ليصل إلي عدة مناصب ابتداءاً بشيخ القراء، ومستشاراً فني في وزارة الأوقاف، وصولاً إلي رئاسته اتحاد قراء العالم في 1970م.
إسهامته في القرآن
كان للشيخ العديد من الكتب التي تهدف إلي تعزيز علوم وأصول القراءة القرأنية ومنها نور القلوب في قراءة الإمام أبي يعقوب ومعالم الاهتداء في أحكام الوقف والابتداء، السبيل الميسر في قراءة الإمام أبي جعفر، الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير، أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر، القراءات العشرة من الشاطبية والدرة".
ومن أشهر مؤلفاته كتاب "مع القرأن الكريم" المؤلف من 327 صفحة والذي تم إصداره في عدة طبعات في مصر والدول العربية ولاقي إهتمام كبير حتي يومنا هذا كما انه أول من سجل المصحف الصوتى المرتل برواية حفص عن عاصم.
جولاته خارج مصر
هو أول من رتل القرآن في الأمم المتحدة في عام 1977م، وأول من رتل القرآن الكريم في القاعة الملكية، وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن عام 1978م، ودعاه مجلس الشئون الإسلامية إلى مدينتي ليفربول وشيفلد ليرتل للقراءة أمام الجاليات العربية والإسلامية هناك.
كما أنه أول من قرئ القرآن في البيت الأبيض، وقاعة الكونجرس الأمريكي ،وأثناء زيارته الأمريكية بمدينة سان فرانسيسكو أعلنت سيدة أمريكية إسلامها علي يد الشيخ الحصري أثر مساس عمق قراءة الشيخ الحصري لوجدانها وأحساسها من عمق نبراته أن القرأن هو الدين الحق، رغم أنها لم تفهم كلمة مما قرئه، ووعدته بأن تلتحق بأحد المراكز الإسلامية لتتعلم اللغة العربية كما أسلم علي يديه في بعثاته الخارجية أكثر من 28 شخصاً خلال زيارته لكلاً من فرنسا وأمريكا ،كما يعتبر الشيخ الحصري أول من يبعث لزيارة المسلمين في الهند وباكستان ويقراء القرآن الكريم في أول مؤتمر إسلامي بالهند في حضور الرئيس الهندي، والرئيس جمال عبد الناصر، وحضورزعيم المسلمين بالهند في عام 1960م.
وفاته
كان الشيخ الفضيل حريصا في أواخر أيامه على تشييد مسجد ومعهد دينى ومدرسة تحفيظ للقرأن بمسقط رأسه بمحافظة طنطا، لمساعدة لرد الجميل إلي قريته التي نشأ بها، وأوصى في خاتمة حياته بتقديم ثلث أمواله في خدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه، والإنفاق في جميع وجوه البر ليتوفي بعد ذلك في ال24 من نوفمبر عام 1980م بالقاهرة، وتكتب نهاية رحلة دعوية طويلة حافلة بالإنجازات بالدعوة في سبيل الله وليتم تحقيق وصيته لاحقاً بإنشاء جمعية الشيخ الحصري للخدمات الدينية والإجتماعية، لتتواصل الدعوة تتناقلها الأجيال حتي تتحقق جميع أهدافها.