بعد «القومية للأسمنت».. شركات القطاع العام بين مطرقة التصفية وسندان التطوير

الاحد 21 أكتوبر 2018 | 06:54 مساءً
كتب : مصطفى عبد الفتاح - عمار حلمي

بعد «القومية للأسمنت»..

شركات القطاع العام بين مطرقة التصفية وسندان التطوير

جمال الديب: يجب تعويض العاملين للمغلقة بتسوية معاشهم أو توزيعهم على مصانع أخرى

النصارى: الغلق تفريط فى أموال الشعب.. وعلى الوزير اتخاذ إجراءات حاسمة أو يرحل

أبو السعد: غياب الإدارة السليمة وعدم القدرة على التطوير أدى لتدهور حالتها

اقتصادية النواب: تقادم الآلات والمعدات مع انعدام الرقابة خفض العائد لتلك المؤسسات فظهرت الخسائر

 

تُعانى عدة شركات بالقطاع العام خلال الفترة الأخيرة حالة من الركود والخسارة المتتابعة، حيث بلغت خسائر 44 شركة منها خلال العام المالى 2016-2017 نحو 7 مليارات جنيه.

 

الخسائر.. شعار المرحلة

وشركات قطاع الأعمال العام التابعة للوزارة تتوزع على 8 شركات قابضة، هى: «القابضة للنقل البحرى والبرى، وتضم تحتها 16 شركة، ومصر القابضة للتأمين، وتضم 3 شركات، والقابضة للسياحة والفنادق، وتضم تحتها 9 شركات أصغر، والشركة القابضة للصناعات الكيماوية، وتضم 18 شركة، والشركة القابضة للتشييد والتعمير، وتضم 17 شركة متخصصة، والشركة القابضة للصناعات المعدنية، وتضم 15 شركة متخصصة، والشركة القابضة للصناعات الدوائية التى تضم 11 شركة، والشركة القابضة للغزل والنسيج، التى تضم 32 شركة أخرى تعمل فى القطاع».

 

وإذا تتبعنا الخسائر فسنلاحظ أن أغلب الخسائر مرتبطة بالقابضة للقطن والغزل والنسيج وعددها 24 شركة خاسرة حيث تقدر الخسائر بـ"2.5 مليار جنيه"، إضافة إلى 10 شركات خاسرة بالقابضة الكيماوية وتقدر الخسارة بـ "2.1 مليار جنيه"، و9 شركات بالقابضة المعدنية وتقدر  بـ" 1.2 مليار جنيه".

 

كما تضم القائمة القابضة للنقل البحرى وتبلغ الخسارة نحو 80 مليون جنيه، وفى القابضة للتشيد والتعمير تبلغ الخسارة 70 مليون جنيه وهى الشركات التجارية فقط، وفى القابضة للسياحة والفنادق تبلغ الخسائر 16.8 مليون جنيه.

 

الإدارة السبب

البعض زعم أن الخسائر التى منيت بها الشركات نابعة من إداراتها الفاسدة، بل وصل الأمر بالبعض إلى اتهام عدد من مجالس إدارة هذه الشركات بتعمد خسارتها حتى تنجح شركات القطاع الخاص المنافسة لها، وطالب آخرون بضرورة محاسبة إدارات هذه الشركات وأن يتم توفير فرص عمل بديلة للعمال أو أن يتم إعطاؤهم مكافأة متميزة تعينهم على المعيشة إذا كان الحل النهائى هو التصفية.

 

كل ماسبق فتح الباب أمام اتجاه وزارة قطاع الأعمال إلى تصفية الشركات الخاسرة، لتبدأ الطريق بـ "القومية للأسمنت" التى وافقت الجمعية العمومية غير العادية لها المنعقدة مؤخرا، على تصفية الشركة التى تعد أقدم شركة حكومية لإنتاج الأسمنت فى مصر، وذلك بدعوى الخسائر التى منيت بها فى الفترة الأخيرة، ليطفو على السطح سؤال "هل ستطال التصفية قطاع الشركات الذى بناه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟".

 

سياسة التخلص

جمال الديب، مؤسس "ائتلاف منقذى عمر أفندى"، قال إن الحكومة والجهات المعنية الممثلة فى هشام توفيق وزير قطاع الأعمال لديها تصور معين للتخلص من الشركات الخاسرة، إما بتصفيتها كما تم فى الشركة القومية للأسمنت، وإما بأشياء أخرى غير ظاهرة.

 

وأضاف الديب  أن شركة "عمر أفندى" حققت نتائج ليست بالقليلة فقد تجاوزت نصف رأسمالها، وعلى الرغم من أن الخسائر كانت قليلة فى العام المالى 2017/2018 إلا أن الشركة تحتاج لدراسة مختلفة بحيث نعرف إذا كانت الشركة موجودة فى السوق أم لا وأيضًا الاستمرار من عدمه.

 

وتابع: "منذ فترة ونحن ننتظر ما سيحدث فى "القومية للأسمنت" وبالفعل استيقظنا على خبر تصفيتها، وبالنسبة للإجراءات التى سيتم اتخاذها حيال هذه الشركة أنه سيتم وضع جدول للعاملين بها وتعويضهم إما بتسوية معاشهم وإما بتوزيعهم على الشركات الأخرى".

 

رفض التصفية

وأوضح أنه كان ضمن الذين اقترحوا فتح تخارج لموظفى شركة "عمر أفندى" بمكافأة مجزية، نظرًا لأن الأعمار السنية للعاملين حاليًا أصبحت كبيرة والعمل التجارى يحتاج لشباب لديهم فكر ناضج بدلا من الذى كان سائدا، ويؤدى إلى خسارة الشركة وبالتالى يكون مردود العمل التجارى ضئيلا.

 

وأكمل الديب أنه إذا أرادت شركة "عمر أفندى" بيع أى مورد من الموارد المملوكة لها؛ فإن الشركة القابضة يكون لها نسبة من هذه الموارد، إضافة إلى أنها مدانة للشركة القابضة بـ800 مليون جنيه.

 

وواصل: "الخطة التسويقية لشركة "عمر أفندى" تبلغ 8 مليارات جنيه، ولديها 26 فرعا مملوكة والباقى مؤجر، لماذا لا نأخذ "خلو رجل" من هذه الأصول المؤجرة ونهتم بالأصول المملوكة"، مطالبا بضرورة إحلال وتجديد العمال وتدريبهم على التكنولوجيا الحديثة.

 

وشدد على ضرورة أن يتم عقد اجتماع أسبوعى مع كل شركة من شركات ومصانع قطاع الأعمال، يضم رئيس الوزراء ورؤساء مجالس الإدارات والعاملين بها؛ لتوضيح الرؤية كاملة، متابعا: "إلى الآن لا أعرف إلى أين ستذهب شركة "عمر أفندى"، فى ظل أن أكثر من 1300 موظف بالشركة- معظمهم إداريون- جمعوا توقيعات حتى يخرجوا معاشا مبكرا.

 

تفريط فى أموال الشعب

وقال صلاح النصار، القيادى العمالى السابق بشركة الحديد والصلب، إن شركات قطاع الأعمال تعد رأسمال دولة، وبالتالى فإنها ملكية عامة للشعب، وغلقها هو تفريط فى أموال الشعب.

 

وتابع: "منذ عهد مبارك والخصخصة مستمرة، فلماذا لم يتم تطوير هذه الشركات والمصانع، خاصة أن المواد الخام متواجدة على أراضينا"، مطالبًا وزير قطاع الأعمال، باتخاذ إجراءات حاسمة فى شأن هذه الشركات، وإما يترك الوزارة ويذهب.

 

مقوماتها ضعيفة

أما هالة أبو السعد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "المصريين الأحرار"، وعضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، قالت إنه ليست هناك مستندات تثبت ما أثير حول عمل رؤساء الشركات والمصانع لصالح بعض رجال الأعمال لتدمير شركاتهم ومصانعهم وبالتالى يتم تصفيتها، قائلة: "هذه الشركات تخسر منذ فترة طويلة نظرا لأن مقوماتها الإدارية وبنيتها التحتية ضئيلة للغاية، وتعانى من مشكلات جمة".

 

ولفتت عضو مجلس النواب، إلى أنه من البداية فإن مصانع وشركات قطاع الأعمال العامة لا يوجد بها إدارة صحيحة، وأيضا العجز وعدم القدرة على "التطوير" ولاسيما التطوير التكنولوجى والإدارى، ما أدى لتدهور حالتها.

 

لا بديل

وأوضحت، أنه فى ظل كثرة الخسائر الفادحة فى قطاع الأعمال العام، لا يوجد سوى حلين إما التصفية أو إعادة التطوير، لافتة إلى أن إعادة تطوير المصانع تستلزم موارد مالية طائلة، فضلا عن الاستثمارات الضخمة.

ونوهت بأن مصر لا تمتلك هذه الاستثمارات، وبالتالى لا يمكن إعادة تطوير المصانع من جديد، فالحل الوحيد هو "التصفية".

 

وكشفت النائبة عن أن هناك بعض الشركات والمصانع التى تصلح للتطوير وإعادة هيكلتها مرة أخرى حتى تشعر بالنجاح، فى الوقت ذاته يوجد مثلها لا يصلح للتطوير لكثرة الخسائر المحاطة بها وإهلاك مواردها المالية والبشرية، ففى هذه الحالة تكون التصفية حلا مرنًا.

 

وأشارت إلى أن قطاع الأعمال يتضمن العديد من الشركات والهيئات التى تصلح للهيكلة مرة أخرى ومن ضمنها "المحاجر- المناجم" فمن الممكن أن يتم تطويرها ثانية وتدريب العمالة لمواكبة التطور الجديد، نظرا لأن قطاع الأعمال كان طوال الوقت يستنزف جهد العمال دون استحداث أو تدريب ولا سيما التدريب التكنولوجى.

 

وأكدت أبو السعد، أن الأهم مصير العاملين فى قطاع الأعمال العام، موضحة أن مصير العمال معلق بين أمرين إما تسوية المعاش وإما أن يتم ترحيلهم لمصانع أخرى، رافضة تسريح العمال بدون محفزات.

 

عدم الخبرة

فيما قال اللواء حسن السيد، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن سبب تصفية مصانع وشركات قطاع الأعمال العامة يرجع إلى عدم الخبرة الكاملة لدى الإدارة، إضافة إلى تقادم الآلات والمعدات الأمر الذى ينتج عنه عدم توفير رؤوس أموال لإدارة تلك المؤسسات، وبالتالى تظهر الخسائر.

 

وأوضح عضو لجنة الشئون الاقتصادية، أن الكثير ينادى باستغلال موارد شركات ومصانع قطاع الأعمال فى إعادة تطويرها، لافتا إلى أن الدولة بدورها قامت بإنشاء الصندوق السيادى بهدف التصرف فى الأصول غير المستغلة من أراض وغيرها، لإعادة هيكلة المصانع.

 

واستطرد: "المصانع التى تخسر مبالغ فادحة لا عبرة بوجودها، خاصة فى ظل الاكتفاء الذاتى من السلعة التى ينتجها المصنع أو الشركة".

 

الرقابة منعدمة والعامل مظلوم

وأشار النائب إلى أن دور الرقابة منعدم، حيث يجب على وزارة قطاع الأعمال أن تشكل فريقا رقابيا على مستوى من الخبرة والشفافية بحيث لا يسمح لأحد أن يتصرف حسب أهوائه الشخصية وبالتالى تقع هذه الشركات فى حفرة الخسائر والديون، مطالبًا الدولة أن تنظر إلى العمال بعين الرحمة، وتضع لهم بدائل تعويضية،: "إما أن توفر لهم عملا فى مصانع بديلة، وإما أن تخرج هذا العامل معاشا مبكرا مع استلام المكافأة القانونية الخاصة به، وحقوقه كاملة".

 

وقال إن هناك العديد من المصانع التابعة لقطاع الأعمال العامة، المعرضة للتصفية فى أى وقت ومن ضمنها مصنع النقل والهندسة للإطارات بمحافظة الإسكندرية، الذى كان يعد المصنع الوحيد فى مصر لإنتاج الإطارات بمختلف مقاساتها، وظل هذا المصنع يعمل حتى تهالكت معداته وتم بيع الأراضى المملوكة له لتشييد أبراج، ومصنع المصرى للسيارات المغلق منذ عام 2008، ومصنع الحديد والصلب بحلوان، متسائلا: "أين أموال الأراضى التى تم بيعها والتى كانت مملوكة لمصانع قطاع الأعمال ليتم التطوير بها؟".

 

وطالب الحكومة وكافة الجهات المعنية بضرورة الاهتمام بهذه المصانع وإعادة هيكلتها وتطويرها، متابعا: «إعادة تطوير هذه مصانع وشركات قطاع الأعمال العامة هو الحل المناسب وفى الوقت ذاته صعب تنفيذه، لكن متخذى القرار يسلكون الطريق السهل ويقومون بالتصفية، فالتصفية حل سهل بالنسبة للمفلس الذى لا يسعى لتحقيق النجاح.

 

وأكد السيد، أن مصر لديها عمال مدربون على أعلى مستوى، وأن كل ما نحتاجه هو ماكينات حديثة تساير الإنتاج الحديث وخامات تسهل عملية الإنتاج، علاوة إلى إدارة ذات خبرة وكفاءة عالية لإدارة المنظومة، مقترحا إمكانية الاستعانة بالخبرات الأجنبية.

 

ولفت إلى أنه سيتقدم بطلب إحاطة فى هذا الشأن إلى الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، خلال دور الانعقاد الحالى.

 

موضوعات متعلقة:

بالأسماء.. مصانع قطاع الأعمال المقرر تصفيتها من قبل الحكومة

بعد تصفيتها.. طلب استجواب لوزير قطاع الأعمال بشأن القومية للأسمنت

السيسي يوجه بوضع خطة متكاملة لتطوير شركات قطاع الأعمال

اقرأ أيضا