جاء الانسحاب الأمريكي من سوريا مخيبًا لآمال البعض ومنصفًا للآخر، خاصة تركيا، والتي استطاعت بهذا الانسحاب أن تنفرد بالأكراد الذين كانوا تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت تمنع أردوغان من الثأر منهم، خاصة وأنّ أنقرة تضعهم في قائمة الإرهابيين الذين يجب التخلص منهم.
الأكراد لم يجدوا أمامهم حلًا بعد التهديدات التركية بقتلهم ودفنهم، سوى اللجوء إلى الرئيس السوري بشار الأسد لحمايته من بطش تركيا، خاصة وأنّ الجيش السوري حقق العديد من الانتصارات خلال الفترة الماضية مما يمكنه من الوقوف ضد تركيا بل والسماح له بالدخول للأراضي الكردية تحت مسمى الحماية.
طلب الحماية
نيويورك تايمز الأمريكية خرجت في تقرير لها، قالت إنّه بعد شعور أكراد سوريا بالخيانة من قبل الولايات المتحدة التى أعلنت سحب قواتها من البلاد، ذهبوا لطلب حماية الحكومة السورية لهم من هجوم مزمع من قبل تركيا، مشيرة إلى أن طلب الأكراد حماية الرئيس بشار الأسد لهم، فاجأ بعض المسئولين فى الولايات المتحدة خاصة أنه ربما يفتح الطريق لقوات الأسد، مدعومة من روسيا وإيران، لإعادة الاستيلاء على الأجزاء الكردية من البلاد بالقرب من الحدود التركية.
وتحقق مثل هذا الاحتمال سيكون خطوة كبيرة فى هدف الأسد استعادة السيطرة على كامل سوريا، بعد ثمان سنوات من الحرب، كما كانت أول علامة على أن إعلان الرئيس الامريكى دونالد ترامب المفاجئ، الأسبوع الماضى بسحب القوات الأمريكية من سوريا، لم يقف عند تحويل التحالفات فى الصراع فحسب، بل إنه أفاد بشكل مباشر الأسد.
دخول منبج
الغريب في الأمر أنّه بعد صدور الأخبار التي أفادت بطلب الأكراد للحماية، انتشرت تقارير من دمشق تفيد بوصول قوات النظام السوري إلى مدينة منبج التابعة لمدينة حلب، والتي تقع تحت سيطرة الأكراد، بالرغم من أنّ الجيش السوري نفى دخول قواته المدينة لكنّها على وشك الوصول، الأمر الذي يضع تركيا في مأزق كبير.
ودعت وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أمريكياً، الحكومة السورية لإرسال قوات إلى مدينة منبج القريبة من الحدود التركية، وهو الطلب الذى وصفته نيويورك تايمز بأنه بمثابة قيام حليف للولايات المتحدة بدعوة عدو للولايات المتحدة لحمايته من حليف أمريكى آخر، وهى تركيا.
وتنظر تركيا إلى وحدات حماية الشعب الكردية باعتبارهم متمردين خطرين يدعون لانفصال أكراد تركيا وتشكيل دولتهم المستقلة، بينما تعتبرهم الولايات المتحدة شركاء قيّمين فى المساعدة على طرد داعش من سوريا - الهدف الأصلى للانتشار العسكرى الأمريكى قبل أربع سنوات.