أثارت مشكلة أخذ الأعضاء من المتوفين في المستشفيات العامة جدلًا واسعًا، خاصًة بعد التصريحات الأخيرة التي أدلي بها عميد كلية "قصر العيني"، الدكتور فتحي خضير، بجواز أخذ الأعضاء من المتوفى، دون أخذ إذن من أهاليهم، مبررًا ذلك بوجود قانون يدعم هذا الأمر.
موقف القانون
قال المحامي عمرو عبدالسلام، إنه تابع التصريحات التي أدلى بها الدكتور فتحي خضير، عميد كلية طب "قصر العيني" عن قضية نزع قرنية أحد المتوفين، موضحًا أن هناك جرائم ترتكب تحت غطاء قانوني.
وأوضح عبدالسلام، في تصريحات لـ"بلدنا اليوم"، أن نزع قرنية الموتى بالمستشفيات العامة دون موافقة أهل المتوفى جريمة قانونية وأخلاقية مقننة، وتتنافى مع جميع المواثيق الدولية، والأديان السماوية، التي تحفظ للإنسان حرمة جسده حيا أو ميتا، ويتنافى أيضا مع المادة 61 من الدستور.
أضاف أن القانون الصادر عام 1962، والمعدل عام 2003، يبيح نزع قرنية الموتى داخل بعض المستشفيات الحكومية، من موتى فقراء الشعب وإدخالها في بنوك العيون، وصدر في جلسة من قبل السلطة التشريعية في البلاد ،ولم يكن أحد يعلم به.
تابع: "ما يحدث من جرائم أخلاقية تنتهك حرمة أجساد الموتى من الفقراء باسم القانون يحتاج رد فعل قانوني، لإلغاء هذا القانون المشبوه، وإلا سيتم تعميم تلك الجرائم، والعبث بأجساد الموتى".
موقف الدين
وفي نفس السياق، قال الدكتور أحمد شبل، الأستاذ بجامعة الأزهر، إن التبرع بالأعضاء البشرية يعتمد على إذن الميت، قبل موته، أو إذن الورثة، وأن تكون حياة المتبرع له متوقفة على هذا العضو، بالإضافة إلى عدم المتاجرة فيه، على أن يكون كل هذا بموافقة القانون.
أضاف شبل، في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، أنه لا يوجد نص شرعي صريح على عدم جواز التبرع بالأعضاء، وإنما هذا اجتهاد من الفقهاء، إعمالًا للقواعد العامة التي جاءت في جسم الإنسان، ورجوعا لقاعدة أصولية بدفع إحدى الضررين، إذا كان أحدهما كبير والآخر صغير، ولا يمكن دفع أحد الضرررين إلا بارتكاب الصغير فلا مانع من ذلك.
استطرد: "الضرر الكبير هو أن هناك إنسان حي، وذلك الإنسان سيعيش حياته مشوها أو سيظل معذبا في حياته، لأن لديه عضوا قد تضرر أو مرض، والضرر الصغير هو أخذ عضو من إنسان ميت، وهذا هو الضرر الأقل".
وأشار إلى أن الشريعة بنيت على خمسة مقاصد، وهي المقاصد الرئيسية التي جاءت في الشريعة متمثلة في حفظ الدين والعقل والنسل والعرض والنفس، فحفظ الإنسانية من الضروريات التي جاء بها الإسلام، مؤكدا أن في حفظ النفس التي لازالت على قيد الحياة وتحتاج إلى عضو من الأعضاء البشرية الموجودة في إنسان لا شيء فيه، بالشروط التي وضعها الشرع، وهذا في حالة موت المتبرع، أما في حالة الحياة فلها شروط أخرى غير هذه الشروط.
موقف نقابة الأطباء
كما قال الدكتور رشوان شعبان، الأمين العام المساعد بنقابة الأطباء، إنه لا يجوز أخذ أعضاء المتوفين، إلا بإذن المريض، قبل الوفاة، أو بإذن ورثته بعد الوفاة.
أضاف الأمين العام المساعد بنقابة الأطباء، أنه لا يوجد قانون ينص على جواز أخذ الأعضاء من المتوفين، بغير إذنهم قبل الوفاة، أو إذن أهاليهم، مشيرًا إلى أن ما يحدث في المستشفيات الآن، مثل هذه الوقائع يعتبر شيئًا إجراميًا.
كان الدكتور فتحى خضير، عميد كلية طب القصر العينى، إن قرنية العين لا تنتزع من المتوفى، لكن يؤخذ منها الجزء السطحي لإنقاذ حياة المرضى، الذين يتم علاجهم بالمجان داخل "قصر العيني"، وهذا الجزء لا يؤثر إطلاقا على شكل العين أو تحمل أي إهانة للجثة.
أضاف خضير، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "العاشرة مساءً" المذاع عبر قناة دريم، مع الإعلامى وائل الإبراشي، أن القانون يتيح للمستشفيات الحكومية ذلك، التي بها بنك العيون، وتابع: "لو مخدناش الجزء السطحي هيكون فيه آلاف من المرضى هيعانوا من العمى، ومش قادرين يتعالجوا لأن مفيش قرنيات، وفي نفس الوقت الشركات المستوردة للقرنيات تضع فيها مبالغ رهيبة من الدولارات".
وأوضح عميد كلية طب قصر العيني، أنه تم شرح ذلك الأمر لأهل محمد عبدالتواب عبداللطيف، البالغ من العمر 48 عاما من أهالي عين شمس، والذي توفي داخل مستشفى قصر العينى، وتقدموا ببلاغ يتهمون المستشفى بسرقة القرنية وقتل المريض، وتم إعطائهم نسخة من القانون، الذي يسمح بالحصول على الجزء السطحي من قرنية عين المتوفى.
فيما كشف أحمد عبدالتواب، شقيق شاب توفي في مستشفى "قصر العيني"، أن شقيقة دخل المستشفى ليجري عملية في القلب، وتم سرقة قرنية عينه، مضيفا: "هما سرقوا القرنية قبل ما يتوفى، وأنا شفت القانون اللي بينص على أخذ الجزء السطحي من القرنية، في حالة عدم وجود أهل للحالة".