بهزيمة العدو الإسرائيلي فى العاشر من رمضان، الموافق السادس من أكتوبر عام 1973، على أرض الفيروز، وقف العالم أجمع صامتًا أمام هذه اللحطة التاريخية العظيمة، حيث عبر الجيش المصري قناة السويس، واستطاع اجتياز خط بارليف واستعادة سيناء من يد المحتل الإسرائيلي، ورفع رؤوس العرب عالية، خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة وأُجبرت إسرائيل على التخلِّي عن العديد من أهدافها.
«الترابط العربي».. يقف عائقًا أمام الدعم الأمريكى لإسرائيل
يجب أن نكون متفقين تمامًا بأن البترول سلاح تدمير شامل بأيدي العرب لدعم قضاياهم، وذلك ما تم فى أحداث حرب أكتوبر 1973؛ فلم تقف مصر في وجه العدو بمفردها بل كانت هناك مساعدات عربية، وشاركت فيه الدول العربية بالدعم المادى واللوجستى وإعلان حظر تصدير النفط، ولقد كان الملك فيصل هو الفارس الأول الذي خاض معركة المواجهة ضد الاحتلال الصهيوني مع أشقائه العرب وتوالت المساعدات العربية وإعلان حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة من دول العراق، وليبيا، والإمارات العربية المتحدة، ودول عربية أخرى، مما خلق أزمة طاقة في الولايات المتحدة الأمريكية..
وفى تلك السطور نستعرض دور النفط العربى فى الوقوف أمام الدعم الأمريكى لإسرائيل.
هكذا كانت أمريكا بعد وقف صادرات النفط
بعد قرار الدول العربية بوقف صادراتها من النفط إلى الولايات المتحدة والتى تمثل نحو ثلثي واردات الولايات المتحدة من النفط، تحول المشهد إلى أزمة طاقة مخيفة داخل أوساط الولايات المتحدة، حتى توصل الأمر في بعض محطات الوقود إلى بيعه لزبائن بعينهم قبل تفاقم الأزمة، بينما نشرت لافتات تشير إلى ضرورة ترشيد الاستهلاك وخفض السرعات وإطفاء المصابيح، في حين ظهرت صورة لرجل يحمل مسدسًا مع طفله مهددين أى "لص" يحاول سرقة وقود سيارتهم، وتضاعفت أسعار النفط الخام العالمية نحو أربع مرات بالمقارنة مع بداية الأزمة، فيما كان الوضع أكثر تعقيدًا بالنسبة للولايات المتحدة التي طبقت سياسة مالية توسعية، مما زاد من استفحال التضخم.
الموقف السعودى ورد الملك فيصل على وزير الخارجية الأمريكى
لقد كانت للسعودية وقفة جادة فى مقاطعة الدول الداعمة لإسرائيل ودعم الدولة المصرية، عندما قطع الملك فيصل النفط عن الغرب وأمريكا فى حرب أكتوبر 1973، وحديثه مع كسنجر، وزير الخارجية الأمريكى عندما التقى بالملك فيصل فى جدة ليقنعه ويرجوه إعادة ضخ النفط إلى الولايات المتحدة، وقال له مداعبًا: "يا جلالة الملك إن طائرتى تقف هامدة فى المطار بسبب نفاد الوقود فهل تأمرون جلالتكم بتموينها؟".
ورد عليه الملك فيصل قائلاً "إن أمنيتى أن أصلى ركعتين فى المسجد الأقصى قبل أن أموت، فهل تساعدنى دولتك؟" وبعد ذلك قال له الملك فيصل دعنا نخرج الآن أمام الصحفيين، وتقول ما قلته بأن إسرائيل كانت معتدية، فإذا قلتها فسوف يصل النفط إلى أمريكا خلال 48 ساعة.
حزم كسنجر أمتعته وغادر المملكة، وما أن وصل واشنطن حتى قال للرئيس الأمريكى إنه لم يتمكن من إقناع الملك فيصل بذلك، فاتصل الرئيس الأمريكى وقدم الدعوة بالتسوية.
الدور التاريخى للشيخ زايد ومقولته المشهورة: البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي
لم تتوان باقى الدول العربية فى الدعم؛ حيث سطّر التاريخ الدور المشرف لدولة الإمارات ومساندة مصر خلال حرب 6 أكتوبر، ولقد كان لها بصمات إيجابية جعلت من خلالها اسم الشيخ زايد محفورًا بقلب كل عربى حتى ظلت كلماته تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، حيث قال: «البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي».
ولقد كان لدولة الامارات دور مهم فى الدعم الاقتصادى والدعم الطبى، حيث أمدّ الشيخ زايد مصر بعدد كبير من غرف إجراء العمليات الجراحية المتنقلة، وإرسال مواد طبية وعدد من عربات الإسعاف، واكد أن المعركة هى معركة الوجود العربي كله ومعركة أجيال كثيرة قادمة علينا أن نورثها العزة والكرامة.
الدور الحربي للعراق وليبيا
لم يتخل العراق عن واجبه العروبي تجاه العرب وأرسلت العراق جنودًا بدباباتهم إلى سوريا، بالإضافة إلى خطة تقديم الدعم التكتيكى للقوات البرية وخطط إنزال جوى وخطة الاستطلاع والتصوير الجوى بما فى ذلك المهام الطارئة كمكافحة الإنزال الجوى والبحرى وإخلاء الجرحى، بالإضافة إلى خطة التعاون بين الطيران والصواريخ والمدفعية للدفاع عن العمق وتغطية القوات المقاتلة.
وشاركت ليبيا التى كانت تمثل بمساحتها الشاسعة وإمكاناتها المادية والجغرافية عمقاً استراتيجياً لمصر، فساهمت ليبيا فى المجهود الحربى، كما شارك سلاح الجو كذلك السلاح البرى بالإضافة إلى سلاح الإشارة.
"سويلم": السادات استطاع لم الشمل العربي
من جانبه، قال الخبير الأمني والإستراتيجي اللواء حسام سويلم، والمدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية وأحد أبطال حرب أكتوبر، إننا نحتفل اليوم بأعظم انتصار، مضيفًا: "الرئيس الراحل محمد أنور السادات استطاع لم الشمل العربى وتحقيق الأهداف والمهام المطلوبة من أجل تحرير أرض الوطن".
وأوضح سويلم، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم "، أن الرد المصري كان قاسيًا على الإسرائيليين بعد هزيمة 1967 التى كانت لأسباب سياسية خارج إرادة الجيش، وبعد ان فشلت كل المحاولات السياسية فكان لابد من اللجوء للقوة وكسر نظرية الأمن الإسرائيلي.
وأشار الخبير الأمني إلى أن الموقف العربى كان ظاهرًا فى الدعم المالى والحربى لمصر، والضغط على الولايات المتحدة من خلال سلاح النفط، ولا ننسي موقف دولة الإمارات التى اقترضت 50 مليون دولار لمساندتنا، والمساندة العراقية وإرسال دولة الجزائر طائرات حربية.
"مسلم": قرار الحرب كان ضروريًا
وفى نفس السياق، أكد اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، أن قرار الحرب كان ضروريًا، نتيجة فشل عملية السلام، متابعًا: لذلك لابد أن نسترد سيناء كاملة بدون معاهدة سلام".
وأشار مسلم، إلى أن جميع الدول العربية ساندت مصر وسوريا، وقد أرسلت الجزائر سربًا من الطائرات، وشاركت ليبيا والعراق بإرسال طائرات ودبابات وخلق السعودية حالة كبيرة من الضغط الاقتصادي والسياسي على الولايات المتحدة وذلك بعد إعلان حظر تصدير النفط.