التشريعات تعود للبرلمان..
مصير 5 ملايين مواطن رهن تعديلات الحكومة
تجاهل التنويهات قبل تمرير مشروعات القوانين عطل تنفيذها.. والسيسى يوجه بتلافى العوار
المشد: مناقشة النقاط الخلافية فى لجنة خاصة.. وملاحظات فى صالح البحث العلمى بمصر
عبد العزيز: مناقشة التعديلات لن تستغرق الكثير تمهيدا لطرحها على الجلسة العامة
وافق مجلس النواب خلال العام الجارى على قانونين يُمسان مصير 5 ملايين مواطن، حيث كان الأول هو التجارب السريرية، والثانى هو منظمات المجتمع المدنى، لكنهما للأسف شهدا جدلا كبيرا من الجهات والأشخاص المرتبطين بهما، والذين اعتبروا أنهما بمثابة تقييد للعمل، وتراجع كبير لمصر إلى الخلف، الأمر الذى نتج عنه تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى ورفضه لهما، وردهما إلى مجلس النواب؛ لإعادة مناقشة نقاط الخلاف قبل الإقرار.
قانون التجارب السريرية منذ أن طرح فى مجلس النواب وهو محل جدل كبير، حيث هدف إلى تعزيز التجارب الدوائية البحثية فى مصر لوضعها على خريطة الأبحاث العلمية من خلال تحسين مستوى البحث العلمى واكتشاف الأدوية وتجربتها فى مصر.
القانون فى الواقع تعرض للصدام، فقد وافقت لجنة الصحة فى البرلمان على مشروع القانون؛ عقب مناقشته بحضور وزير الصحة وعدد من الخبراء فى دراسات الأبحاث الإكلينيكية، ليحال إلى العرض على اللجنة العامة، فى حين أن لجنة التعليم والبحث العلمى طالبت بمناقشة مشروع القانون، وأكدت أنه كان من الأحرى أن يحال إليها لدراسته، وليس إلى لجنة الصحة، كما أن المجلس الأعلى للجامعات هو الآخر أكد أن القانون فى حاجة إلى تعديلات كثيرة؛ لأنه يضر بالبحث العلمى فى مصر.
لجنة الصحة بالبرلمان قالت- وقتها- إن القانون هدفه حماية المصريين من استغلال الشركات العالمية لتجارب الدواء، موضحة أن الهدف الرئيسى للقانون هو تقنين هذه التجارب، بينما قالت لجنة التعليم إن القانون به ثغرات كثيرة، وسيقتل البحث الطبى فى مصر بشكل كبير، ومن بين هذه الثغرات، أنه لا يسمح بإجراء الأبحاث السريرية على المرضى، كما أنه لا يسمح بإرسال العينات إلى الخارج حيث توجد أجهزة حديثة يتم اختبار العينات عليها، ونحن للأسف لا نمتلكها هنا، فضلا عن أنه يغلظ العقوبات على الباحثين من الأطباء.
وشمل القانون 35 مادة، أبرزها عدم إجراء البحث الطبى على مجموعة معينة من البشر أو فئات مستحقة الحماية، إضافة إلى عقوبة السجن "مدة لا تقل عن 10 سنوات" وغرامة تصل إلى مليون جنيه "56 ألف دولار أمريكى"، لكل من يجرى بحثا طبيا إكلينيكيا دون الحصول على موافقة، ويترتب عليه حدوث عاهة مستديمة أو وفاة.
البرلمان وافق على القانون فى مايو الماضى، لكن الرئيس السيسى رفض التصديق عليه فى شهر أكتوبر الماضى، حيث جاء اعتراضه على تزايد الشد والجذب فى العديد من الأحكام الخلافية بين تأييد مفرط ونقد متشدد، فضلًا عن ورود رسائل إليه من العديد من الدوائر العلمية والمهنية المعنية بها تشير إلى استمرار حالة الجدل داخل وخارج البرلمان لعدد غير قليل من نصوص المشروع.
وقد جاء الاعتراض على بعض مواد مشروع القانون، وأبرزها المواد 4 و 5 و 9 11 19 20 22، ومواد تشكيل المجلس الأعلى بمشروع القانون، وقرر رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال إحالة النصوص محل الاعتراض وأسبابها للجنة العامة للمجلس؛ لدراسة مشروع القانون المعترض عليه، وإعداد تقرير بشأنه.
سامى المشد، أمين سر لجنة الصحة بمجلس النواب، قال إن النقاط التى علق عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى هى التى سيتم مناقشتها عبر لجنة خاصة فى المجلس وليس كل القانون، مشيرًا إلى أن القانون قد تم الانتهاء من صياغته.
وأضاف أمين سر لجنة الصحة أن القانون أنشأ فى الأساس لكى يتم مواجهة قضية التجارب السريرية التى كانت تحدث فى مصر دون علم المريض والجهات المختصة، موضحًا أنه عند إنشاء قانون لتقنين هذا الوضع وحماية المريض المصرى؛ انتفض أصحاب المصلحة ضده.
وتابع المشد أن الملاحظات التى أبداها الرئيس السيسى هى ملاحظات واقعية وتسهل من عملية البحث العلمى فى مصر، وتزيل جميع المعوقات من أمام الباحثين، خصوصًا فيما يتعلق بالإجراءات التى يأخذها الباحث كى يقوم بتنفيذ بحثه.
وأشار إلى أن رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال وافق على تكوين اللجنة بالفعل وهى تعمل حاليًا على معالجة النقاط محل الخلاف وملاحظات الرئيس، وبعد تعديلها؛ سترحل إلى الجلسة العامة لمناقشتها والموافقة عليها، مؤكدًا أن القانون يحمى حق المريض المصرى وكل خطوة فيه تتم بموافقة المريض فهو يحمى حرمته.
وفى السياق نفسه، لم يخل قانون الجمعيات الأهلية هو الآخر من عدم الرضا من قبل المطبق عليهم؛ الأمر الذى دفع الرئيس السيسى خلال مشاركته فى فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ إلى تشكيل لجنة وإجراء حوار مجتمعى حول قانون الجمعيات الأهلية، وأن تعيد الجهات المعنية فى الدولة تقديم القانون مرة أخرى إلى مجلس النواب.
حقوقيون كثر أكدوا أن القانون مخالف للمعايير الدولية والدستور المصرى، واعتبروا أنه بمثابة انتهاك جسيم لحرية المجتمع المدنى، مبينين أنه أعطى سلطات واسعة للجهات الرقابية وسمح لها بأن تتدخل فى عمل الجمعيات وهو ما اعتبروه قيودًا غير مبررة.
كما أقر القانون أنه يتعين على الجمعيات توفيق أوضاعها طبقًا لشروط فضفاضة للتسجيل، منها عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومى والنظام العام، وأن تقوم جهة مختصة بالبت فى ما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع وخطط الدولة فى التنمية من عدمه، حيث اعتبروا أن هذا الشرط عودة صريحة لقانون الجمعيات الأسبق رقم 32 لسنة 1964 والمعروف بقانون تأميم العمل الأهلى.
وبناء على الاعتراضات السابقة؛ رفعت نحو 6 أحزاب سياسية و22 منظمة حقوقية مذكرة إلى الرئيس السيسى، معبرين عن رفضهم للقانون، لأنه سيقوم بالقضاء على المجتمع المدنى، ويحيل أمر إدارته للحكومة والأجهزة الأمنية، ووقع المعترضون بيانًا عبروا فيه عن تعجبهم الشديد من تشابه القانون الذى قدمه نواب المجلس مع قانون الحكومة الذى رفضته هذه الجهات والمنظمات سابقًا، بل تخطى القانون درجة القمعية بشكل كبير، معتبرين أنه سيكون سببا فى مذبحة مؤكدة للجمعيات الأهلية العاملة فى مجال التنمية والخدمات الاجتماعية المشهرة بالفعل.
النائب بدير عبدالعزيز قال إن قانون الجمعيات الأهلية هو القانون الوحيد الذى اقترحه النواب بنسبة 100% وهو صناعة برلمانية كاملة، موضحًا أنه أثناء مناقشة القانون فى أروقة مجلس النواب حضر ممثلون عن الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى المتضررين من القانون حاليًا، قائلًا: "القانون ده خد حقه وبزيادة أثناء المناقشات".
وأضاف النائب أن القانون به ضوابط حاكمة ومشددة على عمليات التمويل الخارجى لهذه الجمعيات والمنظمات، الأمر الذى سبب مشكلة كبيرة لمن كان يتلقى أموالا وبكثرة من الخارج، متابعًا: "طالما أنت شغال فى النور هتخاف من إيه؟، لكن هتشتغل فى الخفاء؛ هنراقبك".
وأشار عبدالعزيز إلى أن الحكومة تريد أن تعطى جزءا من المرونة فى نقطة التمويل هذه، مكملًا: "للأسف التمويل ده هو اللى خرب بيتنا ووصل فى بعض الأحيان أنه كان يأتى على شكل بضاعة تباع، ويتم توريد ثمن هذه البضاعة إلى الجمعية أو المنظمة".
وأوضح أن مناقشة القانون لن تستغرق الكثير من الوقت، حيث سيتم تسليط الضوء على مجموعة البنود التى يبحثون عن تعديلها، وبعدها يتم عرضه على الجلسة العامة وإقراره.