مازال صدى خروج القوات الأمريكية من سوريا حديث الساحة العالمية، خاصة وأنّ أسباب الخروج لم تكن مقنعة للكثيرين، وهذا الأمر كما ذكره الكثير من الخبراء سيكون له صدى وآثار كبيرة في الشرق الأوسط، وتحديدا في سوريا خاصة وأنّ خروج أمريكا يعني أنّ ميزان القوى في سوريا يعاد ترتيبه من جديد، لكن الرابح في تلك المعركة على رأسهم روسيا وتركيا اللتان استفادتا بشكل كبير من هذا الانسحاب.
في الرابع عشر من ديسمبر الحالي، كان هناك اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكما ذكر العديد من الخبراء أنّ تلك المكالمة كانت سببا في القرار الأمريكي بخروج قواته من سوريا، واستقالة وزير الدفاع الأميركي ثم المبعوث الخاص للتحالف الدولي ضد داعش.
المكالمة الهاتفية
وبحسب ما نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن أردوغان كرر على ترامب، في المكالمة الهاتفية، ما سبق وقد قاله في لقائهما بقمة العشرين بشأن "عجزه عن فهم سبب استمرار الولايات المتحدة في تسليح ودعم المقاتلين الأكراد السوريين لشن حرب برية ضد داعش"،
وبالنسبة لتركيا، التي تتقاسم حوالي 822 كيلومترا (511 ميلا) من الحدود مع سوريا، تشكل عناصر قوات سوريا الديمقراطية تهديدا لأمنها القومي، بتحالفهم مع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة إرهابيا.
وفي المحادثة الهاتفية، قال أردوغان إن داعش، بحسب ما يقول ترامب نفسه، قد هُزم. و"أن الجيش التركي قوي بحيث يمكن أن يتولى أي جيوب مسلحة متبقية. لماذا لا يزال هناك حوالي 2000 جندي أميركي هناك؟"، في إشارة إلى المنطقة الواقعة شرق الفرات في سوريا.
فقال ترامب "تعرف ماذا؟ هي (سوريا) لك، أنا سأغادر".
الوعد
ويأتي ما نشرته "واشنطن بوست" متوافقا مع ما نشرته صحيفة "حرييت" التركية، ووكالة أسوشيتدبرس بشأن اتخاذ ترامب قرار سحب القوات الأميركية من سوريا خلال مكالمة هاتفية مع أردوغان، بعد أن تعهّد الأخير بالاستمرار في "مكافحة الإرهابيين".
وأفادت الصحيفة التركية، نقلا عن محضر المكالمة، بأن ترامب سأل نظيره التركي "هل ستتخلّصون من فلول داعش إذا ما انسحبنا من سوريا؟".
فردّ عليه أردوغان بالقول: "سنتولّى الأمر"، مذكّرا نظيره الأميركي بأنه سبق لتركيا أن "قضت على 4 آلاف عنصر" من تنظيم داعش خلال عملية درع الفرات التي شنتها في 2016، حسب تعبيره.
إلا أن عملية "درع الفرات" لم تقتصر على استهداف مسلحي داعش، بل كان المقاتلون الأكراد هدفا رئيسيا لها. كما تلتها عملية أخرى في عفرين أخرجت القوات الكردية منها لحساب فصائل المعارضة المدعومة من أنقرة.
التعاون الأكثر فعالية
وجرت هذه المكالمة الهاتفية في 14 ديسمبر. وقالت وقتها مصادر في الرئاسة التركية إن الرئيسين اتفقا على "تعاون أكثر فعالية" في سوريا.
وبعد هذه المكالمة، طلب ترامب من مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي كان أيضا على الخطّ خلال الاتصال "البدء بالعمل" على الانسحاب، وفق ما جاء في صحيفة "حرييت".
وبعد ثلاثة أيام من المكالمة، اتصل بولتون في 17 ديسمبر بالمستشار الرئيسي لأردوغان إبراهيم كالين لإعلامه بأن "التحضيرات جارية لسحب" القوات الأميركية، بحسب المصدر عينه، وأعلن ترامب عن هذا القرار رسميا في 19 من الشهر.
شن هجوم
ودارت هذه المناقشات إثر تهديد تركيا أكثر من مرّة بشنّ هجوم جديد في المنطقة الواقعة شرق الفرات في سوريا ضدّ وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيس لقوات سوريا الديمقراطية، التي تصنّفها أنقرة في عداد المجموعات "الإرهابية"، في حين تعدّها واشنطن حليفا لها في حربها ضدّ تنظيم داعش.
وينتشر الآن نحو ألفي جندي أميركي في شمال سوريا، أغلبيتهم من القوات الخاصة المكلّفة باستهداف تنظيم داعش وتدريب القوات المحلية في المناطق المستعادة من الإرهابيين.
ويبدو أن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا التي تأزّمت خصوصا بسبب الدعم الأميركي لقوات حماية الشعب الكردية في سوريا، هي في طور الحلحلة.