”ليلة بكى فيها الاحتلال”.. الضفة تنتفض وإسرائيل تثأر بالهدم

السبت 15 ديسمبر 2018 | 12:55 مساءً
كتب : قسم التقارير

وقفوا بجوار بعضهم البعض في شوارع خالية، تتساقط دموعهم في صمت، اختفت ملامح وجوههم وسط غبار التراب، ملأ العجز قلوبهم، أحلامهم باتت تتساقط أمام عيونهم، بيت قضوا فيه أعمارهم، فبين جدرانه تعالت ضحكاتهم شهد على أفراحهم وأحزانهم، هاهو الآن لم يعد سوى حجارة متهالكة على الأرض.

 

احتلال غاصب سرق الأرض والعرض، قتل الشباب وسجن الرجال ويتّم الأطفال، واجه الحجارة بالرصاص كل ذلك من أجل استمرار سرقة الوطن، لكن فشبابه ما زالوا مستمرين في محاولة الحفاظ عليه، قديمًا كانت الحجارة السلاح الوحيد، ولم يعد منها جدوى، فاتجهوا إلى السكاكين في العمليات الفردية، لكن الحل الأكبر كان في مواجهة الرصاص بالرصاص، فكان سببًا قويّا لإلقاء الرعب في قلوب الكيان المحتل وشعبه.

 

في هذا التقرير نسير بخطى بسيطة حول ما يحدث في أرض فلسطين منذ يومين وتحديدا في الضفة، فما بين عمليات من شباب فلسطينيين، رد الاحتلال عليها باغتيالات وعمليات هدم، نهاية بالخوف والقلق بإسرائيل:

انتفاضة الضفة

ليالي عديدة نام فيها أبناء شعب الاحتلال والخوف يملأ قلوبهم، بسبب العمليات التي بدأت  المقاومة الفلسطينية في اتباعها، فاليوم، لا يذهب أحد بعيداً في إسرائيل نحو توقع انتفاضة في الضفة الغربية، فلم تعد غزة وحدها من تنتفض كل جمعة، الأمر الذي زاد من حدة القلق والتوتر إذ لا سكاكين هذه المرة، بل عادت أيام الخوف من الخروج من المنزل جراء العمليات المسلحة، التي بدأت المقاومة في اتباعها.

 

. هل هذه هي الضفة التي كاد الاحتلال أن يصفها ويتعامل معها على أنها الجزء الأكثر وداعة وتماشياً معه؟ سؤال يتبادر في أذهان الكثير من المسؤولون في إسرائيل خاصة وأنّ معظم العمليات المتعاقبة خرجت من الضفة، وبلا سكاكين هذه المرة، فالوضع بات أكبر هذه الأيام.

احتلال وقمع

ومع هذا التخوف الزائد والكبير من الاحتلال، باتت السمة العامة لأداء جنوده خلالاليومين الماضيين، مع تجدد العمليات الفلسطينية المسلحة، هي المزيد من الحصار الجماعي والقمع، وتعزيز الحضور العسكري للوحدات وانتشارها الكثيف في طرقات ومفارق الضفة والمعابر التي تربط بين أجزائها، مع مواصلة عمليات التفتيش وتعقب الفلسطينيين، وتطويق المستوطنات لحمايتها من أي «خرق»، لأن التقدير الإسرائيلي لا يستبعد فرضيات تجاوز أسوارها.

 في الموازاة، عمل الاحتلال أيضاً على الانتشار في محطات الحافلات ومراكز نقل الجنود في المناطق المختلفة من الضفة، وتحديداً ما يراه الأكثر إثارة للقلق جغرافياً، كما أسس لأكثر من 120 دشمة عسكرية دفاعية، في أكثر من عشرين نقطة انتشار على المفارق الرئيسية للضفة، ولم يكفها كل تلك الإجراءات بل زادت أيضّا من عمليات الاغتيالات التي طالت بعض الشباب الفلسطينين، بالإضافة إلى الاعتقالات وهدم المنازل لعدد كبير من المواطنين.

إسرائيل تخشى الهجمات

الإعلام العبري بحسب ما نشر على مواقعه، أن «إسرائيل تخشى موجة جديدة من الهجمات الإرهابية في الضفة»، فصحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت  إلى أن «سلسلة هجمات إطلاق النار التي حدثت في منطقة عوفرا مُقلقة، وهي تفيد بأن ما قيل عن أن حماس فشلت في تحريك أنصارها لشن عمليات في الضفة هو تقدير خائب، فالنيران التي أُطفئت في غزة اندلعت من جديد في الضفة، وكما في الماضي، هذه المرة أيضاً يتخبّط الخبراء في مسألة هل هذه الهجمات تبشّر بانتفاضة جديدة، أم أنها ظاهرة عابرة».

 

وتنقل الصحيفة ما يمكن وصفه بتسريبات المؤسسة العسكرية للتملص من المسؤولية وردّها على المستوى السياسي، وهذه هي السياسية والعادة المتبعة في إسرائيل، أي في تراشق المسؤوليات عن الإخفاق، لدى الفشل في صد وقمع الفلسطينيين. تشير «يديعوت» إلى أنهم «في الجيش الإسرائيلي لا يخططون لشن عملية كبيرة في الضفة، وهم غير معنيين بشن عملية مثل السور الواقي عام 2002، لأن القوات تجري يومياً أنشطة واعتقالات»، وتضيف الصحيفة نقلاً للتسريبات أنه «عملياً، ما نراه في الأيام الأخيرة هو تحقق تحذيرات المستوى العسكري للحكومة من تصعيد إذا استمر الجمود السياسي مع السلطة ولم يحدث تقدّم في هذا المسار. لذا، التقدير هو أن الجيش والشاباك لن يدفعا نحو خطوات عقابية تضر بالسكان، ومن شأنها أن تزيد الدافعية لعمليات إضافية».

إسرائيل تترقب الأسوأ

تترقب إسرائيل الأسوأ أمنياً في الضفة، لكنها هذه المرة معنية بألا تساهم في المزيد من التصعيد عبر إجراءاتها ضد الفلسطينيين، من ناحية تل أبيب، والأجهزة الأمنية تحديداً، إن مزيداً من القمع والحصار وعمليات الانتقام ضد الفلسطينيين يساهم في استيلاد المزيد من العمليات بمستويات مرتفعة وشبيهة، وربما أكثر، بالعمليات التي نفذت أخيراً.

 

في الوقت نفسه، تدرك تل أبيب، على المستويين السياسي والأمني، أن الانشغال في الضفة في مواجهة الفلسطينيين وقمع حراكهم العسكري وعملياتهم كما تقدرها وتقدر مسارها المقبل تستهلك منها جل الاهتمام والانشغال، وهذا كله في الوقت الذي تريد فيه التركيز على التهديد الأكثر فعالية وإقلاقاً لها، أي الجبهة الشمالية بساحتيها السورية واللبنانية. 

 

بين هذا وذاك، يمكن تحديد إجراءات إسرائيل الفعلية على الأرض ضد الفلسطينيين في الضفة، ما لم يؤدِّ الميدان نفسه إلى مزيد من التعقيدات: إجراءات احترازية وتمتين الموقف الدفاعي الوقائي لمنع أو إحباط العمليات المقبلة، وفي الوقت نفسه موقف هجومي مدروس لا يؤدي بذاته إلى دافعية انتقام لدى الجانب الفلسطيني ودفعه إلى مزيد من العمليات المؤلمة.

 

 

اقرأ أيضا