«إن أحد مسارات السياسة المصرية ما هى إلا محاولة تهدئة الحالة في إفريقيا، ولذلك مصر الآن تعمل دون تدخل في شئون الدول الأخرى، لو كنتم عاوزين تغيروا الواقع لازم يكون في استقرار حقيقي في كل إفريقيا».. جاءت تلك الرسائل من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال إحدى الجلسات بمنتدى شباب العالم، والذي تحدث فيها عن دور أفريقيا، خاصة وأن العلاقات المصرية الأفريقية شهدت تطورًا بازخًا منذ أن تولى حكم المحروسة، باعثًا فى تطوير العلاقات ومحاولة استفادة مصر منها فى كآفة المجالات.
و يرجع تاريخ العلاقات المصرية الأفريقية إلى أكثر من 3 آلاف عام قبل الميلاد، وتسجل جدران المعابد تاريخ تلك العلاقات، القائمة على تأمين منابع النيل شريان الحياة في مصر منذ العصور الفرعونية الأولى، ويحمل التاريخ الكثير من المواقف الساندة والداعمة من مصر لدول القارة الأفريقية .
وشهدت العلاقات تطورًا ملحوظًا، خاصًة بعد تولي الرئيس عبد الناصر الرئاسة، وعادت العلاقات بين مصر وأفريقيا إلى مستوى رفيع بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لها، والذي أولى الكثير من الاهتمام لدول القارة السمراء.
السيسي أول من اهتم بالملف الإفريقي
وفى البداية، علق النائب حمدي بخيت، عضو لجنة الشئون الأفريقية على طلب البرلمانيون بشأن ضرورة التواجد المصري بأفريقيا، قائلًا أن هناك علاقات استراتيجات ثابتة بين مصر وأفريقيا منذ قديم الآزل ومنذ ثورة 1952، كما أن العلاقات الأفريقية مهمه لمصر.
وأوضح "بخيت"، أن الملف الإفريقى كان مغلقا بالكامل منذ محاولة أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولكن الرئيس السيسى كان على رأس أولوياته التحرك فى هذا الملف خلال فترة رئاسته الأولى وبالثانية، ولذلك ليس فى حاجه الآن إلي المطالبة بتعزيزها.
وأضاف عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، أن مصر لها دور ريادي مهم للغاية فى أفريقيا، ولم يكن جديد بالنسبة لمصر وله معالم كثيرة والدليل على ذلك شركة المقاولون العرب والأزهر والكنيسة ، متواجد فى أفريقيا من مصر، لافتًا إلي أنه لابد أن يضع كل ذلك وجه الاعتبار.
وأشار البرلماني، إلي أن مصر ستكون رئيسة الاتحاد الأفريقي، ولذلك لابد ان يسعي الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي تطوير كل ذلك من خلال البعد الاقتصادي، والزراعى، ولابد أن يكون هناك توجه للدولة بأكملها، مستعدين إلي تلك المناسبة من الآن.
وأردف، أنه يجب أن تعد مصر ذاتها وفى صميم استراتيجيها لتوطيد العلاقات بين الدول الأفريقية، وسيتم ذلك على محاور مختلفة عن طريق منحة التعليم والزراعة والاقتصاد والاستثمار والاتجاه العسكري لخلق قوى إفريقية لحفظ السلام .
مبادرات السيسي تعكس وعي القيادات السياسية
ومن جانبه، قال النائب محمود يحيي، أمين سر لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، إن مبادرات الرئيس عبد الفتاح السيسي فى منتدى شباب العالم والذي انعقد مؤخرًا، يعكس مدي وعي القيادات السياسية لأهمية تعزيز العلاقات المصرية الأفريقية الفترة المقبلة.
وأكد "يحيي" أن تلك الملفات فى غاية الأهمية خاصة وأن مصر كان لها البعد الإسلامي والعربي، بالإضافة إلى بعدها الأفريقي، كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه حكم المحروسة وهو يسعي جاهدًا فى أن تكون رائده للقارة الأفريقية.
وأشار أمين سر لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، إلي أن مصر من الممكن أن تستفاد اقتصاديًا واستثماريًا من الجانب الاقتصادي والاستثمراري الأفريقي، خاصة وأن أفريقيا تعد من أكثر الدول الغنية فى الموارد الطبيعية، ولكنهم لم يدركون أهميتها بسبب الحروب والعداء الدولي.
وطالب البرلماني، توقف استيراد المنتجات من الدول الأوروبية والتوجه إلي الدول الأفريقية لتعزيز العلاقات الاقتصادية، ولتوفير فى خزينة الدولة المصرية.
السيسي نجح فى العودة العلاقات المصرية الأفريقية
وفى نفس السياق، قال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح فى العودة بمصر إلى إفريقيا بعد غيابنا عنها منذ محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وذلك من خلال عدة محاور أهمها "الأمن القومى المصرى، وضرورة تضافر الجهود بين شركاء القارة الواحدة" الأمر الذى جعل مصر، معبرا للتجارة والحركة الاقتصادية بين الشمال والجنوب، فضلا عن استغلال موقع مصر كجسر تواصل بين دول الغرب وإفريقيا.
وأعرب "رضوان"، عن تمنيه عودة برلمان وادى النيل الذى سيؤثر بشكل إيجابى على العلاقات المصرية السودانية، كاشفًا عن أن هناك توجها من القيادة السياسية لإنشاء برلمان دول حوض النيل خلال الفترة المقبلة.
وأضاف رئيس لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، أن هناك توجه لإنشاء برلمان دول حوض النيل وهو برلمان سيضم ما يقرب من 11 دولة لها علاقة مباشرة بنهر النيل ومن الواجب علينا تفعيله حاليا لأنه منذ اقتراحه عام 1981 لم يفعل حتى الآن، ورغم أن مراحل الإعداد له بدأت فى عام 2004 لكن هدأ الموضوع مرة أخرى.
وأشار البرلماني إلي أنه فى ظل إصرار الرئيس السيسى على توطيد العلاقات مع إفريقيا ودول حوض النيل تحديدًا، فالإرادة السياسية مُصِرَّة على إنشاء هذا البرلمان، خصوصًا وأنه لا توجد علاقات برلمانية مباشرة والتى تنحصر فى لقاءات على هامش فعاليات البرلمان الإفريقى أو برلمان الاتحاد الدولى.
من عبد الناصرللسيسي.. تاريخ حافل من العلاقات
علاقات لم تسِر على وتيرة واحدة، فتختلف من رئيس لآخر، ومن عام إلى آخر بين انقطاعها الدبلوماسى، أو الحرص على دعمها بين الدول؛ حيث تنوعت علاقة مصر بالدول الأخرى، عكس العلاقات الأفريقية، فعلاقة المحروسة بالقارة السمراء لم تكن على وتيرة واحدة.
حيث كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر هو صاحب الفكرة التى كانت بداية اجتماعاتها فى أبريل عام ١٩٥٨في أكرا عاصمة غانا وشارك خلالها نحو15 دولة إفريقية مستقلة واعتبر ذلك الاجتماع التأسيسى لمنظمة الوحدة الإفريقية، وكان له دور فى تحرر القارة الأفريقية من الأستعمار و الامتداد بالمال والسلاح.
وفى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان يشارك بشكل رئيسى فى العديد من القمم الإفريقية منها فى أديس أبابا وليبرفيل وكمبالا والخرطوم حيث كانت الدول الإفريقية تمثل دعما لمواقف مصر فى مراحل الصراع المصرى والعربى مع إسرائيل .
وفِى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، تدهورت العلاقات خاصة بعد محاولة اغتياله عام 1995خلال حضوره أحد مؤتمرات القمة فى أديس أبابا وعدم المشاركة رئاسيا.
وفى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى زادت الفجوة فى العلاقة بين مصر ودول القارة خاصة مع دول حوض النيل، وظهور الأزمة المائية بقوة حيث لم يتخذ أى خطوات لتأمين حصة مصر من مياه النيل أو الحفاظ عليها.