إزالة الطريق المؤدى إلى معدية الغنامية يقطع شرايين الحياة عن 5 آلاف مواطن
عبد الونيس خطاب: أين كان مسئولو الرى منذ 20 عاما إذا كان مخالفا؟
"سعداوى": بيتى اتهدم.. ومهدد بالموت أنا وأولادى داخل خيمة
شهود عيان: مسئول بالدولة وراء تزكية طلب الإزالة بسبب مصالحه.. ونائبا الدائرة لم يتحركا لحل الأزمة
سائق: 1000 عربية حالها واقف.. وبناخد طريق طويل عشان نكمل أكل عيش
جسر زراعى صغير على بعد أميال من العاصمة القاهرة تم إنشاؤه منذ ما يقرب من 20 عاما ليسلكه أهالى قرى مركز أشمون التابع لمحافظة المنوفية، ليصلوا من خلاله إلى معدية "الغنامية" تلك الوسيلة الممتدة على فرع رشيد من النيل، والرابطة بين محافظتى الجيزة والمنوفية، ليس ذلك فحسب بل أنها تخدم ما يعادل 17 بلدا بأكملها ومنها "القطا- أبو غالب- نقلة- المناشى".
هذه المعدية مرخصة باسم مالكها "سعيد طلبة" وعمل عليها 2 بحارة ليس لديهما مهنة سواها، حيث يتهافت عليها كل يوم أكثر من 5 آلاف نسمة، بينهم موظفون وعمال وطلاب وفلاحون، بما فيهم الحيوانات والمواشى يسيرون على هذا الطريق عابرين فرع رشيد من النيل بواسطة المعدية، فالموظفون يخرجون لأداء عملهم، والعمال لجلب قوت يومهم، والطلاب ليتعلموا، والفلاحون للزراعة والعمل بأراضيهم، هذه هى الحكاية.
ما حدث كان أعظم عندما قام مكتب رى "منوف" بتحرير أكثر من (15) محضرا لإزالة هذا الطريق الزراعى الذى تجاوز العشرين عاما ويعد المنفذ الوحيد للوصول إلى المعدية التى مضى عليها عامين فقط منذ تشغيلها حيث أن الطريق به فرع موصل لها، وبالفعل قامت إدارة الرى برفقة ضباط المباحث ومأمور مركز أشمون، بإزالة الطريق ووقف عمل المعدية على مرئى ومسمع من الناس، دون إبداء أسباب، الأمر الذى أدى إلى تعطيل حياة الناس بعد وقفهم عن العمل وقطع الطريق عليهم.
إزالة طرق الحياة بمركز أشمون أكثر من 5000 نسمة يسلكونه ويستقلون المعدية يوميا، كانوا هم الضحية، والنواب السبب، فحال الجميع توقف والأسر مشردة 17 بلدا لا حول لهم ولا قوة، 11 فاكس أرسلت إلى المسئولين ولكن دون فائدةً، ورد الشىء لأصله مطلب الأهالى الوحيد.
الطريق منذ 20 عاما وليس مخالفا
الحاج عبد الونيس خطاب، أحد الأهالى الذين تضرروا من إزالة الطريق والمعدية، قال إنه منذ ما يقرب من 4 أشهر فوجئنا جميعا بوجود محاضر محررة من قبل المسئولين فى مكتب رى "منوف" وتبين لنا أن هذه المحاضر تشير إلى الطريق الزراعى الذى مضى عليه أكثر من 20 عاما، فى وضع مخالف ولابد من إزالة الطريق، مستطردا: كان فين الرى من زمان لما الطريق مخالف. وذكر "عبد الونيس" أن المخالفات التى جرت بين "محمد أبو زيد عبد الشافى" أحد الأهالى بالقرية ويملك قطعة أرض بجوار المعدية، وبين "سعيد طلبة" مالك المعدية، بسبب أن "الأول" رفض أن يوفر قراطا من أرضه مقابل 1000 جنيه فى الشهر وكان يريد أن يستنفع منها على حساب الناس، الأمر الذى أدى إلى قيام الأول بتقديم شكوى إلى وزارة الرى.
الأهالى محاصرون
الحاج "سعداوى" هذا الرجل الذى كاد أن يبكى مما جرى له، حيث أن هذا الطريق الذى تمت إزالته كان المنفذ الوحيد للوصول إلى بيته، فأصبح الآن محاصرا هو وأسرته المكونة من 7 أفراد لا بيت يأويهم ولا بشر يأتيهم، يعيشون فى خيمة لا تليق بالبشر، أمتعتهم مهددة بالهلاك وأراضيهم فى انتظار البور، بسبب أن المعدات الزراعية التى كانت تصل لهم لا تستطيع الآن، إضافة إلى أن لديهم أرضا مزروعة بثمر الموز سارت مهددة أيضا بالهلاك بعد إزالة الطريق وصعوبة دخول السيارات لنقل المحصول إلى السوق، كما أن المواشى مهددة بالموت فى أى لحظة لأن مصدر رزقها الوحيد كانت تحصل عليه من خلال عبور هذا الطريق والذهاب إلى أرض بعيدة لتأكل فيها.
النواب «شاهد ماشفش حاجة»
وقال أحد الأهالى إن النواب يشاهدون الموقف وكأنهم لا يروا، ونحن كأهالى لم يتملك اليأس منا فذهبنا إلى رئاسة مركز أشمون لتحرير محضر بالواقعة وقطعنا الطريق الزراعى، لكن كالعادة الغلبان هو الضحية، وباءت محاولتنا بالفشل وعدم الاستجابة مطالبنا.
وتابع، الأهالى قاموا بالذهاب إلى نواب المركز فتوجهوا أولا إلى نائب دائرتهم النائب "صابر أحمد عبد القوى"، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، فلم يستجب لهم، برغم أنه كان حاضرا أثناء الإزالة، توجهوا إلى غيره العميد محمود محى الدين، عضو مجلس النواب عن دائرة ومركز أشمون، ولم يستجب أيضا؛ الأمر الذى جعل الأهالى يشعرون بالحيرة ويقولون "من الواضح أنهم متفقون علينا كيف للنواب الذين يمثلون الشعب لا يسمعون للشعب فهل هذا هو ما انتخبناهم لأجله؟".
الاستنجاد بالرئيس
وعلى الرغم من أنهم لم ييأسوا وأرسلوا ما يزيد عن 11 فاكس من ضمنها 1 للرئيس عبد الفتاح السيسى، وآخر لوزير الرى والمسئولين، لكن محاولاتهم كلها باءت بالفشل، ولم يستجب لهم أحد.
وأضاف الأهالى، جاءت حملة مكبرة مكونة من 40 سيارة أمن مركزى، برفقة ضباط المباحث والمأمور لإزالة الطريق، وعند سؤالهم: لماذا تزيلون هذا الطريق؟ أجابوا: "عشان نوقف المعدية لابد أن نزيل الطريق بأكمله" وبالفعل أزالوا الطريق والمعدية ووقفوا حال الناس وشردوا أسرًا بأكملها.
الموت.. السبيل الوحيد للنجاة
الحاج "سعداوى" هذا الرجل العجوز، قال وتملأ عيناه الحزن لما جرى له، أنه فوجئ بقوات الشرطة والرى معا وقاموا بإزالة بيته وقطع الطريق الوحيد الموصل لبيته والذى يعد سبيل الحياة بالنسبة له.
وتابع "سعداوى" أثناء حديثنا معه "أنا مقيم هنا من 30 سنة وعندى 7 أولاد وليس لدى وظيفة أخرى غير الفلاحة"، أصبح هذا العجوز وأسرته مهددين بالموت فى أى لحظة بعدما صار الخلاء هو المسكن الوحيد لهم تلك الخيمة التى يعيشون بها والتى لا تليق بالبشر، فإنهم معرضون للموت فى أى وقت، لأن السبيل الوحيد الذى كان يصلهم بمن حولهم أصبح الآن أكواما، فأصبح الحال كالتالى الأب قعيد، والأم مريضة، والأولاد لا يستطيعوا الذهاب للمدارس بسبب قطع الطريق.
توفر الوقت وتختصر المسافات
قال محمد عبد الونيس، أحد المتضررين من إزالة الطريق والمعدية، إن هذه المعدية تربط الجيزة بالمنوفية، ويذهب من خلالها الناس إلى عدة قرى مثل "وردان، أكتوبر، الشيخ زايد، نقله، المناشى، القناطر، والطريق الصحراوى"، مشيرا إلى أن إزالة المعدية منعت عبور العمال الذين كانوا يعملون فى الجانب الآخر، حيث كانوا يخرجون للعمل فى السابعة صباحا ليعودا الرابعة عصرا، أما الآن ليذهب العمال لعملهم لابد أن يخرجوا فى الثانية صباحا ليعودا الرابعة عصرا، حيث يسلكون كوبرى القناطر الخيرية الذى يبعد عنهم بمسافات كبيرة، فهو البديل الوحيد للمعدية إلى جانب معدية أخرى بمركز أشمون، لكن لا تغنيان عنها، فقد كانت تختصر وقتا وتوفر أموالا للعمال والموظفين والسائقين وكل المارين عليها.
الغرامة على الفقير
وأضاف أن أعمال الإزالة خلفت العديد من المشكلات للمزارعين والأهالى، حيث تم إهدار مساحات من الأراضى أثناء الحفر، ووضع مخلفاته من ردم وغيره فى الأراضى المجاورة للطريق، إضافة إلى ذلك أن الشرطة قررت أن الذى يدفع تكلفة الحفر والإزالة هو الرجل العجوز الذى تم هدم بيته، حيث تبلغ تكلفتها 300 ألف جنيه أين العدل فى ذلك وأين الإنسانية فلماذا كان الحفر منذ البداية.
الوساطة تتحكم
بينما أشار شاهد آخر، إلى أن شخصا يدعى "سمير أبو إبراهيم" من قرية القطا، وذا نفوذ، يعد السبب الرئيسى وراء إزالة الطريق والمعدية، وذلك لأنه كان يملك معدية هو الآخر، لكن لا أحد يسلكها أو يسير عليها، الأمر الذى دفعه إلى استخدام نفوذه ووساطته فى سرعة تنفيذ الشكاوى التى قدمها "محمد أبو زيد عبد الشافى".
وقال "أنور غريب" أحد السائقين الذين كانوا يسلكون الطريق والمعدية، وأيضا أحد المتضررين، إن هذا الطريق كان تسير عليه يوميا أكثر من 1000 سيارة، والآن بعد إزالته حالنا وقف وليس لدينا عمل آخر، لأن مصدر رزقنا الوحيد ضاع.
من جانبه أشار "إسلام على إبراهيم" أحد السائقين أيضا، إلى أن المعدية كانت تختصر المسافة على المواطنين، فكانت أقرب وأسرع وسيلة للوصول فى وقت قصير، لافتا إلى أن ليس لها بديل سوى معدية فى مركز أشمون التابع لمحافظة المنوفية، وكوبرى القناطر الخيرية، وكلاهما نقطع مسافات كبيرة للوصول لهما، فضلا عن استهلاك كميات كبيرة من المواد البترولية من "سولار، وبنزين، وزيت".
وأوضح "حمادة فتحى" أحد البحريين العاملين على المعدية، أنه لا توجد وسيلة أخرى غير المعدية أقرب للأهالى والعمال الذين أصبحوا بدون عمل بعد إزالتها، حيث كانوا يحصلون على مصدر رزقهم وقوت يومهم من الجانب الثانى، وهو أيضا صار عاطلا لأنها كانت مصدر دخله الوحيد، قائلا: "المعدية دى كانت فاتحة بيوت ناس كتير، أنا كان معايا محامى شغال فيها".
وأوضح أن صاحب المعدية الآن لا حول له ولا قوة لأنه رجل عاجز ولا يقدر على عمل آخر، هذا ما ذكره أحد المرافقين له، مطالبا المسئولين بإعادة الطريق والمعدية إلى وضعهيما كما كانا؛ حتى يعود الناس إلى عملها مرة أخرى.