أغرب قضية استيلاء على الأراضي بسبب الخصخصة.. ”مستندات”

الخميس 27 سبتمبر 2018 | 08:39 مساءً
كتب : سارة أبو شادى

سرقة ومخالفات قانونية، فساد نما منذ سنوات وما زال متواجدا إلى الآن، الجميع يعلمون الحقيقة لكنّهم يرهبون المواجهة.

 

القضية تلك المرة ليست مجرد قضية فساد صغيرة، بل تعد ضمن إحدى قضايا الأمن القومى، شببهها الكثيرون بأنها أغرب قضية فساد بشأن الخصخصة شهدتها البلاد فى القرن الأخير، فالضحية هذه المرة كانت الدولة المصرية، والجانى أحد المستثمرين الأجانب؛ بدعوى نشر الاستثمار فى البلاد، لكن الصدفة كانت كفيلة لكشف الحقيقة.

 

«شركة النوبارية لإنتاج البذور» المعروفة باسم «نوباسيد» هى إحدى الشركات المملوكة للمستثمر السعودى عبد الله الكعكى، والتى حصل عليها نتيجة عملية خصخصة.

 

"نوباسيد" كانت إحدى شركات القطاع العام التابعة للحكومة، وتمّ بيعها فيما بعد للمستثمر السعودى، منذ سنوات، وبعدها بدأت الشركة أولى حلقات مسلسل فسادها، فما بين استخدام سجل تجارى مزورا، وتوكيلات وعقود مخالفة، حتى وصل الأمر بها إلى نزع أراضٍ من الفلاحين بطرق غير قانونية.

 

واليوم، أصبح الكعكى يمتلك آلاف الفدادين من الأراضى بحيل غير مشروعة، ضاربا بالقانون المصرى- الذى يمنع تملك الأجانب لتلك المساحات الكبيرة من الأراضى إلا بشروط محددة- عرض الحائط.

 

وفى هذا التحقيق نكشف بداية فساد المستثمر السعودى منذ حصوله على الشركة وحتى هذه اللحظة، والإجراءات التى اتخذتها الدولة فى طريق استرداد حقوقها.

 

بداية الحكاية

كانت هناك مجموعة من الشركات الزراعية الكبرى التى تتبع الشركة القابضة للتنمية الزراعية، والقائمة بعملية الاستصلاح والزراعة، ومنها شركة النوبارية للبذور «نوباسيد»، والتى أنشئت وفقّا للقرار الوزارى رقم 481 لسنة 76، كونها شركة تابعة لوزارة الزراعة وذات سجل تجارى يتبع الوزارة.

 

تحولت الشركة فيما بعد من وزارة الزراعة إلى القطاع العام، والتى بدأت الإشراف عليها كونها تتبع الدولة، ثم أنشئت بعد ذلك الشركة القابضة للتنمية الزراعية وأصبحت شركة النوبارية للبذور تابعة لها إلى جانب مجموعة شركات زراعية.

 

بعد ذلك تمّ تخصيص 23 ألف فدان لشركة النوبارية للبذور، داخل "حدود 4" والتى تبلغ مساحتها بالكامل أكبر من 23 ألف فدان، لكن الشركة لا تمتلك الحدود بالكامل ولكن فقط الـ23 ألف فدان، وفقا لمحاضر التسليم والقرار الوزارى، والتى لم تلتزم بها الشركة فيما بعد، ومن هنا كانت بداية عملية الفساد، والتى قيل فيها إنّ الشركة وضعت يدها على مساحات كثيرة بخلاف المقرر لها، والحقيقة أنّ شركة القطاع العام لا تضع يدها على أى أرض.

 

بعد ذلك صدر قرار بتوزيع الشركة لكافة الأراضى المملوكة لها، وجاء التوزيع للعاملين لديها مقابل الوظيفة بسعر التكلفة، وبعضها لعدد من الشركات الزراعية الكبرى، مثل شركات "الدالة، ورجب، والعادل"، وكذلك تمّ بيع مساحات لعدد من الأهالى والمواطنين بمزادات علنية، وبالتالى باعت جميع الأراضى التى تسلمتها من الشركة القابضة للزراعة، ومن هنا كانت بداية الخصخصة.

 

وفى عامى 97 و98، صدر قرار بتصفية عدد من الشركات (خصخصتها)، والمفترض والطبيعى عند تصفية شركة أو خصخصتها، حصر المتبقى من أملاكها وتقيد بسعر التصرف، ويصرف على عدد الأسهم، لينتج الحد الأدنى للبيع.

 

ويتم طرح تلك الأسهم للبيع عن طريقين، إمّا فى البورصة لتوسيع قاعدة الملكية، بمعنى البيع لأكبر عدد من الأشخاص، وليس لفرد واحد كما حدث، والطريقة الثانية، البيع عن طريق المزاد العلنى لمستثمر رئيسى، ومن أبرز عيوب تلك الطريقة أن المستثمر الرئيسى يصبح متحكما فى اتخاذ القرار، لذا لا تفضلها الدولة، والمتخصصون، خاصة وأنّها لا تحقق الغرض الذى تريده الدولة.

 

وحتى هذه اللحظة لم يتم الكشف عن فساد، لكن ما حدث هو أنّ شركة النوبارية التابعة للقطاع العام أثناء طرحها للبيع، قال القائمون عليها إنّ نحو 1500 فدان تقع تحت تصرفها، بالرغم من أنّ الحقيقة تثبت عكس ذلك، وأنها طرحت كافة الأراضى- التى كانت قد تسلمتها فى البداية- وفقّا للسجلات ومحاضر التسليم والميزانيات التابعة للبيع، لكنّها ذكرت تلك المساحة "دون سند قانونى"؛ ومن هنا كانت بداية التواطؤ بين مسئولى الشركة والمشترى.

 

الغريب فى الأمر أنّ الشركة كانت تحقق أرباحّا ضخمة نتيجة طرح أراضيها للبيع، وقبل بيعها لـ"الكعكى"، مما دفع الكثيرين للتساؤل: لماذا تطرح الشركة للبيع وهى فى أحسن حالاتها ولا تفعل سوى تحصيل الملايين يوميّا دون فعل أى شىء آخر؟، وهو الذى كشفت إجابته بعد ذلك.

 

عرض القائمون على الشركة القابضة، على مجلس الوزراء واللجنة الوزارية، بيع "نوباسيد" فى مزاد علنى بالبورصة، وحصلوا على الموافقة ببيع الشركة بمبلغ معين، وتم تقييم الشركة دفتريّا بحوالى 103 ملايين جنيه، لكن الجهاز المركزى للمحاسبات اعترض على هذا الأمر وذكر أنّ الشركة ينبغى أن يدخل فى التقييم بها، مشروع شركة «الدالة»، والتى اشترت أراض من "نوباسيد" من قبل.

 

تجاهل القائمون على الشركة، اعتراض الجهاز المركزى للمحاسبات، واستطاعوا الحصول على موافقة ثانية من مجلس الوزراء بالبيع لحوالى 51% من أسهم الشركة بالبورصة، وبعد طرحها بالبورصة؛ لم تحصل على مشترٍ، وبعد فترة صغيرة قرروا بيعها فى مزاد علنى، والذى كان مقررا أن يتم وفقّا لقانون المزايدات والمناقصات، ولكن هذا لم يحدث.

 

دخل هذا المزاد 3 شركات هى «اريزونا»، والتى استُبعدت لعدم سداد التأمين، و«بدر» و«الشركة المصرية السعودية للاستثمار الصناعى والعقارى»، وتلك الأخيرة كانت قد أُنشئت خصيصّا لدخول هذا المزاد- وفقا لأحد المصادر- وذلك قبل انعقاده بنحو 3 أشهر فقط، وبالتالى ليست لديها خبرة فى الاستثمار الزراعى، ومن المفترض أنّ هذا يعد شرطا أساسيا من شروط المزاد، بخلاف شركتى بدر وأريزونا اللتان تمتلكان خبرة كبيرة.

 

وفيما بعد، عرضت الشركة المصرية السعودية شراء 100% من أسهم الشركة بدلا من نسبة الـ51%، وقدّمت طلبا بذلك، وبعد مفاوضات ودون مزاد رسمى، قررت اللجنة المختصة بالمزاد أن أفضل العروض من الشركة المصرية السعودية، دون حتى إجراء مزاد علنى، وتمّ إبلاغ اللجنة الوزارية بهذا القرار، وهنا أصبحت الشركة مملوكة للمستثمر السعودى عبد الله الكعكى.

 

وبعد ذلك تولى عبد الله الكعكى رئاسة مجلس إدارة شركة النوبارية لإنتاج البذور، الشركة التى كانت قديما تتبع القطاع العام.

 

الكارثة هنا هى أنّ الكعكى لم يغير سجلات شركة القطاع العام بل بقيت كما هى، بالإضافة إلى الأختام وسجلات الضرائب وأوراق أخرى مهمة استخدمها للحصول على أراض بطرق غير مشروعة، فضلا عن ودائع فى البنوك بقيمة 32 مليون جنيه، والتى حصل عليها الكعكى وأعطى مبلغا صغيرا للدولة.

 

كما حصّل الكعكى الأموال من الفلاحين، وهو ليس من حقه، بالإضافة إلى قيامه ببيع أراض زراعية ومبان تابعة للدولة دون وجه حق أيضا، كل تلك المخالفات بسبب استغلاله الأوراق التى تتبع شركة النوبارية وهى فى ذمة القطاع العام قديما.

 

وفى 2005 تمّ كشف هذا التلاعب، وأمرت وقتها الإدارة العامة للتوثيق، بوقف كافة التعاملات مع الشركة بداخل الشهر العقارى، لكن قد فات الآوان، فالشركة قد صدقت وقتها على صحيفة الشركات الخاصة بها والتى جعلتها ذى صفة رسمية، ولن تحتاج لتوكيلات أو غيرها واستمرت فى مسلسل تلاعبها حتى هذا اليوم.

 

رئيس هيئة التعمير: لن أتخذ قرارا وفقا لتقارير قديمة.. والأمر قيد البحث

اللواء محمد حلمى، رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، علّق على ما تمّ تداوله بشأن فساد شركة النوبارية لإنتاج البذور المملوكة لـ"عبدالله الكعكى"، بأنّه تمّ عرض كل ما تم تداوله بشأنها عليه، وقررّ تشكيل لجنة قانونية ستنعقد هذا الأسبوع، لسماع كافة الأطراف المتنازعة، والاطلاع على أدلة كل منهم على صحة أقواله.

 

وأوضح حلمى، أنّ هناك عدة تقارير فى الهيئة تخص تلك القضية لكنّه لن يأخذ بها كونها تقارير قديمة- على حد قوله-، وأنّه سينتظر التقارير الجديدة لتوضيح المشكلة، خاصة وأنّه لا يريد إحداث مشكلات تتعلق بتلك القضية والتى تعد من ضمن القضايا الكبرى المهمة، لذا سينتظر عقد اللجنة القانونية، وبناء على تتوصل إليه سيتخذ القرار.

 

اللجنة التى شكّلها رئيس الهيئة العامة للتنمية والتعمير الزراعى، تضم ممثلين عن الجانبين، شركة النوبارية لإنتاج البذور الزراعية التابعة للكعكى، وأيضًا الدولة متمثلة فى وزارة الزراعة، بالإضافة إلى برلمانيين وشخصيات أخرى لها علاقة بهذا الأمر، الجميع سيحضر اللجنة لمناقشة القضية من كافة جوانبها وحصول كل طرف من الأطراف المتنازعة على حقه القانون، وغلق ملّف النوبارية نهائيّا.

 

مصدر بالزراعة: هناك لجنة شكلت بالفعل.. ورئيس سابق لهيئة التعمير رفض

توصّلنا إلى أحد المصادر بوزارة الزراعة والذى رفض الإفصاح عن اسمه، لأنه كان أحد أعضاء اللجان التى شُكِّلت لمتابعة الفساد الذى تمّ بشركة النوبارية لإنتاج البذور، والذى أوضح أنّه "تمّ تشكيل لجنة من قبل مختصين بوزارة الزراعة لحصر الأراضى الخاصة بشركة النوبارية للبذور، بالإضافة إلى الأراضى التابعة للشركة القابضة، خاصة وأنّ الشركة القابضة لم تلتزم بتعاقدها مع الهيئة المختصة بوزارة الزراعة منذ سنوات؛ ممّا دفع الهيئة لإلغاء التعاقد معها، منذ فترة كبيرة".

 

وأضاف المصدر: "الثغرة المتواجدة والتى استغلتّها شركة النوبارية للبذور فى فسادها، أنّ الشركة القابضة قامت بعملية بيع للنوبارية، والتى كانت شركة مصرية تمّت خصخصتها وبيعها لمستثمر سعودى، وكان من حق شركة النوبارية حوالى 2500 فدان فقط، لكنّه فى الحقيقة وضع يده على حوالى 23 ألف فدان من أملاك وأراضى الدولة المصرية".

 

وتابع المصدر: "المستثمر الأجنبى والمالك الأصلى لشركة النوبارية للبذور، عبد الله الكعكى استطاع الاستيلاء على تلك الأراضى وفقّا لتداوله السجل التجارى الخاص بوزارة الزراعة كون شركة النوبارية للبذور كانت تابعة للقطاع العام قبل بيعها، ومن المفترض أن يتم تغيير هذا السجل إلى المالك الجديد لكنّه لم يفعل هذا الأمر، وظل يتداول السجل التجارى الخاص بوزارة الزراعة، وبعد تشكيل لجنة من وزارة الزراعة تمّ حصر هذا الأمر وأنشأت ملفا خاصا، وبالمستندات، لإعادة حقوق الدولة".

 

واستطرد: "الكارثة الكبرى أنّ رئيس هيئة التعمير الحالى- بالرغم من وجود التقارير التى تثبت حق الدولة- قال إن الدولة لا تمتلك أيّا من تلك الأراضى وليس لها حقوق مطلقّا، وتمّ عرض هذا الأمر على الوزير السابق، وعقد جلسة بين أحد أعضاء اللجنة المشكلة، وتحديدا الدكتور محمد عبد التواب نائب وزير الزراعة السابق، وبين محمد الصيحي مدير عام شركة النوبارية والمسئول عن كافة الأمور بها، والذى كان يعمل من قبل فى الشركة القابضة قبل حلّها".

 

وقال المصدر: "ولأنّ الفساد كان كبيرّا؛ توجهت اللجنة المشكلة من وزارة الزراعة، برئاسة نائب وزير الزراعة لشئون استصلاح الأراضى، وتمّ عمل إحداثيات وخرائط للمنطقة بالكامل".

 

وأشار إلى أنّ "اللجنة اتخذت العديد من القرارات حينها، فى محاولة منها لإعادة الحقوق للدولة، لكن رئيس هيئة التعمير رفض اتخاذ أى قرار، خاصة بعدما استمع للكثير ممن حوله، والذين أقنعوه بعدم الموافقة أو الدخول فى مشكلات مع المستثمر الأجنبى، خاصة ولو كان هذا الأمر على حساب الدولة".

 

محام سابق بالوزارة: استبعدت تعسفيا بعدما بحثت عن حق الدولة ضد المستثمر الأجنبى

سلطان رحومة، أحد المحامين العاملين بهيئة التعمير سابقًا، وأحد الأطراف الأساسية لقضية الفساد بهيئة التعمير، قال: إنّ "الشركة رفعت دعوى فى محاولة للاعتماد على ملكيتها لمساحة الأرض بالكامل خاصة وأنّ الدولة لديها حق بمساحة كبيرة من تلك الأرض، لكنّه تمّ رفض تلك الدعوى، فتقدموا باستئناف فيما بعد"، متابعا: "وبعيدا عن الأحكام القضائية، تقدم عدد من المسئولين بالبحيرة، ومن بينهم النائب عصام الصافى، بشكوى إلى وزير الزراعة مرفقة بعدة تقارير تثبت الفساد الذى حدث فى تلك الشركة، بالإضافة إلى أحقية الدولة فى الأرض المخصصة".

 

وأضاف رحومة: "واستعان عصام الصافى بمجموعة من الخبراء- كنت أنا من بينهم-؛ لشرح الأمر على الوزير بالفعل ذهبنا جميعا وعرضنا الأمر على وزير الزراعة، فصدر قرار وقتها بإزالة 3 أجزاء من الأرض والتى تسيطر عليها الشركة عن طريق وضع اليد، وعودتها للجهة الحكومية، فتم إزالة جزأين فقط، وبعدها تم استبعادى تعسفيّا من هيئة التعمير".

 

وتابع: "ولم تتم إزالة الجزء الثالث إلى الآن، بل على العكس صدر قرار من وزير الزراعة الحالى، عز الدين أبو ستيت، بوقف تلك الإزالات لحين الفصل المساحى بين أرض الدولة وأرض المستثمر السعودى مالك شركة النوبارية للبذور، فأرسل الوزير جوابّا لهيئة التعمير بهذا القرار، والتى بدورها أرسلته إلى مديرية الأمن، والتى أمرت بوقف الإزالات لحين الفصل فى المساحة".

 

وقال محامى هيئة التعمير السابق،: "واستمرارّا لتشكيل اللجان وعدم الخروج بنتائج فى كل مرة، فآخر لجنة تمّ تشكيلها فى عهد وزير الزراعة السابق، عبد المنعم البنا، برئاسة الدكتور محمد عبد التواب، نائب الوزير لشئون استصلاح الأراضى، وكان هو- "رحومة"- أحد أعضائها، تلك اللجنة التى خرجت لفحص الأرض وإجراء عملية بحث كاملة، وخرجت بتقرير تم تقديمه لرئاسة الجمهورية، بعدما عرض على الوزير السابق عبد المنعم البنا، والذى لم يتخذ أى إجراء فيه، ممّا دفعهم لتقديمه إلى رئاسة الجمهورية والتى أرسلته إلى الوزير مرة ثانية، فأحاله إلى المستشار القانونى التابع للوزارة، وفى نفس التوقيت قدم مرة ثانية للوزير فأحيل لمستشار قانونى آخر".

 

وأكمل حديثه: "وتمّ تشكيل لجنة فيما بعد من خبراء الوزارة، وأصدرت تقاريرها مرفقة بالمستندات والتى عرضت على الوزير فيما بعد، وطلب عرض المطالب التى ستحقق للدولة أهدافها، وبالفعل تم عرض عدة طلبات وحوّلها الوزير أيضًا لمستشار قانونى ولم يتم النظر فيها".

 

واستطرد المحامى بهيئة التعمير سابقا: "رئيس هيئة التعمير السابق، اللواء حمدى شعراوى، للأسف استبعد الأشخاص الذين سعوا جاهدين لعودة حقوق الدولة، وأنا على رأسهم، فقد تمّ استبعادى نهائيّا فى 2016 بموجب قرار من الهيئة، ونفس الأمر مع اللجنة التى كانت مختصة بالكشف عن فساد شركة النوبارية، دون إبداء أسباب قانونية تستوجب هذا الأمر"، مضيفا: "فأنا كنت مختصّا بمباشرة الدعاوى على مستوى الجمهورية، ولم يستطع رئيس الهيئة منح صلاحيات لشركة النوبارية مرة ثانية؛ إلّا بعد استبعادى".

 

وفجَّر رحومة مفاجأة، حين قال: "قانونّا ليس من حق رئيس الهيئة إصدار قرار لاستبعاد شخص من عدمه، لأنّ هذا الأمر من اختصاص مدير الشئون القانونية فقط بالهيئة، حتى بعد رحيل رئيس الهيئة، وحل محله اللواء محمد حلمى، وطالبه البعض باستمرار استبعادى، لكنّه جلس معى ومع المستشار القانونى، وبعدما تفهم الموقف؛ انتهى الأمر إلى أنّ القصة لا تخصه كونه رئيس الهيئة، لكنّها تخص مدير الشئون القانونية، وأصدر قرارا بهذا الأمر، وطلبوا عودتى إلى الهيئة؛ لكنّ هذا الطلب قوبل بالرفض".

 

وبسؤال سلطان رحومة، المحامى بهيئة التعمير، والمسئول عن الدعاوى المقدمة ضد شركة النوبارية، عن إمكانية عودة أراضى الدولة؛ أجاب بأنّه "من الواقع الذى نعيشه حاليّا فالموضوع إلى حد كبير به صعوبة بالغة، لكن قانونّا فكافة الأوراق والتقارير تثبت حق الدولة، فهناك الكثير من الدعاوى أمام عدد كبير من المحاكم، ولو خرجت محكمة واحدة أعلنت عن أحقية النوبارية فى الأرض؛ سنصمت ولن نتحدّث، لكن الواقع والحقيقة أنّ هناك عملية سرقة وفساد كبيرة، والدولة تُصارع من أجل الحصول على حقّها الطبيعى الذى انتزعه صاحب شركة النوبارية لإنتاج البذور الزراعية «نوباسيد»".

 

برلمانى: الشركة استولت على مسطح كبير من أراضى الدولة.. وقدمت طلبات إحاطة للمجلس

عصام الصافى، عضو مجلس النواب عن محافظة البحيرة، أحد أطراف الموضوع الأساسيين، والذى شارك فى اللجنة التى أجرت حصرا لأراضى الدولة التى استولت عليها شركة النوبارية لإنتاج البذور «نوباسيد»، أشار إلى أنّ موضوع الفساد الواقعة به شركة النوبارية، هو محل بحث فى هيئة التعمير، لافتا إلى أنه تمّ تقديم مذكرة لوزير الزراعة خلال الأيام الماضية؛ عسى أن تتضح الحقيقة خلال الأيام القادمة وتعود للدولة أراضيها.

 

وتابع النائب عن البحيرة، أنّ "شركة النوبارية لإنتاج البذور استولت على مسطح كبير من الأراضى التابعة للدولة وقامت بوضع اليد عليها، وأصبحت تتصرف فيها كيفما شاءت، ممّا دفعه لتقديم طلبات إحاطة للبرلمان؛ لعمل فصل حدود بين أراضى شركة النوبارية، وأراضى الدولة، والتى ستتم مناقشتها خلال الأيام القليلة القادمة، خاصة وأنّ هناك لجنة قانونية لفحص الأوراق الكاملة قبل إصدار القرار النهائى".

 

وأضاف النائب: "شركة النوبارية التابعة لعبد الله الكعكى قامت بشراء 1592 فدانا فقط، لذا عليها أن تحتفظ بتلك المساحة وترد الباقى للدولة، خاصة وأنّها ليست حقّا من حقوقها، الشركة لم تكتف فقط كونها استولت على أراضى الدولة؛ بل لجأت لاستغلال أوراق شركة النوبارية قبل بيعها، فى إخراج تصريحات للأهالى، بمعنى أنّ الشركة تعتمد وتستخرج جوابات لأى شخص يريد توصيل مياه أو كهرباء أو غيرها، بالرغم من كونها شركة قطاع خاص، وليس من حقها القيام بتلك الأمور، لكن استغلالها للسجل التجارى التابع لوزارة الزراعة هو من دفعها لارتكاب تلك المخالفات دون وجود رقيب عليها".

 

واستطرد: "فالمستثمر حينما قام بشراء الشركة، أبقى على عدد من المسئولين الذين كانوا يعملون بها، بالإضافة أيضًا إلى الأختام الخاصة بالشركة، تلك التى تعد بمثابة الكارثة الكبرى، خاصة وأنّه استخدم تلك الأختام فيما بعد، والتى تثبت أنّ الشركة لا زالت قطاع عام؛ مما سهّل للشركة الحصول على تراخيص وتسهيلات كونها قطاع عام وليست خاص كما هو الواقع".

 

واختتم النائب حديثه، بأنّ "الصيحى، أحد العاملين فى الشركة القابضة قديمّا، هو المسئول عن شركة النوبارية حاليّا، فيعد بمثابة موظف لدى المستثمر السعودى، فهو من يباشر جميع أعماله حاليّا، وهو المسئول عن أغلب الفساد المتواجد، لذا قدّمت طلب إحاطة للبرلمان- الأسبوع الماضى- لمناقشة هذا الأمر، وتشكيل لجنة للفحص وبيان حق الدولة، وتلك المرة تختلف عن سابقيها، فقريبّا سينتهى فساد شركة النوبارية للبذور، وسيتم اتخاذ قرار نهائى وصارم بشأن فسادها".

 

قانونى: الدستور يمنع بيع تراب الوطن للأجانب حتى لو كان غرضهم الاستثمار

أما الدكتور فؤاد عبد النبى، أستاذ القانون الدستورى، فتحدّث حول إمكانية امتلاك أشخاص أجانب لأراضٍ داخل الدولة المصرية، بأنّ هذا الأمر يستحيل حدوثه وفقًا للقانون رقم 59 لسنة 2015، والذى ينص على عدم جواز امتلاك أشخاص أجانب لقطع أراضى زراعية إلّا بمساحات قليلة لا تتجاوز العشرات من الأمتار، وليست الآلاف كما امتلك المستثمر السعودى عبد الله الكعكى أراضى النوبارية التابعة لشركته «نوباسيد».

 

وأشار إلى أنه وبالنسبة لقانون تملك الأراضى لأجانب قال إنّه ووفقّا للدستور، فيمكن تملك الأجانب لأراضٍ بهدف التعمير فقط ولكن بمشاركة أهلها، وبنسب معينة، وبشروط أيضّا، أبرزها أن يكون هذا الأجنبى، على الأقل، حاملّا الجنسية المصرية، لكن لو حدث غير ذلك؛ فإنّه يعد تحايلا على القانون ويعد العقد باطلا.

 

وأوضح أستاذ القانون الدستورى أنّه قبل ذلك، لا بد من موافقة جهات أمنية كـ"وزارتى الداخلية والدفاع"، لأنّ هذا الأمر يتعلّق بشكل كبير بالأمن القومى؛ فشراء شخص أجنبى لمتر واحد من أراضى الدولة المصرية؛ هو بمثابة احتلال، لأنّ الأراضى لا يمكن أن تذهب إلّا لأبنائها فقط، والدستور ينص على ذلك، ومن يفعل غير هذا فإنّه يُخالف الدستور.

 

اقرأ أيضا