شهدت مدينة البصرة العراقية، في الأيام القليلة الماضية العديد من الاحتجاجات والتظاهرات، التي يشنها المواطنون أمام المنشآت الحكومية، اعتراضًا على الأوضاع التي يمرون بها، والمتمثلة في الجفاف وتلوث المياة الذي يهدد حيات معظمهم، ورغم ذلك لم تصل الحكومة إلى حلول لمعالجة هذه الأزمة.
المظاهرات بدأت في شتى المناطق العراقية منذ شهور، اعتراضًا على الوضع الذي يراودهم، ولكن تجددت مرة ثانية قبل أمس، وبالتحديد في منطقة البصرة، التي تعاني من جفاف وتلوث المياه الذي أصاب العديد من أهلها، ولكن الاحتجاجات التي شهدتها خلال اليومين الماضيين، جاءت على خلاف العادة من اشتعال للحرائق وتدمير للمنشأت الحكومية.
اقتحم المتظاهرون العراقيون مبنى مدينة البصرة، مساء أمس الخميس، وأشعلوا النيران في أرجائه، ما دفع الحكومة العراقية بفرض حظر تجول على جميع أنحاء المحافظة، وأغلقت الشوارع المؤدية إلى المبني، فيما عاد المحتجون السيناريو مساء اليوم، باقتحام مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة، حتى اندلعت النيران بداخله وأسفر عن خسائر فادحة، ما جعل الخارجية الإيرانية تصدر تصريحات عاجلة على لسان وزير خارجيتها "بهرام قاسمي" بتحمل الحكومة العراقية جميع الخسائر التي لحقت بقنصلتهم، وإحضار المتورطين في عملية الاقتحام.
الخطاط: حريق القنصلية الإيرانية بسبب جفاف نهر دجلة
أيمن الخطاط شاب في العشرين من عمره، يقطن في مدينة البصرة العراقية، وشاهد عيان على المظاهرات المندلعة هناك، قال أن سبب اقتحامهم لمبنى القنصلية الإيرانية، هو أن إيران هي السبب في الجفاف الذي لحق بهم خلال السنوات الماضية، والذي يقضي على أولادهم في الأيام الحاضرة، وذلك بسبب السدود التي أنشأتها دولتي إيران وتركيا على منبع نهر دجلة والفرات.
وأضاف الشاب أن قلة المياه التي تعاني منها البصرة، أدت إلى دخول مياه البحر إلى شط العرب وارتفاع الملوحة، وأن معظم مجاري البصرة تصب في شط العرب مما أدى إلى التلوث، وأن الأهالي في البصرة يعانون من افتقار في الماء الصالح للشرب وحتى مياه الغسل كون المياه التي تصل المنازل غير صالحة حتى للاستخدام الحيواني وتسببت بأمراض جلدية، يستخدم الأهالي مياه تعبئة معدنية للشرب والغسل.
وأشار الشاب العشريني أن المظاهرات التي يشنها أهل البصرة، ليست بسبب الأوضاع السياسية فقط، ولا البطالة وقلة العمل، بل هي بسبب التدهور الذي لحق بالزراعة بشكل شبه تام فأغلب المزروعات لاتحمل ملوحة المياه المسمومة، هناك مزارع كبيرة في ناحية الشيبة وقضاء شط العرب وابي الخصيب تم القضاء عليها وماتت جميع المزروعات بما فيها النخيل أما نتيجة انقطاع الماء أو بسبب الملوحة الكبيرة.
الكركوشي: اقتحام مبنى البصرة بسبب صمت الحكومة الدائم
وقال منتظر بخيت الكركوشي، الصحفي العراقي، لـ"بلدنا اليوم" إن المظاهرات التي تندلع يوميًا في البصرة، لها أسباب كثيرة، وأن أهل البصرة لم يشنوا هذه المظاهرات إلا عندما شعروا بالدمار الذي يهدد حياتهم، فحالات التسمم التي ظهرت نتيجة تلوث الماء أكثر من 20 ألف حالة بأقل من شهر بحسب إحصاءات حكومية.
وأضاف أن اقتحام المحتجين لمبني محافظة البصرة، هو بسبب الصمت الدائم من الحكومة، العراقية المركزية والمحلية ، لأنها لا تستطيع حل الأزمات التي تواجههم وجميع حلولها ترقيعية ولاترتقي لحجم الكارثة.
وأشار إلى أن موضوع القنصلية الذي حدث اليوم، من المتوقع حدوثة منذ أن بدأت المظاهرات في العراق، لأن الأهالي يعتقدون تمامًا أن إيران وتركيا، هما السبب الأول في حدوث الجفاف وتلوث المياة الذي لحق بهم، بسبب تلك السدود التي يقيمونها في منابع الأنهار مثل سد أليسو الذي أنشأته تركيا في دجلة.