بضع ساعات تفصلنا عن بداية مناسك الحج، والتي نستقبلها مع شروق شمس يوم الغد الموافق الثامن من ذي الحجة، والذي يطلق عليه يوم التروية.
ومع بداية المناسك، ننشر لقرائنا الأعزاء محظورات الإحرام، وهي الممنوعات التي يمتنع عنها الإنسان بسبب الإحرام ، والتي جاءت كالتالي:
حلق الشعر قبل الذبح
ويأتي على رأس تلك الأفعال إزالة شعر الرأس بحلق أو غيره استنادًا إلى قوله تعالى " وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "، فإن سقط شعر الحاج بغير اختياره فلا حرج، ويجوز أيضًا إزالة شعره إن كان يتأذى ببقائه مع وجوب الفدية، لقوله جل وعلا " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ".
استعمال الطيب بعد عقد الإحرام
سواء في ثوبه أو بدنه ، أوفي أكله أو في تغسيله أو في أي شيء يكون . فاستعمال الطيب محرم في الإحرام ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته ناقته : ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ، ولا تحنطوه ) والحنوط أخلاط من الطيب .
تقليم الأظافر
كما يُحرم على الحاج تقليم أظافره قياساً على حلق الشعر، ولا فرق في ذلك بين أظافر اليدين أو الرجلين، لكن إذا انكسر ظُفره وتأذى به، فلا حرج أن يقص القدر المؤذي منه، ولا فدية عليه.
عقد النكاح
وأيضًا من الأفعال المحرمة عقد النكاح فلا يجوز للمُحرِم أن يتزوج ولا أن يعقدَ النكاح لغيره، ولا أن يخطب حتى يحل من إحرامه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يَنْكِحُ المحرم ولا يُنْكَح ولا يخطب".
الجماع
ويأتي الجماع ضمن تلك الأفعال، بل أنه من أعظم المحظورات وأشدها تأثيراً على الإحرام، ، لقوله تعالى :" الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ".
القتل وصيد البر
بالاضافه قتل و صيد البر المأكول مكانة ضمن تلك الافعال، فلا يجوز للمحرم اصطياد شيء من حيوانات البر، ولا قتلُه ولا الإعانة على ذلك بدلالة أو إشارة أو مناولة أو نحو ذلك، كما يحرم عليه أن يأكل من الصيد إذا صاده غير المحرم لأجله، وأما إذا لم يصده لأجله فلا حرج عليه في الأكل منه، استنادًا لقوله تعالى: "وُحُرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حُرُماً".
محظورات خاصة بالرجال
من المحظورات الخاصة بالرجال لبس القميص والبرانس والسراويل والعمائم والخفاف ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل ما يلبس المحرم ؟ فقال : ( لا يلبس القميص ولا البرانس ولا السراويل ولا العمائم ولا الخفاف ) إلا أنه صلى الله عليه وسلم استثنى من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين .
وهذه الأشياء الخمسة صار العلماء يعبرون عنها بلبس المخيط ، وقد توهم بعض العامة أن لبس المخيط هو لبس ما فيه خياطة ، وليس الأمر كذلك ، وإنما قصد أهل العلم بذلك أن يلبس الإنسان ما فصل على البدن ، أو على جزء منه كالقميص والسراويل ، هذا هو مرادهم ، ولهذا لو لبس الإنسان رداءً مرقّعاً ، أو إزاراً مرقّعاً فلا حرج عليه ، ولو لبس قميصاً منسوجاً بدون خياطة كان حراماً .
محظورات خاصة بالنساء
ومن محظورات الإحرام وهو خاص بالمرأة النقاب ، وهو أن تغطي وجهها ، وتفتح لعينيها ما تنظر به ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عنه ، ومثله البرقع ، فالمرأة إذا أحرمت لا تلبس النقاب ولا البرقع ، والمشروع أن تكشف وجهها إلا إذا مرّ الرجال غير المحارم بها ، فالواجب عليها أن تستر وجهها ولا يضرها إذا مس وجهها هذا الغطاء .
وبالنسبة لمن فعل هذه المحظورات ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً ، فلا شيء عليه ، لقول الله تعالى : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم ) الأحزاب/5 وقال تعالى في قتل الصيد وهو من محظورات الإحرام : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم ) المائدة /95 فهذه النصوص تدل على أن من فعل المحظورات ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه .
وكذلك إذا كان مكرهاً لقوله تعالى : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) النحل / 106 فإذا كان هذا من الإكراه على الكفر ، فما دونه أولى .
ولكن إذا ذكر من كان ناسياً وجب عليه التخلي عن المحظور ، وإذا علم من كان جاهلاً وجب عليه التخلي عن المحظور ، وإذا زال الإكراه عمن كان مكرهاً وجب عليه التخلي عن المحظور ، مثال ذلك لو غطى المحرم رأسه ناسياً ثم ذكر فإنه يزيل الغطاء ، ولو غسل يده بالطيب ثم ذكر وجب عليه غسلها حتى يزول أثر الطيب وهكذا .