«برلمان منزوع من الاستجوابات».. هذا ماجاء على ألسنة بعض من البرلمانيين والسياسيين فور افصاح الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، عن النتيجة النهائية لكشف الانجازات على مدار 3 أدوار انعقاد متتالية، معلنًا أنه خالي تمامًا من أية استجوابات من قبل النواب للحكومة ووزرائها، على الرغم من إعلان عددًا من النواب طوال العامين الماضيين نيتهم التقدم باستجوابات ضد عددًا من الوزراء وكان من بينهم شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء السابق.
«إجراء خشن»، بهذه الكلمات برر «عبد العال» خلال أحدي الجلسات العامة، أسباب غياب الاستجوابات عن مجلس النواب منذ بداية عمله، مؤكدًا أن كافة الاستجوابات المقدمة من قبل النواب لن تتوفر فيها الشروط الشكلية والموضوعية والتي نص عليه الدستور والقانون البرلماني، وكأنه يتهم النواب بعدم أدراكهم الكافي للتوقيت المناسب لاستخدام الاستجواب، كما أنهم لم يدركون ماهو الفرق بين البيان العاجل وبين طلب الإحاطة وبين السؤال وبين الاستجواب، خاصة أن الاخير هي أخر الخطوات الأجرائية التي يلجأ أليها النائب لسحب الثقة من الحكومة بأكملها أو من الوزير.
وهي ذات المبررات التي أعلنها فيما بعد المستشار عمر مروان وزير شؤون مجلس النواب، حيث اتفق مع «عبد العال» في أن السبب الرئيسي لعدم مناقشة أي استجواب يرجع لعدم استفاؤه الشروط القانونية والدستورية.
ولكن الغريب فى هذا الأمر، أن فى ذات المؤتمر يخرج «عبد العال» بتصريح مناقد لكل ذلك، مشيدًا بأداء النواب خلال دور الانعقاد الثالث، مؤكدًا أنه من أعرق البرلمانات العربية والعالمية فى أصدار عدد كبير من التشريعات والقوانين التي تهم حياة المواطن البسيط، والتي بلغت إلي 2757تشريعًا فى دور واحد فقط والتي تعتبر هي الرقم الأعلى منذ 1866، مضيفًا إلي تنفيذ عدد كبير من الزيارات الميدانية والخروج بالعديد من الاتفاقيات الدولية بين الدول، كم انه قام بمنح الضوء الأخضر لحكومة الدكتور مصطفي مدبولي، وإصدار قوانين لم تجرؤ عليها برلمانات سابقة تشريعها على ارض الواقع.
مؤكدًا أن البرلمان بكل نوابه تحمل بكل شجاعة العبء الثقيل، ودافع عن البرلمان سواء من محاولات هدم داخلية وخارجية، كما دافعت عن اختصاصات المجلس، ومع ذلك تصطحب تلك التصريحات بعض من التساؤلات التي اثارت جدال بداخل أذهاننا وعلى الساحة السياسية، بسبب تلك التصريحات المتناقضة الذي تؤجد أن النواب لم يدركون جيدًا الفرق بين الأدوات الرقابية، وبين أنهم مارسوا عملهم على أكمل وجه من أصدار القوانين والتشريعات التي تهم حياة المواطن البسيط.
حداثة عهدهم البرلماني
وبالرغم من كل ذلك، إلا أنه فى الوقت الذي أرادت فيه المؤسسة التشريعية فى تصحيح وتبرير ما قاله رئيسهم فى حق أبنائه، إلا أنها قامت بإظلامها أكثر، وهذا أن دال فيدل على أن الكلام صحيح منذ البداية، فخرج النائب صلاح حسب الله، المتحدث الرسمي بمجلس النواب، مؤكدًا أن برلمان عبد العال أدي دوره الرقابي على أكمل وجه، ولكن هناك بعض من النواب نظرا لحداثة عهدهم البرلماني قدموا بيانات عاجلة على أنها استجوابات، مشيرًا إلى أن هناك شروطا يجب توافرها في الاستجواب تتمثل في تقديم أدلة ومستندات تؤيد صحة اتهامه.
وأشار "حسب الله"، إلي ان كافة الاستجوابات التي تم تقدمها النواب عبارة عن طلبات إحاطة وبيانات عاجلة ولا ترقى إلى استجواب، لافتًا إلي أن هناك حاليًا استجوابات مقدمة من بعض النواب لها اعتبارها.
خمس قوانين ضد رئيس الوزراء
حيث تقدم النائب محمد بدراوى، عضو مجلس النواب، باستجواب موجه إلى رئيس الوزراء والدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم، عن فشل الوزارة فى منع تسريب الامتحانات مما أدى إلى إعادة وتأجيل بعضها مما أضر بسمعة مصر وأثر سلبًا على الأسر المصرية.
كما تقدم ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻄﻨﻄﺎﻭى ﺑﺎﺳﺘﺠﻮﺍﺏ ﻣﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺱ ﺷﺮﻳﻒ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺭﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ، ﻭﺃﻋﻀﺎﺀ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺸﻠﻬﻢ فى ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜومة ﻭهﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬى ﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻪ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ، -ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻟﻌﺎﻡ 2017-2016 ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ فى ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺎﻟﻨﺴﺐ التى ﺧﺼﺼﻬﺎ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﺍﻟﻘﻮمى ﺍﻹﺟﻤﺎلى ﻟﻺﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎلى ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ العلمى، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ فى ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭى.
وتقدم النائب محمد فؤاد باستجواب، بسبب الإخلال بالأهداف الاقتصادية فى بيان الحكومة، وعدم توافق الأوضاع المالية فى الموازنة العامة، وتعدد الإجراءات الاقتصادية دون رابط وثيق لخطة إصلاح اقتصادى مكتملة الخطوات والأهداف، وتخبط فى السياسات النقدية والمالية مما يعمق الأزمة.
و تقدمت نادية هنرى عضو مجلس النواب، وعضو اللجنة الاقتصادية، باستجواب بشأن موافقة الحكومة على دخول شحنات القمح المصابة بفطر الأرجوت إلى مصر ،و موجه إلى رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الدكتور عصام فايد، وزير الصحة والسكان الدكتور أحمد عماد الدين راضى.
و تقدم النائب سمير رشاد أبوطالب، عضو مجلس النواب بمحافظة المنيا، باستجواب موجه إلى رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، ووزيري التنمية المحلية والبترول والثروة المعدنية، لعدم تحقيق ما وعد به المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب في 20 يناير 2016، بالتعديل الفوري للائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014، والمسجلة بمضبطة مجلس النواب.
تجاوز الحدود البرلمانية
ومن جانبة، قال رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، أنه ليست من أختصاص المتحدث الرسمي للبرلمان أن يتحدث بأسم النواب أو يعقب على أداء المجلس على الأطلاق، مؤكدًا أن حديثة عارم تمامًا من الصحة، خاصة وأنه لا يحق له أن يطلع على ما تقدم به النواب إلي الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان.
وتساءل "محسن" فى تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم»، "لماذا الاستجوابات فقط من تحدث عنها والذي أثارت جدال كبير على الساحة السياسية، خاصة وأن هناك أداوات رقابية أخري يقاعس عنها «عبد العال» في تنفيذها.
واشار مدير المركز الوطني للستشارات البرلمانية، إلي أن هناك تهاون فى أستغلال قدرات النواب، وذلك من خلال تنمية قدرات النواب، وتنفيذ المعهد البرلماني على ارض الواقع.
يتغاطي محاسبة الحكومة
وأكدت على أن هناك كثير من الاستجوابات التي تقدمت ضد حكومة المهندس شريف إسماعيل بسبب أدائهم السيء، إلا أن «عبد العال» قام برفضها متحججًا بأن ليست متوفرة المستندات الورقية، مشيرًا إلي أن عبد العال لايريد محاسبة أحد وذلك من ذلك أرادة برلمانية.
تهميش البرلمان
وفى نفس السياق، قال النائب سمير غطاس، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إنه قام بتقديم أستجواب ضد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بسبب التغيب المستمر عن حضور الاجتماعات دون تقديم إي سبب واضح ، إلا بعد غضب النواب ضده، مشيرًا إلي أن الوزير يري دائمًا أن دور اللجنة الوحيد هو الفصل التشريعي وليس له علاقة بالدور الرقابي.
وأكد "غطاس"، فى تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم»، ان الأستجوبات هي المرحلة الأولي قبل الاقاله، وهي من الأدوات الرقابية المتوفرة للنواب لاستخدمها فى حالة تقصير وزير عن أداء عمله، مشيرًا إلي أن الوزير ليس من حقه ان يتم تجاهل عمل البرلمان أو يقوم بتهمشيه.
عبد العال يمنع الاستجوابات
وأشار عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إلي أن «عبد العال» منع تمامًا تقديم إي نوع من الأستجوابات لحكومة شريف إسماعيل، كما ولذلك قامت لجنة التعليم والبحث العلمي بتقديم مذكرة إلي وزير التعليم تضمن بها توضيح العلاقة بين الوزارة وبين اللجنة وذلك وفقًا للدستور والائحة المنصوص عليها، لافتًا إلي أنه لابد من وضع واقفه واضحة وصارمة وذلك بسبب القرارت الأخيرة للوزير.
عبد العال لن يفصح عن سبب الرفض
واشاد النائب وحيد قرقر، عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان، بحديث رئيس المجلس خلال الجلسة الختامية، بأداء النواب ولتشريع عدد كبير من القوانين فى فترة قصضيرة، مؤكدًا على أن كافة الأدوات الرقابية المتاحة للنواب من طلبات الإحاطة والاستجوابات التي تقدمت لحكومة المهندس شريف إسماعيل لن تتوقف على الإطلاق حتى فى الاجازات البرلمانية.
وأكد "قرقر" فى تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن كافة الأدوات الرقابية التي يستخدمتها البرلمان لم تنفذ على شخص أو مسئول بعينه وإنما بصفته سواء تم تغييره منذ قبل أو استمر في الحكومة الحالية، وبالرغم من ذلك إلا عبد العال لم يرفض دائمًا تلك الاستجوابات دون الإفصاح عن سبب واضح وصريح متحججًا ببعض من الأمور.
مستحيل إلغاء الاستجواب من البرلمان
وقال الدكتور صلاح فوزى، الفقية الدستوري، إن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، لم تمنح لرئيس المجلس أو هيئة المكتب حق إحالة طلبات الإحاطة أو الأسئلة أو طلبات المناقشة المقدمة خلال الإجازة البرلمانية إلى اللجان النوعية.
وأوضح "فوزي"، أن الدستور المصري وقانون البرلمان ينص فى المادة 130 على أن لكل عضو فى البرلمان له الحق من توجيه استجواب لرئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم، لمحاسبتهم عن الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم، ويترتب عليه سحب الثقة على الفور.
وأشار الفقية الدستوري، إلي أنه من المفترض أن يناقش المجلس كافة الاستجوابات المقدمة من قبل النواب بعد 7 أيام على الأقل من تاريخ تقديمه وبحد أقصى 60 يومًا إلا في حالات الاستعجال التي يراها وبعد موافقة الحكومة، مؤكدًا أنه من المستحيل أن يتم إلغاء الأدوات الرقابية من البرلمان، لان المجلس قائم على التشريع والرقابة.