تعديات صارخة انتهجها الكثيرون ممن لا يولون ضمائرهم في أفعالهم، فصار السواد الأكبر من سكان المحروسة يتعدون على الأراضي الزراعية بعد تبويرها، الأمر الذي أدى إلى تدهور مستوى المجال الزراعي بوجه عام، وسوء أحوال التربة والفلاحين بوجه خاص.
كان تصريح الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، الذي كشف فيه أن إجمالي حالات التعدي بالبناء على الأراضي الزراعية وصل إلى 84 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية في الدولة، بمثابة ثقب الزيت على النيران، حيث أشار إلى أن التعدي يمثل خطورة كبيرة لأنه يضرب بمستقبل الأمن الغذائي المصري للأجيال القادمة، ونحن في حاجة للتوسع في الإنتاج الزراعي وزيادة الأراضي الزراعية المُستصلحة.
خبير يكشف تقاعس «الزراعة» في التعدي على الأراضي
أرجع الدكتور سعيد سليمان، أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، سبب تعدي الفلاحين والمواطنين بوجه عام على الأراضي الزراعية، إلى وزارة الزراعة، مشيرًا إلى أن الوزارة يجب أن تفرض قوانين لإزالة التعديات الموجودة والتي بلغت حوالي 84 ألف فدان.
وأوضح «سليمان» في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم»، أن الأراضي الزراعية تحولت في الفترة الأخيرة إلى مباني سكنية، مطالبًا بوضع قانون لتجريم البناء على المباني الزراعية، خاصة وأن القرى أصبحت الأراضي عبارة عن مباني خرسانية فقط وليست بالطوب الأبيض "الردش"، وذلك لتفاديهم قرار الإزالة.
وأشار الخبير الزراعي، إلى أن البرلمان وصله قانون تجريم الاعتداء على الأراضي الزراعية، إلا أنه تم سحبه ورفضه من أعضاء مجلس الشعب، وذلك لأن أغلب الأعضاء هم ممن يمتلكون أراضي زراعية.
وكشف عن كيفية إستيلاء الفلاحين على الأراضي الزراعية والتعدي عليها، مشيرًا إلى أن الفلاح يقوم بالذهاب إلى المهندس الزراعي، أو التاجر المختص بالأرض الزراعية، ويطلب منه البناء على تلك الأرض، وذلك في مقابل معادي من الفلاح إلى الطرف الآخر.
وتابع سعيد سليمان، أن كل مسئول يسير على حسب رغبته، مطالبًا المسئولين الكبار بتوجيه أنظارهم إلى أهمية الأراضي الزراعية، والحد من الزراعة فيها، وتعمير الأراضي الصحراوية.
نقيب الفلاحين يكشف دور النقابة في التعدي على الأراضي
قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين إن نسبة التعديات على الأراضي الزراعية زادت بشكل كبير من بعد ثورة 2011، وذلك بسبب الانفلات الأمني، حتى وصلت إلى 84 ألف فدان، أو قد تكزن تخطت هذا الرقم.
وأضاف نقيب الفلاحين في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن هناك العديد من الإجراءات الرادعة لزيادة التعدي على الأراضي الزراعية، منوهًا إلى أنهم طالبوا كثيرًا بحماية الأراضي في أيام الأعياد والمناسبات، والتي تكثر فيها التعديات على الأراضي الزراعية.
وأضح أبو صدام أن هناك العديد من الأسباب التي دفعت المواطنين للتعدي على الأراضي الزراعية، والتي كان على رأسها ارتفاع أسعار المباني، وعدم جدوى الزراعة أو حصول الفلاح على أي مكاسب منها في الأوقات الحالية، لذلك يلجأ الفلاحين إلى بيع أراضيهم للتجار الذين عملون على تقسيمها على شكل مباني، فضلا عن عدم تحفيز الفلاحين وتشجيعهم على زيادة كمية المنتج الزراعي.
وتابع النقيب أنه يوجد أيضًا وسائل أخرى للتعدي على الأراض بطرق أخرى، كتجريف الأراضي الزراعية، واستخدامها في غرض آخر غير المخصصة له.
وأشاد أبو صدام بالقانون الأخير الذي غلظ عقوبة الاعتداء على الأراضي الزراعية، منوهًأ إلى أنه استطاع الحد من الاعتداء على الأراضي الزراعية، ومشيرًا إلى أنه لو استمر الوضع على ماهو عليه من زيادة نسبة الاعتداءات على الأراضي الزراعية الطينية، والتي لا يمكن أن تعوض أبدًا، لن يكون هناك أراض زراعية بعد 100 عام.
ولذك يجب أن يكون توعية عامة بأهمية الأراضي الزراعية، وطرق الحفاظ عليه، بالإضافة إلى تطبيق المادة 29 من الدستور، والتي تنص على حماية الدولة للأراضي الزراعية وزيادتها وتجريم الاعتداء عليه، وتفعيل القوانين القديمة.
وأكد أن وزارة الزراعة يقع على كتفيها الدور الأكبر، فهي التي تعلم المساحة الكلية للأراض الزراعية، كما أنه المسئولة عن حماية هذه الأراضي من الاعتداء عليها والحفاظ عليه، ولذلك يجب عليها أن تتحرك بشكل أكبر، وخاصة في الاصلاح الزراعي وحماية الأراضي.