«48 ساعة»..ليست بالوقت الكثير، ولكنها برزت بأصابع من ذهب، في سماء القارة السمراء، ففي صباح الخميس الماضي، توجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى بلاد "السود" إي دولة السودان، تعزيزًا لأواصر الصلة بين البلدين، التي شابها في الفترات الأخيرة، بعض من المؤمرات، التي كادت أن تزعزع العلاقات بين البلدين.
مصر والسودان، دولتين لا تربطهما علاقات سياسية وتجارية فقط، بل تمتد جسور العلاقات إلى عنصر محوري في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية، تلك الهوية التي تشكلت من خليط عربي اللغة، وإسلامي وقبطي الديانة، وبحري متوسطي، ونيلي إفريقي، فإن كانت مصر عربية الهوية، فإنها دولة عربية في أفريقيا، كانت وستظل عنصرا للربط بين العروبة والأفريقية، وعنصر امتداد أفريقي في العالم العربي، وعمق عربي في أفريقيا.
ولم تتوقف العلاقات عند هذا الحد، بل سعى الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه رئاسة الجمهورية، على توطيد العلاقات بين مصر وأشقائها من مختلف أنحاء العالم، لذا توجه إلى دولة السودان، لتعزيز العلاقات بين البلدين.
زيارة السيسي للسودان
استقبل الرئيس السوداني عمر البشير، بحفاوة كبيرة، الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك في إطار زيارته للسودان، لمدة يومين، وهي الزيارة التى تعد الأولى له للخرطوم بعد انتخابه مؤخرا لولاية ثانية.
موسيقى عسكرية
وأجريت مراسم استقبال رسمية للرئيس السيسي بمطار الخرطوم، إذ عزفت الموسيقى العسكرية السلامين الوطنيين المصري والسوداني، كما صافح الرئيس السيسي كبار مستقبليه، واستعرض الرئيسان حرس الشرف.
جلسة مباحثات
كما تم عقد جلسة مباحثات بالصالة الرئاسية بمطار الخرطوم، لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وغادر الرئيسان مطار الخرطوم إلى القصر الجمهوري.
وشارك الرئيس السيسي، ووفد رفيع المستوى، مكون من سامح شكري وزير الخارجية، والدكتور محمد عبد العاطي وزير الري والموارد المائية، والدكتور عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، واللواء مصطفى شريف رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، واللواء محسن عبد النبي مدير مكتب الرئيس، وأسامة شلتوت سفير مصر بالخرطوم، والسفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.
عقد قمة مشتركة بالقصر الجمهوري
كما تم عقد قمة مشتركة بالقصر الجمهوري بالخرطوم، لمناقشة العديد من القضايا المتعلقة بدعم العلاقات الثنائية بين البلدين والتعاون المشترك بينهما في كافة المجالات، إلى جانب مناقشة العديد من القضايا الأفريقية والعربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
السيسي يعرب عن سعادته
وقال السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أعرب خلال المباحثات عن سعادته بزيارة السودان، مشيرًا إلى ما تعكسه هذه الزيارة، التي تعد الأولى له في الفترة الرئاسية الثانية، من خصوصية العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين، التي تجمع بين شعبيهما روابط ثقافية واجتماعية وطيدة ممتدة عبر السنين.
وأشاد الرئيس بالتطورات الإيجابية المتواصلة في علاقات التعاون بين البلدين، مؤكدًا حرص مصر على مواصلة تطوير هذه العلاقات ودفعها نحو آفاق أوسع، بما يلبي طموحات شعبي وادي النيل الشقيقين نحو السلام والاستقرار والتنمية.
الرئيس السوداني
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس السوداني أعرب من جانبه عن تقديره والشعب السوداني للعلاقات الأخوية التاريخية مع مصر وشعبها، مشيرًا إلى التاريخ المشترك ووحدة المصير التي تجمع بين البلدين والشعبين.
أطر التعاون
كما أكد الرئيس السوداني على حرص بلاده على تعزيز وتفعيل أطر التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والتجارية، بما يعود بالنفع على الشعبين ويلبي طموحاتهما التنموية. وأشار الرئيس البشير كذلك إلى تشابك مصالح البلدين وارتباط أمنهما القومي، ما يؤكد أهمية مواصلة التنسيق والتشاور المكثف بين الجانبين للتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة.
تشكيل لجنة
وذكر "راضي" أن المباحثات تطرقت إلى سبل تعظيم التعاون الاقتصادي وتعزيز مختلف جوانب التعاون المشترك، في مجالات البنية التحتية والنقل والزراعة والإنتاج الحيواني، وفي هذا الإطار وجه الرئيسان بتشكيل لجنة تسيير برئاسة وزيري خارجية البلدين، وعضوية الجهات المعنية المختلفة، لبلورة مشروعات محددة بجداول زمنية يتم الالتزام بها، فضلًا عن تكثيف الجهود لوضع ما يتم الاتفاق عليه موضع التنفيذ، وذلك في ضوء توافر الإرادة السياسية والشعبية، وضرورة انعكاس ذلك على المستوى التنفيذي.
الأوضاع الإقليمية
وأضاف المتحدث الرسمي، أن المباحثات تناولت كذلك استعراض مستجدات الأوضاع الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث أشاد الرئيسان بالمستوى المتميز من التنسيق الاستراتيجي والسياسي والأمني بين البلدين، الذي يهدف للحفاظ على الأمن القومي لمصر والسودان، ودفع جهود تحقيق التنمية والتعمير لصالح جميع شعوب المنطقة.
وعقد الرئيسان عقب انتهاء المباحثات مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا كما أقام الرئيس عمر البشير، مأدبة عشاء تكريمًا للرئيس.
استقبال نائب رئيس جمهورية السودان
وفي اليوم التالي، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مقر إقامتة بالخرطوم، الفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس جمهورية السودان رئيس مجلس الوزراء القومي.
ترسيخ الروابط التاريخية
وصرح السفير بسام راضي، أن الرئيس أشاد خلال اللقاء بنتائج المباحثات مع الرئيس السوداني عمر البشير، مشيداً بروح التعاون البناء بين الدولتين والحرص على تعزيز العلاقات الثنائية وترسيخ الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، مؤكداً على أن نهج مصر دائماً هو الحرص على استقرار السودان وتنميته، إيماناً بوحدة المسار والمصير التي تربط شعبي وادى النيل.
رئيس السودان يرحب بزيارة السيسي
وأضاف المتحدث الرسمي، أن النائب الأول لرئيس جمهورية السودان رئيس مجلس الوزراء القومي، أعرب خلال اللقاء عن تقدير السودان لمصر قيادة وشعباً، مرحباً بأن تكون السودان هي وجهة الرئيس الأولى خلال الفترة الرئاسية الثانية، مثلما كانت أيضاً الوجهة الأولى للرئيس في عام ٢٠١٤.
لقاء قيادات ورموز القوى السياسية
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمقر إقامتة بالخرطوم بعدد من قيادات ورموز القوى السياسية والمفكرين والإعلاميين السودانيين.
إجهاض أية محاولات لتعكير صفو العلاقات
وصرح السفير، بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب خلال اللقاء عن سعادته بزيارة السودان والالتقاء بمفكريها وقيادات العمل السياسي السوداني، مشيراً إلى أن الزيارات المتعاقبة بين الدولتين تؤكد حرص القيادتين المصرية والسودانية علي دفع العلاقات الثنائية وإجهاض أية محاولات لتعكير صفو العلاقات بينهما.
عدم التدخل في شئون الآخرين
وأكد الرئيس أن سياسة مصر الخارجية تقوم على مبادئ راسخة بعدم التدخل في الشئون الداخلية للآخرين، وعدم التآمر على أي دولة، ومد روابط التعاون والتنمية وإرساء السلام، في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، التي تسمو فوق أية اختلافات في وجهات النظر.
ترفيع اللجنة المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسي
وأشاد الرئيس بما تبذله الدولتان حالياً من جهود حثيثة لدعم علاقات التعاون بينهما، وقيام لجان وآليات التعاون الثنائي بين البلدين بتجاوز العديد من الصعوبات التي كانت تواجهها، وترفيع اللجنة المشتركة بين البلدين إلى المستوي الرئاسي وانعقادها بالخرطوم في أكتوبر المقبل، وتشكيل لجنة التسيير بين البلدين لتحديد خطط واضحة بأهداف محددة وجداول زمنية لوضع ما يتم الاتفاق عليه موضع التنفيذ. كما أشار الرئيس في ذات السياق إلى الشروع في تنفيذ مشروعات قومية مشتركة، منها الربط الكهربائي ومد خطوط السكك الحديدية بين الدولتين، مؤكداً أن هناك آفاقاً واسعة للارتقاء بعلاقات التعاون إلى أبعد مدى.
الإصلاح الاقتصادي الشامل
كما تطرق الرئيس خلال اللقاء إلى جهود الإصلاح الاقتصادي الشامل الجاري تنفيذها في مصر، وكذا الإجراءات التي تتخذها مصر لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، والمشروعات القومية العديدة الجاري إقامتها، وخاصةً في مجال البنية التحتية، والمدن الجديدة بمختلف أنحاء الجمهورية، منوهاً إلى ما أظهره الشعب المصري من وعي وإدراك وتفهم لطبيعة المرحلة. كما شدد الرئيس على حرص الحكومة المصرية على تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري مع السودان.
تعزيز العلاقات الحزبية والشعبية
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أكد أيضاً أهمية تعزيز العلاقات الحزبية والشعبية بشكل متواز مع العلاقات الرسمية بين البلدين، مشيراً إلى دورها المحوري في تعزيز العلاقات الثنائية بوجه عام لتجاوز أية قضايا عالقة بين الجانبين، منوهاً إلى المسئولية الكبرى التي تقع على عاتق الأجهزة الإعلامية في البلدين للقيام بدور إيجابي وبنّاء في توطيد العلاقات الثنائية، وأهمية قيام الجانبين باتخاذ خطوات متسارعة نحو توقيع ميثاق شرف إعلامي يضمن قيام إعلام الجانبين بإعلاء المصلحة الوطنية العليا والنأي عن أية محاولات لتعكير صفو العلاقات بين مصر والسودان، مؤكداً حرص مصر على استقرار السودان، وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، ومنوهاً إلى دعم مصر لدور السودان في محيطيها الاقليمي والدولي، في ضوء ترابط الأمن القومي للبلدين والعلاقات التاريخية التي تربط بين الشعبين.