في الوقت الذي تعاني فيه إيران انهيارًا كاملًا للاقتصاد المحلي، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الولار الأمريكي، يضرب الجفاف والتصحر جميع جغرافية إيران، لتخلق كارثة جديدة مستعدة للانفجار في وجه الملالي، وتهدد نظامه.
بعد التظاهرات التي اندلعت في إيران خلال الأيام الماضية، احتجاجًا على تدني الحالة الاقتصادية هناك، لم يجد البنك المركزي الإيراني خيارا لمواجهة انهيار العملة المحلية سوى فتح سوق ثانوية للعملة الصعبة، متراجعا بذلك عن جهود استمرت 3 أشهر فقط لفرض سعر صرف واحد للريال مقابل الدولار، بعدما هبط إلى مستويات قياسية.
جاء الجفاف ليكون مكملًا، ويقضي على جميع آمال الرئيس حسن روحاني في الإصلاح، وظهر حجم الكارثة بعدما جفت «باداب سورت»، التي تعد أكبر مصدر ينابيع للمياه في إيران، بالكامل، وتحاول منظمة التراث الثقافي بمنع دخول السياح الأجانب إليها منذ عام 2016.
وأوضح تقرير نشرته وكالة «مهر»، أن «باداب سورت» يحتل ثاني أشهر أثر وطني في إيران بعد جبل دماوند بحسب مؤسسة الثقافة والتراث.
وأوضحت الوكالة أن الوضع البيئي والجفاف الذي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة تسبب في جفاف هذه الينابيع، وأدى نقص مياه الشرب فى إيران، إلى اندلاع مظاهرات الأسبوع الماضي، فى شوارع الأحواز موطن الأقلية العربية فى الجمهورية الإسلامية.
وأظهر بحث مشترك بين علماء أمريكيين وإيرانيين، وصدر سنة 2015، أن الجفاف ونقص المياه فى منطقة الشرق الأوسط شكّلا فى الأزمنة القديمة أسبابًا لانهيار الإمبراطوريات السابقة، إذ شهدت إيران زيادة فى النمو الزراعى لمواجهة النمو السكانى، فأصبحت حاجتها متضاعفة إلى كمية هائلة من المياه، علاوة على أن إيران بدأت تعانى من الجفاف منذ فترة طويلة، إذ جفت الأنهار والمياه فى البلاد كما استُنزفت المياه الجوفية، وأظهرت التقديرات أنّ معدل تساقط الأمطار بلغ أدنى مستوى له منذ أكثر من 40 سنة.
وأشار موقع «إيران فوكس»، إلى أن نسبة التبخر فى إيران أعلى من المعدّل العالمى، ما يؤثر سلبًا في احتياطات المياه.
كما يشير العلماء إلى أنّ ثلثى المياه المتساقطة فى إيران تتبخر قبل أن تتمكن من تجديد الأنهار بسبب معدل التبخر العالى، إضافة إلى أن معدل الاستخدام المنزلى للمياه فى إيران يبقى أعلى من المعدّل العالمى بــ 70%.
وبالرغم مما سبق، فإن المؤشر الأكثر سلبية فى مسألة الاستخدام غير المنظم وغير المتناسب للمياه فى المجال الزراعى يكمن فيما حدث للبلاد بعد ثورة الملالى فى 1979، إذ غادر البلاد العديد من المتعلمين، بمن فيهم المختصون فى عمليات استصلاح الأراضي، ما تسبب فى مراقبة وإدارة وتخطيط استخدام المياه من قبل أشخاص بنوا قراراتهم على دوافع سياسية لا اقتصادية، وكان ذلك سببًا فى ضياع ثروات طبيعية من المياه.
يبدو أن الوقت قد فات على إيران فى التصدى للأزمة، ففى الوقت الذى يتذمر فيه المسئولون الإيرانيون من النقص فى التمويل بسبب العقوبات الدولية، يبحثون عن حلول لأزمة المياه، وبالطبع تتطلب تمويلات هائلة، لا يستطيع نظام الملالى توفيرها مع ما حل بالبلاد من أزمات اقتصادية طاحنة وإشهار إفلاس البنوك وفرض العقوبات الدولية على البلاد مرة أخرى، إضافة إلى ضياع ثروات الإيرانيين فى تمويل ميليشيات لإثارة النزاعات والحروب فى دول مجاورة لحساب النظام الملالى، فيما أكد شهريار مطهري، أستاذ علوم المناخ في جامعة طهران، أن نحو 37 مليون إيراني مهددون بالهجرة نتيجة الجفاف.
وفى 10 يونيو الماضى، أصدر نتنياهو فيديو مترجمًا إلى اللغة الفارسية، عرض فيه خبرة بلاده لمساعدة إيران فى مواجهة الجفاف، ونقص المياه، وتضمن الفيديو روابط إلى موقع تابع للحكومة الإسرائيلية باللغة الفارسية، يضم معلومات حول نقص المياه فى إيران، في محاولة للسخرية من عجز نظام الملالي.