عانت مصر بأكملها تحت حكم الجماعة الإرهابية قبل الإطاحة بهم في 30 يونيو 2013، حيث أنهم عملوا على استقطاب قيادات الإرهاب إليها، وتوطينهم على أراضيها، وبالرغم من ذلك كانت سيناء الحبيبة هي الأكثر تضررًا من هذا الإرهاب، في أعقاب القرار الذي اتخذه قيادات الجماعة الإرهابية، ببيع أراضيها إلى الخلايا التكفيرية، التي تحالفت معها لتحويل المنطقة العربية إلى منطقة لعودة الخلافة الإسلامية، فلم يتوانوا عن تهريب قيادات المنظمات الإرهابية حول العالم فيها.
وكان من أوائل الذين هبوا لاسترداد أرضهم من يد الجماعات الإرهابية، قبائل سيناء، الذين عملوا على التعاون مع القوات المسلحة للتوصل إلى مخابىء العناصر الإرهابية.
وبعد نجاح العملية الشاملة سيناء 2018، التي قضت على منابع الإرهاب، بدأت البلاد في التركيز على إعادة إعمار وتنمية أرض الفيروز، حيث أعلن الدكتور مصطفى مدبولي في بيان الحكومة، الذي عرضه يوم الثلاثاء الماضي أمام مجلس النواب، أنه سيتم التركيز على سد الفجوات التنموية في صعيد مصر، وشبه جزيرة سيناء، وذلك من خلال توفير 100 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى توفير 6000 منفذ توزيع، وذلك بخلاف منافذ القوات المسلحة ووزارة الداخلية، وصندوق «تحيا مصر» لتوفير السلع التموينية.
«برنامج مدبولي يحث على الطمانينة والطموح في تطوير مصر خلال الفترة المقبلة» هكذا بدأ النائب سلامة سالم الرقيعي، عضو مجلس النواب بشمال سيناء، حديثه موضحًا ان البرنامج استهدف بفلسفته المتزنة عدة محاور، من ضمنها بناء الإنسان بصفة أساسية، بالإضافة إلى خطة الاستقرار الآمن في سيناء.
وأوضح الرقيعي في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم»، أن الفترة المقبلة ستشهد حالة من التنمية على الساحة السياسية والدفع بها وتحريكها بدلًا من الركود الذي أصاب بعض أرجاء الجمهورية، وخاصةً فى سيناء مؤخرًا، مؤكدًا أن سيناء بالفعل تحتاج إلي تطوير المنظومة الصحية، وافتتاح العديد من المستشفيات، بالإضافة إلى التوسع فى إنشاء جامعات العريش الحكومية، وإلقاء الضوء على البنية التحتية والأساسية للمشروعات الزراعية وكل ذلك في صالح المواطنين، وعملية جذب للسكان واستقرار الأوضاع من جديد داخل المحافظة.
واشار عضو مجلس النواب، إلى أن استقرار العنصر البشري والموارد البشرية يؤدي إلى تفاعل الموارد المتكاملة من استهداف الدولة للإصلاح الاقتصادي.
وأوضح أن سيناء من أكبر المحافظات مساحةً، والتي تمثل سدس الجمهورية، ولذلك فهي تحتاج إلى تطويرها وضخ المشروعات التنموية في تلك المناطق التي تلقب بأنها «محرومة» ما يساعد في القضاء على الإرهاب.
وأختتم النائب حديثة قائلًا إن البرنامج مثالي ولذلك يحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع، موجهًا التحية للقوات المسلحة والشرطة والحكومة لما يبذلوه من جهود لتنيمة سيناء بوجه عام، ومكافحة العمليات الإرهابية.
أما بالنسبة للنائب حسام رفاعي، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب عن محافظة شمال سيناء، فقد أشار في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» إلى أن الحكومة يجب عليها أن تمنح الطمأنينة لأهل سيناء ويكون برنامج الحكومة متضمن ذلك، وذلك من خلال توفير الميزانية اللازمة لتعويضات أهالي سيناء عن عمليات التهجير للعملية الشاملة للسيناء، لافتًا إلى أنه لم يتم صرف الـ 10% من المبالغ التي اتفقد عليها الحكومة السابقة.
ومن جانبه وجه الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بأخذ خطة التنمية في اعتبارها طبيعة المنطقة في محافظتي شمال وجنوب سيناء، مشيرًا إلى أن الخطة جاءت متأخرة جدًا.
وأوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي، في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن هذه الخطط التنموية يجب أن تأخذ في اعتبارها تغيير وتطوير وتنفيذ برامج دعم التنمية البشرية للمواطنين، منوهًا أنه يجب تغيير الثقافة القبلية لهم حتى تصبح ثقافة المواطنة، مضيفًا إلى أنه يجب التوسع في عمل صناعات جديدة في المنطقة، وبناء المدارس، والجامعات، بالإضافة إلى بناء دور للسينما، والعمل على نشر الموسيقى في شبة جزيرة سيناء، وذلك حتى يتم تغيير الثقافية البدوية المتجمدة، لأن الثقافة أداة من أدوات تأكيد الهوية.
وأكد أن عملية مكافحة الإرهاب والتطرف هي استراتيجية شاملة، وليست استراتيجية أمنية فقط، حيث أنه يتبعها تنمية في الجانب التعليمي والثقافي والاقتصادي بالإضافة إلى الثقافة الدينية المعتدلة، وتنمية الشباب، والمجتمع، وذلك حتى يتم محاربة الإرهاب، والقضاء على البيئة التي تدعمه، والعقليات التي تؤيده، وذلك كله حتى يتم استئصال الفكر المتطرف من مصر نهائيًا.
أما بالنسبة للدكتور عبد المنعم السعيد، الخبير السياسي فقد قال إن عملية تعمير سيناء عملية كبيرة جدًا، فسيناء بها جزء معمر بالفعل، وستكون التنمية للمناطق غيرالمعمرة، ولا تحتوي على عدد كبير من السكان، وبها مرتفعات يستغلها الإرهابين، مشيرًا إلى أنه يوجد العديد من السبل التي يمكن من خلالها تنمية سيناء، حيث أنه يجب الاهتمام بالبنية الأساسية للتعمير، والتي من أهمها بناء أنفاق أسفل قناة السويس لاتاحة الفرصة لتخفيف الكتلة السكانية الكبيرة الموجودة في الدلتا ووادي النيل عن كريق عمل مدن داخل سيناء، مضيفًا أنه كان يوجد بالفعل مدينة بور توفيق في السويس، بور فؤاد في بور سعيد، وسيتم التوسع فيهما، هذا بالإضافة إلى إنشاء مدينة أخرى هي مدينة الاسماعيلية الجديدة ناحية شرق قناة السويس، بالإضافة إلى التوسع في مدينة القنطرة، وبذلك سيتم تنمية الساحل الشرقي لقناة السويس.
وأضاف الخبير السياسي في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أنه يوجد أيضًا مشروع نقل مياه نهر النيل من ترعة السلام، والتي سيستفيد منها منطقة وسط سيناء، والتي تقدر مساحة الاستصلاح بها بحوالي 450 ألف فدان.
وأوضح أن العملية الشاملة استطاعت أن تقضي على الإرهاب، وتمنعه من تهديد الصناعة، مما نتج عنه استكمال مصنعين للأسمنت لعملهما أحدهما تابع للقوات المسلحة، أما الآخر فهو تابع للقطاع الخاص، متابعًا أن هناك مناطق كبلاعيم ورأس سدر سيتم استغلالها لعمل صناعات بتروكيماويات، وصناعات تعتمد على الرمل، هذا بالإضافة إلى أن شبة جزيرة سيناء بها الكثير من المناطق التعدينية، والمناطق التي يمكن أن تكون مناطق سياحية خلابة.
ونوه في ختام حديثه، بأن هناك هيئة لتطوير وتعمير سيناء، والتي لديها خطة للتعمير، آن الأوان لتطبيقها، مشيرًا إلى أن هذه الخطة أيضًا ستشمل النواحي الثقافية، والصحة، والتعليم، ومشروعات واستثمارت اقتصادية وغيرها من المجالات، وخاصةً الناحية التوعوية.