حالة من الجدل تشهدها الساحة الصحفية، على خلفية قانون الصحافة الجديد، وتعالت الصيحات بين العديدين من الوسط الصحفي بإعادة النظر في بعض مواد القانون، نظرا لاعتقادهم بأن هذه المواد تحمل في طياتها قيود على حرية الرأي والصحافة.
استضاف الإعلامي أحمد موسى في برنامجه على مسئوليتي الكاتب الصحفي «كرم جبر»، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، للنظر في الملابسات الخاصة بالقانون.
إلغاء مادة الحبس
وبدأ الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، حديثه بأنه يضم صوته لصوت المعترضين على المادة 29 من قانون الصحافة الجديد، مطالبًا بإلغاء تلك المادة من مشروع قانون الصحافة والإعلام المطروح أمام مجلس النواب.
وتنص المادة 29 من قانون الصحافة، على أنه لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية فيما عدا الجرائم المحرضة على العنف والتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد.
تطابق حرفي
وهنا نوه جبر، إلى أن المادة 29 من قانون الصحافة مستخرجة من المادة 71 من الدستور، والتي تنص على حظر فرض أي رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إلغائها، ويجوز استثناءً فرض الرقابة عليها زمن الحرب أو التعبئة العامة.
وأضاف جبر، أن الفقرة الثانية تنص على ألا توقع جرائم سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين، أو بالطعن في أعراض الأفراد، فتحدد عقوبتها بقانون العقوبات.
وتابع جبر متسائلًا: «إذا تم إلغاء المادة 29 من قانون الصحافة الجديد، فما موقف المادة 71 الموجودة في الدستور، فهل سيتم إلغاؤها أي المطالبة بتعديل الدستور»؟.
وأوضح جبر أنه بالفعل يطالب بإلغاء المادة 29 من قانون الصحافة الجديد، إلا أنه يطالب النقابة ورجال القانون والفقهاءـ بتوضيح الموقف القانوني من المادة 71 من الدستور المنقولة بشكلٍ متطابق في المادة 29 .
وأشار رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، إلى أن أعضاء لجنة الخمسين هم الذين وضعوا الدستور، موضحًا أنه بموجب قرار الرئيس السابق عدلي منصور رقم 570 للعام 2013.
عمالة زائدة
ولفت جبر، إلى إنه من الملاحظ في كل المؤسسات الصحفية بعد عام 2011، إن نسبة العمالة الزائدة، تراوحت ما بين 60 إلى 70%.
وأوضح، أن المجلة أو الصحيفة التي بها مائة صحفي، أصبح بها 160 محررًا، وهذا هو الواقع الموجود الآن.
وأردف: «كل مؤسسة الآن حسب احتياجاتها دون قيد أو شرط، فإذا رغبت في التمديد للعاملين بها فلها ذلك، لكن عليها تدبير احتياجاتها» مشيرًا إلى أن الوظائف الكبرى يتم تخصيص اعتمادات مالية ضخمة جدًا لها، فمن الممكن أن يتم فتح المجال عقب أن يُحال الصحفيين الكبار للتقاعد واستبدالهم بمجموعة من الشباب، لكن كل مؤسسة حرة في التعامل مع العمالة الخاصة بها، سواء بالتمديد من عدمه.
وأكد أنه عند توليه منصب رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة، أعاد أصحاب المعاشات مرة أخرى للكتابة، فكانت الأمور تسير بحالة كبيرة من الارتياحية، مُعقبًا: «لكن قريش أدرى بشعابها، فكل رئيس مجلس إدارة عليه إقناع الجمعية العمومية بأن لديه قدرات مالية وإدارية وإمكانه تمديد التعاقد للعاملين».
الدعم المادي
وذكر جبر أن الهيئة ليست خزينة ممتلئة بالأموال، أو خزينة لها فرع في وزارة المالية وفرع آخر في البنك، لكن لديها صندوق يطلق عليه اسم «صندوق دعم الصحف» يتم من خلاله مفاوضات مريرة، من أجل تدبير اعتمادات مالية، التي يتم توزيعها على المؤسسات القومية بالعدل والمساواة.
وأوضح جبر، أن كل مؤسسة على سبيل المثال لديها 10 آلاف عاملًا يتم منحها مليون جنيه، وإذا كانوا خمسة آلاف تحصل على النصف وهكذا.
وأشار إلى أنه لا يتم التوجيه بصرف تلك الأموال في رواتب أو حوافز أو مكافآت، ولكن كل مؤسسة من المفترض أن اجتماع مجلس الإدارة الخاص بكل مؤسسة، بل يتخذ قرارات رشيدة خاصة بذلك الدعم، إلا أن ذلك لا يحدث، مؤكدا أنه خاطب أعضاء مجلس الإدارة بشأن ذلك ليجيبوا بعدم معرفتهم عن شئ خاص بذلك الدعم المالي.
وتساءل رئيس الهيئة الوطنية والصحافة، عن غياب الشفافية والوضوح، مؤكدًا أنه من المفترض على كل رئيس مجلس إدارة توضيح لمجلس الإدارة، مبلغ الدعم الذي تم تقديمه للمؤسسة، مؤكدًا أنه عقد منذ أسبوع اجتماعًا مع رؤساء مجلس الإدارة ومديري العموم الخاصة بالمؤسسات لبحث العلاوة، لافتًا إلى أنهم طالبهم بالنظر في رواتب الإدارات العليا، وعمل مبادرة للسلام الاجتماعي والهدوء المعيشي لتقريب الفوارق.
مكافأة نهاية خدمة
وأشر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، إلى أنه رصد تأخر صرف مكافآت نهاية الخدمة لمدة تصل إلى 5 سنوات بالعديد من المؤسسات الصحفية.
وتابع جبر، «حددنا جدولًا زمنيًا لصرف المكافآت المتأخرة، ورئاسة الجمهورية وجهت عام 2017 بدعم المؤسسات بـ 110 ملايين جنيه، لصرف مكافآت نهاية الخدمة وفقًا للجدول الزمني».
وأكد رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن مكافآة نهاية الخدمة للصحفيين سارية ولم يتم إلغاؤها، مشيرًا إلى أن القانون الجديد لم ينص عليها، لكونها موجودة بقانون نقابة الصحفيين.
عصب القانون
وقال جبر، عصب قانون الصحافة الجديد، هو ثلاثة أشياء تتمثل في الشفافية والمتابعة والمحاسبة.
وأضاف، أن الشفافية تعني أن القانون جعل تشكيل الجمعية العمومية كما يلي:« 3 من الهيئة الوطنية للصحافة،و7 منتخبين من خارج المؤسسات و6 من داخل المؤسسات».
وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن السبعة المنتخبين من خارج المؤسسات، اشترط فيهم القانون أن يكونوا ذوي خبرات مالية واقتصادية واستثمارية وخبرات في التشريعات القانونية.
وأشار إلى أن الشكل الحالي للجمعية العمومية يتمثل في مجلس الإدارة بأعضائه الستة الذين تم اختيارهم، بالإضافة إلى الستة أعضاء الذين تم انتخابهم ولديه الأغلبية، ويختار الكفاءات التي ستعينه في إدارة المؤسسة.
وتابع قائلًا: «في الجانب الآخر سنجد الجمعية العمومية مشكلة بأعضاء من خارج المؤسسة بخبراتهم المالية والاقتصادية والتشريعية بالإضافة إلى الجهاز المركزي للمحاسبات، وستعين الجمعية العمومية خبيرًا ماليًا لمراقبة الحسابات».
وأكد أن دور الجمعية العمومية، يكمن في اعتماد مشروع الموازنة والحساب الختامي والذي سيقدمه مجلس الإدارة، وتعيين مراقب حسابات، وإقرار السياسة العامة وخطة المؤسسة الاقتصادية التي يعرضها رئيس مجلس الإدارة، وإقرار التقارير الربع سنوية، بالإضافة إلى اعتماد لوائح شئون العاملين، واللوائح المالية والإدارية التي يعضها مجلس الإدارة.
عبارات مطاطة
وأشار جبر، إلى أنه تم تعديل بعض المواد في قانون الصحافة ليحتوي على عبارات مطاطة ومرسلة، يمكن تفسيرها على أي صحفي ويطاله الحبس الاحتياطي بسببها.
وأضاف جبر، أن القانون تم إعداده خلال ساعتين، وعرض مساءً ووقعه رئيس الجمهورية في الصباح، مشيرًا إلى أن القانون الجديد لم يعرض بهذه الكيفية، وفي أول مرة عُرض القانون كان في رمضان قبل الماضي، وتم الاجتماع في الهيئة بحضور جميع رؤساء الإدارة ورؤساء التحرير، بحضور أسامة هيكل، ومحمود فوزي المستشار القانوني للرئيس.
وتابع قائلًا: «تم مناقشة القانون تمامًا، وهذا القانون منذ ثلاث سنوات يتم تداوله، فُعرض على الهيئات وأبدت رأيها فيه، كما عُرض على نقابة الصحفيين في توقيت سابق قبل ذلك وتم إبداء الرأي فيه، وآن الآوان لصدوره، لتعطله منذ ثلاث أو أربع سنوات، لتنظيم العمل داخل المؤسسات الصحفية القومية وتنظيم الإعلام، فكان الأمر يتطلب إصدار القانون»
وأكد أن الدستور يعطي لكل الهيئات والنقابات الصلاحيات اللازمة، فالقانون يعرض عليهم لإبداء رأيهم، لكن دون تعدي على سلطات البرلمان.