"التقييمات والدراسة في رمضان" .. أولياء الأمور يوجهون رسالة لوزير التربية والتعليم

الاثنين 24 فبراير 2025 | 05:19 مساءً
وزير التعليم محمد عبداللطيف
وزير التعليم محمد عبداللطيف
كتب : خلود عاشور

مع بداية الفصل الدراسي الثاني، تواجه المدارس في مصر تحديات كبيرة تتعلق بالمناهج، التقييمات، والعنف في المدارس، بالإضافة إلى ضغط الدروس الخصوصية، في هذا الحوار، يشاركنا عدد من الخبراء في التعليم آراءهم حول هذه القضايا الشائكة، وكيف يمكن تحسين النظام التعليمي لضمان بيئة تعليمية أفضل للطلاب.

بداية، نواجه العديد من المشاكل في التعليم، من ضغط المناهج إلى كثرة الامتحانات. ما هو رأيكم في هذه الضغوط التي تؤثر على تحصيل الطلاب؟

رودي نبيل: الحقيقة أن العنف في المدارس ليس مشكلة حديثة، فهناك نوعان من العنف. الأول هو العنف الطبيعي الذي يعاني منه الطلاب يوميًا بسبب ضغوط المنهج والامتحانات، الثاني هو العنف المبالغ فيه الذي يتم تداوله عبر وسائل الإعلام، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الحلول الفعّالة لتخفيف المناهج والامتحانات، وبالتأكيد الضغط على الطلاب والمعلمين على حد سواء.

- إذًا، إذا كانت المناهج هي السبب الأساسي، كيف يمكن إصلاحها لتتناسب مع الوقت المحدد للفصل الدراسي؟

منى أبو غالي: المناهج طويلة للغاية، وبالرغم من بعض التعديلات التي قام بها الوزير، ما زالت تتسبب في إرهاق للطلاب وأولياء الأمور على حد سواء، ويكون المطلب الأساسي هنا هو التخفيف من حجم المناهج، وإعطاء فرصة للطلاب لمراجعة المواد بدلاً من الاندفاع خلف الكم الكبير من المعلومات، خاصة في ظل العام الدراسي القصير.

- بما أنكِ تحدثت عن المناهج، ماذا عن أزمة الدروس الخصوصية؟ هل هناك حل حقيقي لهذه الظاهرة التي أصبحت عبئًا على الأسر؟

إيهاب عبد الرؤوف: في الحقيقة، الدروس الخصوصية أصبحت ثقافة سائدة في مصر، حيث أصبح الطلاب وأولياء الأمور يعتمدون عليها بشكل أساسي. الحل في رأيي يبدأ من داخل المدارس، بتطوير العملية التعليمية ورفع كفاءة المعلمين، ولكن لا يمكن إنكار أن هناك عوامل أخرى تتسبب في هذه الأزمة، مثل نقص المدرسين الأكفاء وغياب الرقابة الفعالة، لا يمكن أن نلوم فقط المعلمين أو الطلاب، بل يجب أن يكون هناك منظومة تعليمية واضحة.

- هل تجدون أن هناك فجوة بين النظام التعليمي في مصر والنظم التعليمية في دول أخرى مثل السعودية والإمارات؟

رودي نبيل: بالطبع، هناك فجوة كبيرة، ليس فقط في المواد الدراسية ولكن في جودة التعليم أيضًا. على سبيل المثال، ترتيب مصر في التصنيفات العالمية للتعليم بعيد جدًا عن ترتيب دول مثل السعودية والإمارات، الحل هنا يكمن في إعادة النظر في هيكلة النظام التعليمي بأكمله وتوفير بيئة تعليمية مناسبة تضمن تكافؤ الفرص لجميع الطلاب.

- بما أنكم طرحتم قضية التقييمات، هل تؤيدون فكرة أن تكون الامتحانات الإلكترونية هي السبيل لتطوير النظام؟

منى أبو غالي: هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة معمقة. النظام الإلكتروني يمكن أن يقلل من الفساد والمحسوبيات، ويجعل التقييم أكثر عدلاً، لكن في الوقت نفسه، يجب حل المشكلات التي يعاني منها الطلاب في الامتحانات الإلكترونية حاليًا، خاصة في الصفين الأول والثاني الثانوي.

- هل تعنين أن النظام التعليمي في مصر أصبح يشبه "فرن العيش البلدي" في كفاءته وجودته؟

مني: نعم، ما أقصده هو أن التعليم في مصر أصبح يشبه فرن العيش البلدي من حيث التنوع، لكن هذا التنوع لا يضمن الجودة لجميع الطلاب، كما في فرن العيش، نجد أنواعًا متعددة من التعليم، لكن ليس كلها تؤدي إلى نفس النتيجة، هناك تفاوت في جودة التعليم، سواء من حيث المناهج أو أساليب التدريس، وهذا التفاوت يعكس واقعًا غير عادل بين الطلاب. لذا، ينبغي تحسين النظام ليكون أكثر عدلاً وجودة في تقديم التعليم لكل الفئات دون استثناء.

- وفيما يتعلق بمادة الدين، هناك جدل حول إدراجها ضمن المجموع في الثانوية العامة. ما رأيكم في ذلك؟

رودي نبيل: الدين مادة أساسية في بناء شخصية الطالب، لكن لا أعتقد أن إدراجها ضمن المجموع سيكون الحل الأمثل. هناك طرق أخرى لتعزيز التربية الدينية دون التأثير على المجموع النهائي للطالب، قد تكون الندوات أو إشراك معلمين مؤهلين من الأزهر أو الكنيسة هي الطرق الأفضل.

- ماذا عن فكرة تخفيض درجات أعمال السنة كجزء من إصلاح النظام التعليمي؟

إيهاب عبد الرؤوف: فكرة تخفيض درجات أعمال السنة تحتاج إلى دراسة متأنية. النسبة يجب أن تكون منطقية، على سبيل المثال من 20% إلى 30%، حتى لا يصبح عبئًا على الطلاب، التقييم يجب أن يكون قائمًا على معايير شفافة وعادلة.

- وماذا عن نظام الثانوية العامة؟ هل هو الأنسب في الوقت الحالي؟

منى أبو غالي: لا أعتقد أن النظام الحالي هو الأنسب. نحن بحاجة إلى نظام أكثر عدلاً وتوازنًا. الثانوية العامة أصبحت مصدر ضغط هائل على الطلاب وأولياء الأمور على حد سواء، على الرغم من التعديلات التي تم إدخالها، لا يزال النظام يعاني من مشكلات هيكلية في التقييم والتنسيق، هناك حاجة لتوحيد النظام بشكل أفضل وتحقيق العدالة بين جميع الطلاب.

- في النهاية، ما هي أبرز التوصيات التي يجب أن تتخذها وزارة التربية والتعليم لإصلاح النظام؟

رودي نبيل: التوصيات كثيرة، لكن الأهم هو بناء فريق تعليمي حقيقي من المعلمين الذين يمكنهم توفير بيئة تعليمية تفاعلية، يجب أيضًا العمل على تحديث المناهج بشكل علمي يتماشى مع تطور سوق العمل. التقييمات يجب أن تكون شفافة وموحدة، مع ضمان تطبيق الآليات بشكل عادل، أما على المستوى الإداري، فيجب أن يكون هناك استقرار في السياسات التعليمية وأن يتم تنفيذ القرارات بشكل فعّال.

- وفيما يتعلق بدور الوزارة في تربية الطلاب؟ هل هي مسؤولة فقط عن التعليم أم يجب أن تتحمل أيضًا مسؤولية التوجيه التربوي؟

إيهاب عبد الرؤوف: الوزارة يجب أن تكون مسؤولة عن كلا الجانبين: التعليم والتربية، هي وزارة "التربية والتعليم"، ولذلك يجب أن تتبنى استراتيجية شاملة تربط بين التعليم القيمي والتعليم الأكاديمي، كما يجب أن يكون هناك متابعة حقيقية داخل المدارس لعملية التربية، وليس الاكتفاء فقط بتعليم المواد الدراسية.

- في عام 2016، كنت من بين الأصوات التي طالبت بإلغاء مادة الحاسب الآلي والرسم من المجموع. هل يمكن أن تشرح لنا سبب هذه المطالبة؟

مني ابو غالي: نعم، كان السبب الرئيسي وراء تلك المطالبة هو أن النظام التعليمي لم يكن يضمن بيئة مناسبة لتدريس هاتين المادتين بشكل صحيح، في مادة الحاسب الآلي، على سبيل المثال، بدلًا من أن تكون المادة فرصة لتطوير مهارات الطلاب التقنية، أصبحت مجرد مادة نظرية يختبر فيها الطلاب على الورق دون أن تكون لديهم تجربة حقيقية مع الأجهزة، أما بالنسبة لمادة الرسم، فقد أصبحت عبئًا إضافيًا على الطلاب وأولياء الأمور، حيث لجأ الكثيرون إلى الدروس الخصوصية لتعويض النقص في التعليم المدرسي، مما زاد من الأعباء المالية.

س: ما هي المشكلة الأساسية التي تعترض التعليم في مصر من وجهة نظرك؟

أ. أيهاب: المشكلة ليست في وجود المواد الدراسية، بل في القدرة على توفير بيئة تعليمية مناسبة لها. إذا كنا نريد أن يكون الطلاب مؤهلين لسوق العمل الرقمي، يجب أن تتوفر لهم الأجهزة والمعامل المتطورة. التعليم القائم على الامتحانات الورقية في مواد مثل الحاسب الآلي لا يعكس الواقع ويعيق تطور الطلاب.

س: كيف تقيم أنظمة التعليم في بعض الدول مثل السعودية والإمارات مقارنة بمصر؟

أ. أيهاب: في السعودية والإمارات، الأنظمة التعليمية تعتمد على الكفاءة والمرونة. على سبيل المثال، في السعودية، يتم تقليل تدخل المعلم في الاختبارات، ويُسمح للطلاب بالاختبار دون تدخل بشري، مما يعكس تطورًا في أساليب التعليم. بينما في مصر، ما زال التقييم يعتمد بشكل كبير على الاختبارات التقليدية، مما يعوق عملية التطوير في التعليم.

س: بالنسبة للدروس الخصوصية في مصر، ما رأيك فيها؟

أ. أيهاب: الدروس الخصوصية أصبحت عبئًا كبيرًا على الطلاب وأولياء الأمور. خاصة في مرحلة الثانوية العامة، حيث تزداد التكاليف وتضاف ضغوط نفسية على الطلاب. الكثير من هذه الدروس تركز على تحضير الطلاب للاختبارات بشكل آلي، دون تعزيز الفهم الحقيقي للمواد، مما يضعف القدرة على التطبيق الفعلي للمعرفة.

هل ترى أن غياب المعلمين بشكل متكرر له تأثير سلبي على مستوى التعليم؟

أ. أيهاب: غياب المعلمين هو أحد أكبر التحديات التي يواجهها النظام التعليمي في مصر. عندما يذهب الطلاب إلى المدرسة ويتفاجؤون بغياب المعلم، وعندما يأتي المعلم لا يقدم الدرس بالشكل المطلوب، فإن ذلك ينعكس سلبًا على مستوى التعليم. هذه الظاهرة تؤدي إلى تراجع أداء الطلاب وتؤثر على تحصيلهم العلمي بشكل كبير، مما يستدعي إصلاحًا جذريًا للنظام التعليمي.

س: بالنظر إلى التصنيف العالمي لمصر في مجال التعليم، هل تعتقد أن هناك فرصة لتحقيق تقدم؟

أ. أيهاب: رغم تصنيف مصر في المركز 148 عالميًا في مجال التعليم، إلا أن هناك إمكانيات ضخمة للتحسين إذا ما تم تبني أساليب تعليمية مبتكرة. يجب أن نعيد النظر في طريقة التدريس ونركز على تطوير المهارات التقنية باستخدام التكنولوجيا، وإعادة هيكلة أساليب التقييم لتكون أكثر مرونة وتواكب التغيرات العالمية، التغيير يجب أن يبدأ من الآن إذا أردنا أن نواكب التطورات الحديثة في التعليم.

وزير التعليم محمد عبداللطيف

اقرأ أيضا