تحل اليوم الذكرى السنوية لأحد أكثر الأحداث غموضًا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، والمعروف باسم "معركة لوس أنجلوس" أو "غارة لوس أنجلوس الجوية العظيمة"، التي وقعت بين ليلة 24 فبراير وصباح 25 فبراير عام 1942.
رغم مرور أكثر من ثمانية عقود على هذا الحادث، لا تزال التكهنات والنظريات المختلفة تحيط به، مما يجعله واحدًا من أكثر الوقائع إثارةً للجدل في التاريخ العسكري الأمريكي.
سياق تاريخي وأحداث المعركة
وقعت هذه الحادثة بعد أقل من ثلاثة أشهر من دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، إثر الهجوم الياباني على بيرل هاربر.
وفي 23 فبراير، قبل يوم واحد فقط من معركة لوس أنجلوس، تعرضت منطقة إلوود الساحلية في كاليفورنيا للقصف بواسطة غواصة يابانية، مما عزز المخاوف الأمنية لدى الجيش الأمريكي.
مع حلول الليل، دوت صفارات الإنذار في أنحاء مقاطعة لوس أنجلوس، وتم إصدار أوامر بإطفاء الأنوار تحسبًا لغارة جوية معادية. ومع اقتراب الساعة 3:16 صباحًا، بدأ لواء المدفعية الساحلية رقم 37 بإطلاق نيران مضادة للطائرات استمرت بشكل متقطع حتى الساعة 4:14 صباحًا، مستخدمًا أكثر من 1400 قذيفة مدفعية ضد ما وصفته التقارير آنذاك بـ أجسام مجهولة في السماء.
ورغم عدم تسجيل أي هجمات فعلية من جانب اليابان، تسببت نيران المدفعية الأمريكية في أضرار مادية للعديد من المباني والسيارات، وأسفرت عن مقتل خمسة مدنيين، ثلاثة منهم نتيجة حوادث سيارات خلال حالة الفوضى.
جدل وتفسيرات متباينة
بعد ساعات من الحادث، عقد الأمين العام للبحرية الأمريكية فرانك نوكس مؤتمرًا صحفيًا ووصف ما حدث بأنه "إنذار كاذب" ناجم عن توتر الأعصاب في زمن الحرب. ومع ذلك، أثيرت شكوك في وسائل الإعلام حول احتمالية التستر على حقيقة ما جرى، حيث نشرت صحيفة "لونغ بيتش إندبندنت" مقالًا افتتاحيًا يشير إلى "تحفظ غامض" في معالجة القضية.
وفي اليوم التالي، صرح الجيش بأن الحادث ربما يكون ناجمًا عن طائرات دعائية تستخدمها اليابان لإثارة الذعر، إلا أن هذا التفسير لم يكن مقنعًا للكثيرين، مما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن الأجسام الطائرة التي تم استهدافها قد تكون من خارج كوكب الأرض.
صورة تثير الجدل
في 26 فبراير 1942، نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" صورة يظهر فيها تسليط الكشافات العسكرية على جسم مجهول في السماء. اعتبر مؤيدو نظرية "الأجسام الطائرة المجهولة" أن الصورة دليل على وجود مركبة فضائية، ومع ذلك، كشفت تحليلات لاحقة أن الصورة تم تعديلها لتحسين التباين، وهو إجراء معتاد في الصحافة آنذاك.
إحياء الذكرى
لا يزال الغموض يحيط بحقيقة ما حدث في تلك الليلة، وبينما يعتبر البعض الأمر مجرد حادثة عسكرية مرتبكة، يرى آخرون أنها واحدة من أقوى الأدلة على ظاهرة الأجسام الطائرة المجهولة.
ومع استمرار الاهتمام بهذه الواقعة، يقيم متحف فورت ماكآرثر في لوس أنجلوس كل عام في فبراير حدثًا ترفيهيًا لإحياء ذكرى "الغارة العظيمة لعام 1942"، حيث يستعيد المهتمون بالحدث تفاصيله عبر عروض تاريخية وفعاليات تفاعلية.
ومع استمرار الجدل، تظل "معركة لوس أنجلوس" واحدة من أكثر الأحداث الغامضة التي لم يُحسم تفسيرها بشكل قاطع حتى يومنا هذا.