"حرب الشائعات".. تفاصيل ندوة مفتي الجمهورية في ندوة جامعة سوهاج

الاحد 09 فبراير 2025 | 06:13 مساءً
جانب من اللقاء
جانب من اللقاء
كتب : محمود عبد الرحمن

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في الندوة العلمية التي نظمتها جامعة سوهاج تحت عنوان "حرب الشائعات وأثرها على الفرد والمجتمع"، أن انتشار الشائعات يمثل خطرًا جسيمًا يهدد استقرار المجتمعات، فهي سيل جارف من الأكاذيب، لا يسقط فيه إلا من تخلى عن مجداف العقل، ولا ينجو منه إلا من احتمى بحصن الوعي. 

وأشار فضيلته إلى أن الإسلام حذَّر من نشر الأخبار دون تحقق، مستشهدًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، مؤكدًا أن نشر الأكاذيب يزعزع استقرار المجتمعات، ويفسد العلاقات بين الأفراد، مما يستدعي من الجميع تحرِّي الصدق والتأكد من صحة المعلومات قبل تداولها. 

 دور المؤسسات التعليمية في مواجهة الشائعات 

شدد مفتي الجمهورية على أن المؤسسات التعليمية ليست مجرد أماكن لتلقي العلوم، بل هي مشاعل للفكر ومنارات للتنوير، تبني الأجيال وتصوغ مستقبل الأوطان، مشيرًا إلى أن طلب العلم فريضة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (رواه ابن ماجه). 

وأوضح فضيلته أن التعليم القوي والمتين هو السلاح الفعَّال في مواجهة التحديات الفكرية، وحماية الشباب من التأثر بالدعايات المُضلِّلة والأفكار الهدَّامة. 

  الحروب الفكرية أخطر من الحروب العسكرية 

أكد فضيلة المفتي أن الحروب لم تعد تقتصر على المواجهات العسكرية، بل أصبحت المعارك الفكرية أكثر خطورة، إذ تدور في ميادين العقول بلا جيوش أو مدافع، لكنها تزرع بذور الشك والتبعية والانقياد، وهو ما حذَّر منه الإسلام بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]. 

وأضاف أن بناء الوعي المجتمعي هو السلاح الأقوى لمواجهة هذه التحديات، مشددًا على ضرورة التعاون بين المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية لتوجيه الفكر نحو الحقيقة، بدلًا من الانقياد وراء التضليل، حيث تستهدف الحروب الفكرية العقول وتهدد استقرار المجتمعات. 

    الشباب والشائعات.. بين الحقيقة والضياع 

أوضح فضيلة المفتي أن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافًا في حرب الشائعات، فهم يقفون في مفترق الطرق بين حقائق تُنير الدرب وأكاذيب تُلقي بهم في غياهب التيه والضياع، مؤكدًا أن تحصينهم بالفكر الصحيح والمعرفة الرصينة ضرورة لا بد منها. 

وحذَّر فضيلته من الانجراف وراء الدعايات المضللة التي تهدف إلى زعزعة الثقة بالنفس والمجتمع، داعيًا الشباب إلى التحقق من المعلومات قبل تصديقها أو نشرها، واستشهد بقول الإمام علي رضي الله عنه:  «إنما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما أُلقِي فيها من شيء قَبِلَتْه». 

  الانتحار.. لحظة انهيار تحتاج إلى دعم مجتمعي 

تطرَّق فضيلة المفتي إلى قضية الانتحار، معتبرًا إياها نتيجة للحظة انهيار داخلي، حين يطغى سوادُ اليأس على نور الرجاء، وتتلاشى نوافذ الأمل أمام رياح القنوط العاتية. 

وأكد فضيلته أن الإسلام شدَّد على قدسية الحياة، حيث قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29]، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ». 

وأضاف أن اليأس ليس حلًّا، بل يجب مواجهة المشكلات بالإيمان والتفاؤل والسعي إلى الحلول، مؤكدًا أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للشباب، وضرورة نشر ثقافة الأمل والصبر والتوكل على الله لمواجهة التحديات. 

    دعوة لبناء وعي مجتمعي مستنير 

اختتم فضيلة المفتي كلمته بالتأكيد على ضرورة بناء وعي مجتمعي قائم على الحقيقة والعلم، مشيرًا إلى أن التصدي للشائعات وحروب الفكر مسؤولية مشتركة بين العلماء والمربين والإعلاميين والمجتمع بأسره، لحماية العقول وتحصين الأوطان من أي محاولات تستهدف استقرارها وتشويه وعي أبنائها. 

    تكريم المفتي وحفَظة القرآن الكريم بجامعة سوهاج 

من جانبه، أشاد الأستاذ الدكتور حسان النعماني، رئيس جامعة سوهاج، بالدور التنويري الذي يقوم به فضيلة المفتي، مؤكدًا حرص الجامعة على التعاون مع علماء الأزهر ودار الإفتاء لمواجهة القضايا الفكرية والمجتمعية. 

وأشار إلى أن الشائعات ظاهرة قديمة قدم الإنسان، وقد تكون سياسية أو اقتصادية أو دينية، مؤكدًا أهمية التصدي لها من خلال الوعي والتعليم. 

وفي لفتة تقدير، قدَّم الدكتور حسان النعماني دِرع الجامعة لفضيلة المفتي تكريمًا لجهوده، كما قام فضيلة المفتي بتكريم حفَظة القرآن الكريم من أبناء الجامعة. 

    

اقرأ أيضا