"سعيد": السياسة الجديدة قد تحرم أطفالًا كثيرين من حقهم في الغذاء الصحي
"فؤاد": القرار يحمل جانبًا إيجابيًا في مكافحة التلاعب
بين فرحة الأمومة ومعاناة توفير الغذاء الأساسي للمواليد، تتزايد أزمات الأسر المصرية في ظل القرارات الأخيرة التي أصدرها الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، بشأن تنظيم صرف الألبان المدعمة، بهدف ضبط عملية التوزيع ومنع التلاعب، الأمر الذي أثار بدوره استياء الكثيرين، خاصة الأمهات اللواتي يعتمدن على الدعم الحكومي لتوفير هذا الاحتياج الحيوي.
وكان الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، قد أصدر قرارًا اقتصر بمفاداه صرف الألبان المدعمة شبيهة لبن الأم على عدد من الحالات التي تتعلق بوفاة الأم، أو إصابتها بمرض يؤثر على رضاعة الطفل أو إنجابها توائم.
وقسّم قرار وزير الصحة، الحالات إلى 3 مجموعات أساسية، ما بين فئات تستحق الصرف بعد التقييم، وحالات ثانية تستحق الصرف لفترة زمنية محددة مع إعادة التقييم، والمجموعة الثالثة والأخيرة أطفال كريمي النسب، بالإضافة إلى تحديد الكميات المقررة عن كل مرحلة عمرية.
حكايات من الواقع: معاناة الأمهات
في إحدى الوحدات الصحية بالعاصمة، وقفت "نهى"، وهي أم لطفل رضيع، تتحدث بنبرة يملؤها القلق: "طفلي يعاني من نقص الوزن، ونصحني الأطباء باستخدام الألبان المدعمة، ولكن الإجراءات أصبحت معقدة. الأوراق المطلوبة كثيرة، والمواعيد مزدحمة، وقد أُجبرت على الانتظار لأسابيع دون ضمان الصرف".
وعلى بعد أمتار، كانت "مي"، أم لطفلين، تُعبر عن استيائها: "الشروط الجديدة تطلب تقارير طبية تثبت عدم قدرتي على الإرضاع، لكن من يستطيع تحمل تكاليف التحاليل الطبية في هذه الظروف؟"
حوكمة التوزيع ومنع الهدر
وزير الصحة
ومن جانبه، قال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، إن القرار يهدف إلى ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين، والشروط الجديدة تهدف إلى "حوكمة التوزيع ومنع الهدر"، مشيرًا إلى أن لبن الأطفال 3 أنواع، وهناك حالات سُجلت فيها صرف الألبان لأطفال متوفين أو لأسر غير مستحقة.
وأكد أن الأولوية تظل للرضاعة الطبيعية، وأن الألبان تُخصص فقط للحالات التي تعجز الأمهات فيها عن الإرضاع لأسباب طبية، مثل الأمراض المزمنة أو الخطيرة.
مطالبة بمراجعة القرار
النائبة إيرين سعيد عضو لجنة الصحة بمجلس النواب
ومن ناحية أخرى، أعربت الدكتورة إيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، عن قلقها بشأن الأثر السلبي للقرار على الفئات الأكثر احتياجًا، مؤكدةً: "السياسة الجديدة قد تحرم أطفالًا كثيرين من حقهم في الغذاء الصحي، ويجب مراجعة الشروط لضمان مرونتها بما يتناسب مع الواقع المعيشي للأسر الفقيرة".
وأكدت "سعيد"، أن اللجنة ستطلب من وزارة الصحة تقريرًا مفصلًا حول تأثير هذه التعديلات على الفئات المستهدفة.
موقف حقوقي.. الحاجة إلى توازن
فيما قال محمود فؤاد، المدير التنفيذي لمركز الحق في الدواء، إن القرار يحمل جانبًا إيجابيًا في مكافحة التلاعب، لكنه يُحمّل الأسر الفقيرة أعباءً إضافية، مشددًا: "الحالات التي تحتاج فعليًا للدعم يجب أن تكون لها الأولوية، لكن الشروط المعقدة قد تؤدي إلى حرمان الأطفال الأكثر حاجة من هذا الدعم".
وطالب "فؤاد"، بضرورة إنشاء لجان خاصة لتقييم الحالات الميدانية لتخفيف العبء عن الأمهات، بدلًا من الاعتماد على المستندات المعقدة.
ضبط التوزيع ورفع المعاناة
بينما تؤكد الحكومة أن الهدف من القرار هو منع إساءة استخدام الموارد وضمان العدالة، فإن غياب سياسات تنفيذ مرنة يفاقم من معاناة الفئات المستضعفة. ما تحتاجه الأسر اليوم هو نظام يسمح بتوفير الدعم بطرق بسيطة وسريعة، مع الحفاظ على الرقابة اللازمة.