يبدو أن هناك مخطط واضح لتقسيم سوريا وتفتيتها بشكل ما والتخلص من الوجود الإيراني فيها، وهذا هدف رئيسي طبعا وإنهاء نظام البعث والأسد، وهي من متطلبات المرحلة الني تتطلب حاليا القضاء علي إيران وتقليم أظافرها في المنطقة، وحيث إن النظام السورى من أهم داعميه في المنطقه لذا وجب التخلص منه، فتقسيم سوريا بات على الطاولة قسم سني وقسم كردي وقسم درزي وقسم علوي، فالنظام السوري يخوض حاليا حربا وجودية اليوم، فهو ليس قادرا على الدفاع عن نفسه ومن هو قادر على المساعدة -روسيا وإيران- ليس مهتما، أو هو أيضا لم يعد قادرا. فروسيا يبدو أنها غير مهتمة أو حدثت صفقة خفية بينها وبين أمريكا لم تفصح عنها روسيا، وحزب الله الحرب الإسرائيلية قضت على كثير من إمكانياته، فهل يمكن لـ«حزب الله» الذهاب إلى سوريا اليوم إذا طلبت منه إيران كما فعلت في عام 2014، لا أعتقد خاصة وأن سوريا لم تساعد الحزب خلال الحرب الإسرائيلية عليه، أما إيران فأصبحت ضعيفة وغير قادرة، كما أن إيران تحارب بالوكالة لكنها أضعف من أن تدخل في حرب مباشرة وذيول إيران في سوريا الآن يهربون إلى إيران.
لذلك قد يمكن القول إن النظام الرسمي في سوريا يقوم حاليا بما يمكن له القيام به للدفاع عن نفسه، خصوصا أن الوسائل ليست متوفرة لديه لاستعادة السيطرة على كل سوريا، خصوصا في العتاد والعديد، فالجيش السوري غير مستعد لهذه الحرب؛ فعديده وعتاده ليسا كافيين، كما أن المساحات المطلوب منه تغطيتها وحمايتها تفوق بكثير إمكاناته، خصوصا أن الجيش السوري، كان ينتشر بشكل أن تكون المدن القريبة من العاصمة والمناطق التي تعد مركز ثقل بيئته، هي أساس الخطة الدفاعية، وكلما بعدت المدن عن العاصمة كان انتشار الجيش السوري هشا؛ لذلك كان الانهيار السريع للمدن السنية البعيدة عن العاصمه وانسحاب الجيش السوري دون مقاومة.
ومن الواضح أن تقدم الفصائل المسلحة السريع والسيطرة على مدن ومساحات شاسع لم يكن وليد اللحظة، ولكنه يبدو أنه مخطط له من قبل وتخطيط جيد، وهناك دول إقليمية مشاركه في هذا التخطيط لكنه كان ينتظر الوقت المناسب، وكان الوقت المناسب بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وكانت إشارة البدء عندما قال نتنياهو "أن الأسد يلعب بالنار"، كما أن العملية العسكرية «ردع العدوان» للفصائل المسلحة ليست بعيدة ولا منعزلة عن المحيط الجغرافي المباشر، وليست منعزلة عن التأثيرات والديناميكيات الجيوسياسية التي تتفاعل في المنطقة، خصوصا أن تغيير الخريطة العسكرية في سوريا سيكون له تأثيرات سياسية على الداخل السوري أولا، وسوف يعزز داعم هذه الفصائل المسلحة في اللعبة الإقليمية الكبري ثانيا، وهي مخطط التقسيم فيبدو أن المخطط بدأ تنفيذه في سوريا.
سقوط حماة يعني دخول الفصائل المسلحة لأول مرة إلى هذه المدينة منذ بدء الحرب السورية عام 2011. بعد أن سيطرت الفصائل المسلحة على مدينة حلب، وعلى كل إدلب، وحاليا على حماة المدينة؛ فهذا يعني أن على هذه الفصائل حكم ما استولت عليه في هذه المدن ذات الأغلبية السنية الأمر الذي يستلزم إدارة للحكم في كل الأبعاد،
أما النظام فهو يخوض الآن حرب حياة وموت للنظام ولبيئته، فهل إعادة الانتشار بعد سقوط مدينة حماة والتحصن بحمص والتي ستشكل الخط الأحمر الذي لا يمكن التراجع عنه، وإذا كان الطريق الدولي إم - 5 العمود الفقري لأهم المدن السورية، من حلب وحتى درعا، مرورا بكل من حماة، حمص ودمشق، فإن حماة هي مركز ثقل هذه المدن خصوصا في البعد الجغرافي. فمنها يمكن التوجه بكل الاتجاهات على الخريطة السورية.فهل سيسمح الجيش السوري للفصائل المسلحة بأن تسقط مدينة حمص، خصوصا أن حمص تشكل محورا أساسيا، وأن السيطرة عليها، تفتح الطريق إلى دمشق العاصمة وإلي الساحل السوري، حيث مركز الثقل البشري للنظام ذات الأغلبيه الشيعية والعلوية، وحيث توجد قاعدتان روسيتان هما حميميم وطرطوس؟
والناظر إلى خريطة توزيع الفصائل العسكرية يكتشف أن هناك ثلاث جبهات تسيطر على مناطق الصراع حاليا، حيث يكشف عن انحسار جديد في المناطق الخاضعة لسلطة بشار الأسد، حيث تنحسر في دمشق العاصمة وحمص والساحل السوري ذات الأغلبية الشيعية، في حين تسيطر قوات سوريا الديمقراطيه " قسد" وهي قوات كردية على دير الزور والرقة وهم في شمال البلاد، وقد خسر النظام السورى معابر حدودية مع دول الجوار، وبات ينتظر جلاء معركة حمص التي يرتقب أن تكون حاسمة، حيث فقد النظام السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن بعدما سيطر عليه مسلحون من درعا جنوب البلاد.
وتزامن ذلك مع خروج محافظة السويداء المجاورة عن سلطة الحكومة، بعد ساعات فقط من انسحاب جيشها من دير الزور ومعبر البوكمال الحدودي مع العراق شرقا، في إطار تداعيات الهجوم المفاجئ للفصائل نحو دمشق.
وخلف انسحاب الجيش السوري فراغا ملأته «قوات سوريا الديمقراطية» المتحالفة مع الولايات المتحدة، وهو ما يعني قطع طريق الإمداد بين طهران وبيروت وأصبحت هذه الأماكن يسيطر عليها الأكراد.
في حين تسيطر هيئة تحرير الشام والتي يقودها ابو محمد الجولاني المدعوم من امريكا وتركيا علي أدلب وحلب وحماة التي تتوسط سوريا، وتربط بين جهاتها الأربع وتكتسب أهمية عسكرية، كونها تضم مقرات عسكرية وأمنية حساسة، وتكتسب هذه المدن أهمية سياسية ورمزية حساسة من حيث أنها مدن غالبيتها العظمى من المسلمين السنة، ومنها انطلقت أكبر التحركات المناهضة لنظام حزب «البعث»، كما سيطر مسلحو الفصائل، أمس، على تلبيسة والرستن في إطار تقدمهم نحو حمص.
وفي وقت قال فيه «المرصد السوري» إن القوات الحكومية انسحبت من حمص، نفى الجيش السوري ذلك، ويعتقد أن معركة حمص قد تكون حاسمة نتيجة وجود أحياء ومناطق علوية وشيعية فيها وفي محيطها. في حين قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن هدف الفصائل السيطرة على دمشق متمنيا حصول ذلك بدون عراقيل.
أما جيش الاحتلال الاسرائيلي الذى يحشد جنوده علي حدود الجولان تأهبا لأي حدث في سوريا في حالة دخول قوات المعارضة دمشق وسيطرتها على الحكم فمن غير الوارد دخول الجيش الإسرائيلي إلى دمشق ما دام النظام السوري لا يحرك ساكنا أمام الاستفزازات الإسرائيلية إلا إذا كان هناك ردة فعل من النظام أو إيران ضد إسرائيل، كما أن معظم التصريحات الخارجة من قادة المعارضة تبعث برسائل طمأنة ألي إسرائيل حيث ذكرت جريدة "تايمز أوف إسرائيل"عن قائد عسكري فيما يسمي تنظيم "الجيش السورى الحر" أنهم سيسعون للسلام الكامل مع إسرائيل في حال نجح مخططهم في الاطاحة بنظام بشار الأسد، ورغم أن إسرائيل تقدم نفسها كطرف محايد، لكنها "تشن هجمات مستمرة على مواقع القوات السورية تحت ذريعة استهداف القوات الإيرانية"، مشيرا إلى وجود "نوايا أميركية وإسرائيلية لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحهم".
ويبدو أن هناك شيء مخفي وافقت عليه روسيا قد تكون صفقه بينها وبين أمريكا وتركيا بموجبها لا تتدخل لحماية الأسد بحيث يسمح للفصائل المسلحة أن تغير الخريطة العسكرية على الأرض، وإلزام النظام السوري للذهاب إلى التفاوض مع الوعد بحفظ المصالح الروسية وعدم المساس بها وقد يكون حدث نوع من المقايضة بينها وبين أمريكا أن ترفع روسيا يدها عن سوريا في مقابل أن ترفع أمريكا يدها عن أوكرانيا لانه من الواضح أن الطيران الروسي لم يقم حتي الأن إلا بغارة أو غارتين علي استحياء، مما يوحي أن هناك اتفاق خفي وفيما دعت روسيا مواطنيها إلى مغادرة دمشق، قال مصدر دبلوماسي روسي إن بلاده لن تتدخل عسكريا بشكل واسع في سوريا علي الرغم من التطورات المتسارعة.