في 15 سبتمبر 1935، أصدرت ألمانيا النازية سلسلة من القوانين العنصرية التي عُرفت بـ"قوانين نورمبرغ"، لتشكل نقطة تحول في السياسات التشريعية المناهضة لليهود.
كان أبرز هذه القوانين "قانون مواطنة الرايخ" و"قانون حماية الدم الألماني والشرف الألماني"، حيث أُلغيت مواطنة اليهود، ومنعَت القوانين إقامة أي علاقات بينهم وبين الألمان، سواء في الزواج أو العمل المنزلي.
هدفت هذه القوانين إلى تحقيق فصل قانوني واجتماعي كامل بين اليهود وغير اليهود، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين المجموعتين في ألمانيا.
ـ التطبيق المتأخر للقوانين وتأثيرها الاجتماعي
رغم صدور هذه القوانين في 1935، إلا أن تطبيقها الفعلي بدأ بعد الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936، خشية من التأثيرات السياسية الدولية، مع وصول النازيين إلى السلطة عام 1933، بدأوا بتطبيق سياسات اجتماعية تهدف إلى إنشاء "مجتمع الشعب" المبني على النقاء العرقي.
وكانت أولى هذه الخطوات مقاطعة الشركات اليهودية في أبريل 1933، إلى جانب إقصاء غير الآريين من المهن القانونية والخدمة المدنية، واستُهدفت الأعمال الأدبية اليهودية في حملة إحراق كتب واسعة شملت كافة أنحاء البلاد.
ـ التأثير الاقتصادي والاجتماعي على اليهود
لم تقتصر آثار قوانين نورمبرغ على الجانب الاجتماعي فحسب، بل امتدت لتشمل الاقتصاد اليهودي بشكل واسع، حيث أغلقت المتاجر اليهودية بسبب تراجع عدد العملاء، ومنع اليهود من العمل في العديد من المهن مثل الطب والتعليم، ما اضطر الكثيرين للعمل في وظائف متدنية.
ومع فرض قيود على الهجرة اليهودية، اضطر المغادرون لدفع 90% من ثرواتهم كضرائب، بينما وجد الكثير من اليهود صعوبة بالغة في العثور على دول تستقبلهم، ومع فشل خطط الترحيل الجماعي مثل خطة مدغشقر، بدأت الحكومة الألمانية عام 1941 في تنفيذ عمليات إبادة جماعية ليهود أوروبا.
ـ قوانين نورمبرغ واستلهامها من النظام الأميركي
من المثير للاهتمام أن قوانين نورمبرغ لم تكن ابتكارًا ألمانيًا بحتًا، فقد استوحى أدولف هتلر وفريقه النازي بعض جوانب هذه القوانين من سياسات الفصل العنصري في الولايات المتحدة.
ففي سبتمبر 1935، بعد إقرار قوانين نورمبرغ، أرسل النازيون وفداً قانونياً إلى نيويورك لدراسة النظام القانوني الأميركي، حيث حضر المحامون النازيون ندوات ومحاضرات حول السياسات القانونية والاقتصادية في الولايات المتحدة، وكان الهدف من الزيارة هو التعرف على كيفية استغلال القانون لخدمة أهدافهم العرقية.
ـ خلفية عن النازية وأيديولوجيتها
تأسس الحزب النازي عقب الحرب العالمية الأولى، وكان يهدف إلى رفض معاهدة فيرساي وتأسيس حكومة مركزية قوية تقوم على النقاء العرقي، ضمن أيديولوجية هتلر التي شرحها في كتابه "كفاحي"، اعتقد بوجود مؤامرة يهودية دولية تسعى للسيطرة على العالم.
هذا الاعتقاد ساهم في تشكيل السياسات النازية التي أدت إلى اضطهاد اليهود ونزع مواطنتهم وحقوقهم المدنية.
في النهاية، مثلت قوانين نورمبرغ بداية الحقبة الأكثر ظلاماً في تاريخ اليهود في أوروبا، ووضعت الأساس القانوني للعزل والإبادة التي انتهت بما يعرف اليوم بـ"الهولوكوست".