تشير العصافير إلى الرقة واللطافة والظرافة، وبما أن كامالا هاريس تبلغ من العمر 59 عامًا، وتعتبر أنثى، عفوًا سيدة، زعيمة الديمقراطيين، لتواجه الذئاب التي تميل للعنف وتمتص الدماء، حيث دونالد ترامب ويبلغ من العمر 78 عامًا، زعيم الجمهوريين وتكوين المصارع بداخله يستفز وجدانه السياسي لنشهد صراعًا مثيرًا بينهما في السباق الانتخابي لرئاسة أمريكا في نوفمبر المقبل، وليفوز أحدهما، ويخسر الأمريكان و”يروح” العالم لخبر كان.
تحاول العصافير الديمقراطية تثبيت أعشاشها داخل البيت الأبيض بعد عاصفة عارمة تكاد أن تعصف بها، من ذئاب الجمهوريين التي تسعى لالتهامها ظنًا منها أنها مستأنسة. ولهذا تحاول العصافير الديمقراطية أن تستدر عطف الأمريكان بسهولة وانسيابية ويسر، فبعد أن هدأت عاصفة محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ليفاجئنا الرئيس الحالي جو بايدن بصدمة التنحي التي أصابت الجميع بالذهول، وربما أسعدت الديمقراطيين، وكان بمثابة صدمة إعادة التوازن من أجل تنظيم وتنسيق العصافير لأعشاشها بالبيت الأبيض لتعلن أنها ستنعم بدفء لسنوات مقبلة، وهذا ما سيطمح إليه الديمقراطيون بزعامة كامالا هاريس. وكونها أنثى، عفوًا سيدة، تتمتع بالرقة والأناقة، ولكونها العصفورة الحانية جناحيها على وطنها يظنها ترامب ضعيفة، ويطمح لالتهامها يظن من السهل الفوز عليها في الانتخابات المقبلة، ويعتقد أن بايدن يمثل عقبة غير مستساغة تسبب المرارة في حلق كل الجمهوريين.
تعيش أمريكا صدمات متتالية بين محاولة اغتيال رئيس سابق ومرشح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وتنحي رئيس حالي عن خوض سباق الانتخابات المقبلة. حقًا صدمات نفسية سريعة وعميقة هزت وجدان الشارع الأمريكي ليعقبها توابع تكاد تهز عرش الديمقراطيين، ليعلن بايدن ومعظم قيادات الحزب الديمقراطي ترشيح نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس وتأييدها لخوض سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتتوالى التأييدات وهناك معارضات لرئيسة أمريكا المحتملة كامالا هاريس، وحتى الآن لم يستقر الحزب على مرشح لانتخابات الرئاسة.
استطاعت هاريس أن تجمع عشرات الملايين من التبرعات بعد ساعات من تنحي بايدن كي تبقى عصافير البيت الأبيض في أعشاشها لسنوات مقبلة تغني على أحزان الآخرين.
بين محاولة اغتيال ترامب وتنحي بايدن… وبين التأييد والمعارضة لهاريس… تعيش أمريكا حالة من الضباب تحد من رؤية المشهد السياسي الأمريكي وتجعل العالم يعيش شبورة سياسية تجعل الكل يترقب وينتظر خشية الضباب. وبعد أن تنقشع الشبورة، وتتضح الرؤية، ليحسب العالم الحسابات حتى لا تزيد الفوضى، ويعم الخراب أكثر فأكثر وتتشر الغربان وتأكل الأخضر واليابس، ويظن الإنسان أنه في طريق الهلاك لا محال.
وتحالف الغرب والأمريكان تحت مظلة الناتو ضد الروس في حرب الأوكران، التي استمرت لسنوات وما تزال تستعر ليعيش العالم حالة من العراء النفسي والمعنوي والاجتماعي والاقتصادي مما يزيد من التضخم وغلاء الأسعار، والشعور بالخوف وعدم الأمان وما يصحبها من عدم استقرار واضطراب نفسي يزيد من حالة عدم السلم والأمان الاجتماعي.
وانقسمت أوروبا على نفسها بسبب الناتو بل وانقسم العالم إلى جناحين، أحدهما أوروبا والناتو والجناح الآخر روسيا وبيلاروسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران. كلا له حلفاء وأعوان. وهنت الكرة الأرضية بسبب الجناحين اللذين يعملان على إسقاطها أرضًا رغم أرضيتها، ليعيش العالم أكثر بؤسًا، أكثر حزنًا، أكثر اكتئابًا ليصبح العالم في حالة من الهلوسة التي تعصف بأمنه وأمانه النفسي، لنعيش في رحاب عالم مجنون مجنون بسبب حفنة من الحمقى تتحكم في مصير الإنسانية.
وتؤثر الحالة الضبابية التي تعيشها أمريكا لترسم السباق الانتخابي للرئاسة المقبلة صورة باهتة غير واضحة المعالم للمشهد العربي والشرق الأوسط، الذي يعيش حالة مستمرة مفزعة من التخطيط والتخبط الأمريكي، فظهر الربيع العربي كتابع لزلزال 11 سبتمبر الذي ضرب عنفوان أمريكا، وكسر هيبتها، وجرح كبرياءها، لتصبح كالذئب المسعور ليلتهم قطعان الماشية بسبب ضعف الراعي، والتآمر على الرعية لنصل لحرب إبادة إسرائيلية تحت رعاية أمريكية لاستئصال الشعب الفلسطيني من الوجود، ولتعيش المنطقة العربية أسوأ أيامها من الذل والهوان على يد الصهاينة والأمريكان في ليبيا وسوريا وفلسطين ولبنان واليمن أيضًا.
لنكتشف في النهاية أن عصافير البيت الأبيض من الديمقراطيين كانت غربانًا، ولن تكون حمامة سلام بسبب دعمها لجيش الاحتلال الإسرائيلي بطريقة مستفزة، أصبحت أكثر دموية من ذئاب الجمهوريين أكثر شراسة. إنها ليست مفاجأة كما توقعنا، ولكننا ظنناها مفاجأة حتى يتلطف معنا الغربان وتأمن القطعان للذئاب… ولكن هيهات.