هل فكرت يوماً يا عزيزي القارئ أن تعمل اختبارا ولو بسيطا لتتعرف على من يحبك من القلب ومن يحبك حب مؤقت أو ( حب المصلحة)، في البداية يجب أن نوضح أمر هام وهو أن (القبُول) صفة يضعها الله ( سبحانه وتعالى ) فيمن يريد من عباده مصداقاً لقول رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) من حديث أبي هريرة رضوان الله عليه (( إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه؛ فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض).
وهذا الأمر هو الأساس في مسار حديثنا اليوم والخاص بكيفية معرفة من يحبك من القلب من خلال الظواهر التي تراها أمامك بالإضافة بالطبع لما يلتقطه قلبك من ذبذبات وإشارات تصدر من القلب إلى القلب ، فكثير ما نستمع لكلمات ذات معنى ورثناها عبر الأزمنة ولكنها تتجدد مع تجدد الأحداث والأيام مثل (من القلب إلى القلب رسول ) ، وقولهم ( ما خرج من القلب يستقر في القلب وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان ) وكثير من الكلام الذي قد يعجب الآذان ولكنه لا ينطلي على القلوب لأن للقلب حسابات أخرى.
من أجل ذلك دعنا نبحر عزيزي القارئ سويا لنحاول تحديد من يحبك من القلب، وفي البداية نبدأ باللقاء بمن يحبك، فمن يحبك من القلب ستجد وجهه من بعيد يتلألأ في وجهك من البشاشة والابتسامة العريضة التي تغرف من القلب وهنا أتذكر بيتين من الشعر النبطي لأحدهم يقول.
اللي بيحبك بتحبه واللي بيريدك بتريده
بيضحك لك وهو مقبل من قبل تحط إيدك في يده
كلمات بسيطة ولكنها في غاية الروعة والمصداقية ، فمن يحبك سيضحك في وجهك مستبشرا كأنه تقابل بأمر يفرح قلبه ، وبالتأكيد قسمات وجهه وبشاشته ستتسلل إلى قلبك ليعطيك إشارة بارتياحه ليلتقي في لحظات ما يسمى ( بكيوبيد الحب)، وليس شرطاً أن يكون المقصود من مما ذكرنا الحب العاطفي والعشق وما إلى ذلك بل يكفي ( حب الود ) ، والمحبة الخالصة لله
الأمر الثاني من مقاييس الحب هو نظرة المحب لحبيبه، بحيث نرى أن من يحب شخص من القلب لا يمكن أن يرى فيه عيوب على الرغم من أن الإنسان من النادر أن يخلو من العيوب وهذا يتمثل بشكل واضح مع الوالدين فالأم أو الأب يريا ابنهما أو ابنتهما أجمل شيء في الكون رغم أن الطبيعة بخلاف ذلك في بعض الأحيان أو أكثرها، لكن هو الحب الطاغي للدرجة التي جعلت الناس تتندر وتقول (مرآة الحب عمياء) بل وقال البعض على سبيل الفكاهة ( القرد في عين أمه غزال)، وهذه أيضاً حقيقة ، ولو سألت أي شخص قد أحب من القلب لقال لك أنه لم يكن يرى في محبوبه أي عيب بشكل قطعي، ولم لا ؟ والحب الفعلي أو الصادق يمحو أي شيء يسيء لمحبوبه.
الأمر الثالث وهو الملحق بالأمر الثاني والملازم له نرى أن من يحب يتغافل عن الزلات فتتحول خاصية أنه لا يرى عيوب إلى مسامحة من يحب دائماً بل ويبحث له بنفسه عن الأعذار التي تمرر الخطأ حتى لا يفقده ، فهو يرى أن كثرة المعاتبة تعمل على قساوة القلب وإحصاء العيوب وهذا لا يتماشى مع الحب الصادق فكما ذكرنا أن المُحب الحقيقي يتغافل ويبحث عن أي مخرج لحبيبه لينجيه مما وقع فيه من خطأ.
عزيزي القارئ الحبيب عندما أكتب لك أبحث في نفسي عن كل جميل قابلته في حياتي لأجعلك تعيش معي حياتنا الجميلة كما تربينا عليها لا كما هي الآن ، ولن أسب أو ألعن ما نحن فيه حالياً، بل كل أملي أن نصحوا نحن من مرقدنا، أو من غفلتنا ليعمل كل شخص فينا على العودة الحقيقة لقيمنا النبيلة ولسلوكياتنا السوية التي فقدناها في خضم هذه الحياة ( برتمها) السريع وبأفكارها المستوردة من بلدان لا تعرف عاداتنا وقيمنا التي استقيناها من ديننا وتربيتنا السليمة فلم نأخذ من تلك العادات إلا رثها وتركنا جميلها فهل ننجح سوياً ونجتهد ويوصي كل منا الآخر لنُبقي على تراثنا من الحب أم سنبحث عن الحب المميكن؟