قال الكاتب الصحفي جمال الكشكي، رئيس تحرير الأهرام العربي، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إن المصريون بحدسهم التاريخى، قرأوا ما الذى يجرى وإلى ماذا كان سيصل الوضع مع حكم الإخوان، عندما خرجوا في 30 يونيو.
وتابع الكشكي، في تصريح خاص لبلدنا اليوم، أن الشعب المصري قرر بوعي كامل إيقاف دوران العجلة الفوضوية، وتقديم نموذج ومثال فى رد الهجمة المرتدة، ولقد واجهوا هجمة شرسة، استخدم فيها كل أساليب تدمير المجتمعات والدول من إعلام ورفع شعارات براقة، ومطالب تبدو شرعية، وكان لابد لها من رد مساوٍ لها فى المقدار، بل أكبر منها.
واستكمل عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أنه حدث ذلك بالفعل فى 30 يونيو عندما استخدم المصريون بذكاء نفس الأدوات، لكن من وجهة نظر وطنية خالصة، فى هجمة مرتدة شهدت لها شعوب العالم، وصارت نموذجا يحتذى به فى دول الإقليم العربى، التى كانت ولا تزال مستهدفة بنفس أدوات الفوضى الخلاقة.
وأشار رئيس تحرير الأهرام، قائلا:"على سبيل المثال، ما جرى فى تونس وليبيا واليمن والعراق ولبنان، وما طال بعض أطراف الخليج والمغرب والجزائر والسودان، أى إن المخطط كان شاملا تقوده قوى إقليمية تساعد عن عمد وقصد".
ولفت أن ذلك الطرح الذى قدمته كونداليزا رايس، مستشارة الأمن القومى الأمريكى، إبان حكم الرئيس الأمريكى چورچ بوش الابن، وتأكيدا على طرح كولن باول، وزير الخارجية فى نفس العصر، الذى تكلم عن الشرق الأوسط الموسع، الذى كان يرمى من ورائه إلى أن تقوم جماعات وتنظيمات دينية عابرة للحدود، بإدارة هذا الشرق الموسع لصالح ما كان يرمى إليه كولن باول.
أدرك المصريون كل ذلك بدقة، ورفضوا أن ينجرفوا فى مسار يفضى إلى نهاية وجود أقدم دولة فى التاريخ، وكان عليهم أن يحافظوا على ما ورثوه بقوة تصل إلى حد التضحية بالدماء، تلك كانت مرحلة الاختيار، فإقدامهم على إنهاء حكم التنظيم الدولى العابر للحدود، كان يعنى إرهابا وحربا شرسة، ودماء وشهداء وفقد مقدرات، ومع تلك المعرفة الدقيقة والتحديات الجسيمة، قدم المصريون -عن طيب خاطر- أرواحهم وممتلكاتهم فى سبيل النصر وبقاء الوطن.
وأوضح الكشكي أن مصر هى الاختيار الوحيد فى عالم يقوم على الفوضى والتدمير، وبعد أحد عشر عاما لم يكن محيط ثورة 30 يونيو ممهدا، فقد شهدت البلاد معارك كبرى علـــى مختــلــف اتجاهاتهــا الإستراتيجيــة، سواء فــــى الجنوب، حيث السودان، أم فى الشمال الغربى، حيث ليبيا، أم الشمال الشرقى، حيث فلسطين العزيزة.
وتابع: فى المحيط الأوسع كانت هناك الحرب الروسية - الأوكرانية، وتفشى الأوبئة العالمية المؤثرة فى جميع دول العالم، وأزمات الاقتصاد العالمية، ومع كل هذا استطاعت 30 يونيو أن تواصل رؤيتها بأن مصر -الدولة والأمة والوجود- هى المحطة الأعظم فى عالم سوف يتشكل من أقطاب متعددة فى العاجل القريب.