تعاقبت على كل الأنظمة الحاكمة معنى الدعم وهو أن يتدخل النظام لتوفير الغذاء أولا لكل المجتمع دون تمييز ودون تفرقة اجتماعية قاصدًا في المقام الأول توفير الخبز الركن الأساسي والأساسي للغذاء اليومي للأفراد في المجتمع.
وتتعاقب الأنظمة السياسية على مر العصور فنجد أنه منذ القدماء المصريين وفي عهد الفراعنة كانوا قادة دينيين وسياسيين، وكانت مسؤولية الفرعون أن يقود مصر فى الشؤون الدينية والسياسية، وجاءت هذه الأدوار المزدوجة مصحوبة بألقاب مميزة مثل "رئيس كهنة كل معبد" و"سيد الأراضى".
كقائد روحي كان من المتوقع أن يقوم كل فرعون بطقوس مقدسة وأن يعمل بشكل فعال كقناة بين الآلهة والشعب، وفي الوقت نفسه شملت القيادة السياسية اهتمامات أكثر واقعية مثل التشريع والدبلوماسية وتوفير الغذاء والموارد للشعب.
وأن سيدنا يوسف نبي الله كان من القائمين على خزائن الأرض وكان أهمها توفير الغذاء للشعب ولم يتم إثقال كاهل المواطنين بزيادة أسعار الخبز أساس الغذاء.
وعملت كافة الشعوب على تأمين الغذاء من أول الأنبياء نزولا إلى الصحابة والخلفاء الراشدين ثم رؤساء الأقاليم ورؤساء الدول.
وتم إنشاء بيت المال للحفاظ على الأموال لتأمين الغذاء وعدم المساس برغيف الخبز الأساس في الخبز والغذاء وكافة الأنظمة العسكرية أساسها أن يتم تواجد السلع الأساسية وأهما تأمين رغيف الخبز مهما كانت الصعاب ومهما كانت الأزمات وإلا أصبحت الأنظمة هشة.
وهنا يأتي السؤال، من يخاطر بالأمن الاجتماعي المصري للحفاظ على رغيف الخبز وسعره وتأمين وجوده؟
إن الشعب المصري شعب له هوية يرجى دراستها ومحاولة فهمها للمختصين وأنه هوية الشعب المصري قائمة على الخبر المصري هو أساس الغذاء منذ 7000 سنة حتى يوم 1 يونيو 2024.
للمرة الأولى بحسب التطور الدستوري يأتي النص في الدستور المصري على أهمية الحق في الغذاء وقيمته، حيث جاء نص المادة 79 التي تضمنها الدستور المصري الجديد تنص على أن “لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكافٍ، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة".
كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال”.
وبموجب هذا النص فإن تأمين الحق في الغذاء الصحي الكافي يشكل التزاماً على عاتق الدولة لا بد لها من العمل على تحقيقه والحفاظ عليه بشكل كاملٍ ودائم.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يحظى بها الحق في الغذاء بمادة دستورية مستقلة بعدما كان هذا الحق المهم يدرج بشكل عابر وسط حقوق أخرى كثيرة، كما أن النص على السيادة الغذائية يجعل من مصر الدولة العربية الأولى التي يشتمل دستورها على هذا الحق.
وتعتبر هذه المادة خطوة مهمة من حيث وضعها في إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تلتزم بها الدولة، وإذا أضفنا إلى ذلك المادة الدستورية التي تلزم الدولة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر والقوانين التي تكفل الحق في الحصول على الغذاء الصحي المناسب، وأهمها في هذا المتن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، يصبح لدينا إطاراً دستورياً يصلح لأن يكون نقطة انطلاق للعمل الجاد في سبيل تفعيل هذا الحق والعمل على تحقيق الأهداف المرجوة منه من القضاء على الجوع وسوء التغذية على أسس من العدالة والاستدامة بما يحقق الكرامة الإنسانية للمواطن واستقلال القرار للوطن.
ولا يخفى على القاصي والداني ما يمر به الغالب الأعظم من الشعب المصري خلال الفترة الأخيرة من غلاء في الأسعار باتت معه معظم السلع الأساسية ليست في متناول إلا النذر اليسير من المواطنين، وبات البحث عن الاكتفاء الأسري الذاتي من الغذاء صعب المنال في ظِل تدهور قيمة الجنيه المصري والغلاء الفاحش الذي صار ظاهرة يومية، صاحَب معه عجز الغالبية العظمى عن تدبير احتياجات أسرهم بشكل كاف وعادل وصحي في سابقة لم يمر بها الشعب المصري في عصره الحديث، ولكن المدهش أيضا أن يصاحب ذلك غياباً لدور الدولة حتى في تنظيم الأسعار ورقابتها على نحو قد يحقق ولو نذراً يسيراً من العدالة الاجتماعية.
وإذا ما كان الأمن الغذائي النسبي يعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا، ويعرف أيضا بأنه قدرة قطر ما أو مجموعة أقطار على توفير احتياجات مجتمعاتها من السلع الغذائية الأساسية كليا أو جزئيا وضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياجات بانتظام لجميع المواطنين، وهو الأمر الذي يتناقض مع الحال الواقعي الذي يمر به الشعب المصري، حيث صار الأساس هو البحث عن ما يملأ البطون حتى ولو كان لا يفي بالاحتياجات الأساسية، أو يحقق الصحة والنمو المطلوب من الغذاء كقيمة وليس كم.
ومن هنا، فإنه على الدولة ممثلة في الحكومة أن تحافظ على ذلك الحق الدستوري الأصيل اللازم لبقاء الإنسان على قيد الحياة نافعاً وليس عليلاً، بما يضمن أن يكون نافعاً لنفسه وذويه ووطنه، وهو ما يحقق قدرته على الإنتاج ودفع عجلة التقدم.
وإذا ما عدنا مرة ثانية إلى الناحية النصية بالرجوع إلى ما جاء بالمادة الدستورية سالفة البيان، فما هو الحال إزاء تقاعس الدولة بمؤسساتها أو عدم قدرتها على الوفاء أو القيام بهذا الالتزام الدستوري، فلا يشكل الدستور مجرد إطار نظري نتحاكى به أو نتباهى به بين المحافل الدستورية الدولية، ولكنه يمثل محددًا لدور كل سلطة من سلطات الدولة، ومراعيًا لحقوق المواطنين تجاه هذه السلطات، وما جاء بنص المادة السابق بيانها بشكلها الإلزامي بأن على الدولة أن تؤمن الموارد الغذائية لهذا الشعب، لابد أن يكون مجاله التطبيق في الشارع المصري من خلال السلطات المختصة، وليس التنظير اللفظي فقط، وأن كل من في السلطة مسؤول عن تحقيق هذا الالتزام لكل مواطن من رعايا جمهورية مصر العربية.
الأصل في الموضوع أن المشروعات البناءة للجمهورية الجديدة لا يختلف عنها اثنين في مصر على أنها مهمة
ولكن الأهم فعلا "تأمين رغيف الخبز" وحتى ولو كان بالاقتراض لتوفير رغيف الخبز بمعاييره الحقيقية
120 جرام للرغيف الواحد، دقيق حقيقي دون إضافات
توافره للعامة وليس برفع الدعم عنه.
رغيف الخبز المصري هو علامة كبيرة وأكيدة للهوية المصرية والاحتياج الأساسي والقومي لضمان الحياة
عصام رفعت خلف
وأقام المستشار عصام رفعت خلف والمستشار عمرو عبدالسلام طعنا اليوم حمل الرقم 69467 لسنة 78 ق بمحكمة القضاء الإداري طالبين إلغاء قرار رئيس الوزراء فيما تضمنه من إلغاء الدعم على رغيف الخبر وهو السلعة الأساسية بالغذاء المصري مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ملحوظة: يقبل المكتب تدخل كل من يرغب في الدعوى