خبراء اقتصاد: القروض وبيع الأصول لا يبني اقتصاد .. والحل في الإنتاج والتصنيع

السبت 01 يونية 2024 | 02:50 مساءً
كتب : محمود حاحا

د.رشاد عبده :  الفترة المقبلة ستشهد توسع فى بيع الأصول نتيجة الأزمة التي تمر بها الحكومة

د.عبد النبي عبد المطلب : تخصيص 50% من حصيلة الطروحات لسداد الديون من أهم شروط الصندوق لزيادة القرض لـ 8مليار دولار

د. أشرف غراب : الدولة تستهدف جمع 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات بنهاية 2024

د.محمد عبد الوهاب : الدولة لا تفرق بين المستثمر المصري والأجنبي.

قررت الحكومة المصرية وضع البنوك والمؤسسات المالية على رأس قائمة برنامج الطروحات الذى تنفذه الدولة المصرية على مدار عدة سنوات، بهدف زيادة الإيرادات والوصول بالإيرادات غير الضريبية إلى 600 مليار جنيه بنهاية العام المالي 2024/2025

"بلدنا اليوم" تستعرض آراء الخبراء حول هذا التعديل وتأثيره على الاقتصاد الوطني ككل.

بدوره أكد د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي الدولي ـ ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أن الدولة المصرية تمر بأزمة اقتصادية وتحتاج الى توفير أموال، وذلك نتيجة أن الحكومة لم تقم بدورها بالشكل الإيجابي الذي يوفر لها السيولة الكافية لسداد جميع إلتزاماتها، ونتيجة هذه الإلتزامات والديون قامت الحكومة باقتراح فكرة إعداد وثيقة ملكية الدولة، وبالتالي تقوم الدولة ببيع الأصول ونتوقع خلال الفترة المقبلة أن نشهد توسع فى البيع أكثر نتيجة الأزمة التي تمر بها الحكومة.

وأوضح أن الحكومة متمثلة في وزارة المالية مضطرة للتوسع فى البيع خلال الفترة المقبلة لسداد التزاماتها .

وأكد "عبدة" أن بيع أصول الدولة ليس هو الحل للخروج من الأزمة الاقتصادية , والحقيقة أن الحكومة لم تقم بدورها على أكمل وجه وسلكت الطريق السهل وهو بيع الأصول كي تمر من هذه الأزمة , وكان من الأفضل للحكومة التسهيل على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتيسير الإجراءات للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب ,

لأنك اذا بحثت عن المشاريع الإنتاجية التي تمت خلال العشر سنوات الماضية لن تجد شيء ومعلوم للجميع أن اقتصاد أى دولة يقوم على الصناعة في حين إن الحكومة لم تكتفي بعدم بناء مشاريع إنتاجية جديدة فقط, ولكنها تقوم ببيع المشروعات الصناعية القائمة .

وإذا أرادت الدولة أن تحقق نهضة صناعية يجب أن تدرس تجارب الدول التي نجحت في تخطى هذه الأزمات , وتشجيعها للمستثمرين وتيسير مهمة المستثمر لإقامة المشروع والقضاء على البيروقراطية والفساد وضرورة استقرار وثبات القرارات الاقتصادية وأن تكون جاذبة وداعمة للاستثمار.

وأوضح "عبدة" ان الاستثمار والصناعة هى التى تبني الاقتصاد وليس القروض ولا المنح ولا بيع الأراضي أو بيع أصول الدولة هى التى تبني الاقتصاد .

وقال ان الحكومة الحالية هى التى أوصلتنا الى هذا الوضع الاقتصادي السيئ واستمرارها للأسف سيؤدى الى مزيد من التراجع الاقتصادي , ولابد من الاستعانة بكفاءات حقيقية و كوادر اقتصادية لأن مصر غنية بالإمكانات الكبيرة والموارد الكثيرة تمكنها من أن تكون فى مصاف الدول المتقدمة صناعيًا واقتصاديًا .

وفى السياق ذاته أكد د.عبد النبي عبد المطلب ,الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة التجارة للبحوث الاقتصادية سابقا, أن الموازنة العامة للدولة هذا العام تمر بمجموعة من التحديات والتي يمكن أن نطلق عليها تحديات طارئة وقال انه كان هناك مجموعة من التوجهات الرئاسية للموازنة العامة بأن يتم تبكير العلاوات إضافة إلى حزمة من زيادة الأجور .

وأوضح أن الموازنة العامة كان أمامها مجموعة من التحديات لتنفيذ هذا التوجه , وكان يتمثل أهمها في المشاكل التي أدت إلى تراجع الإيرادات أو حتى توقعات تراجع الإيرادات وذلك خلال العام المالي الحالي أو القادم , مشيرًا إلى أننا تابعنا تصريحات تراجع إيرادات قناة السويس , وكذلك المشاكل الناتجة عن ارتفاع الأسعار , وانخفاض سعر الجنيه وارتفاع سعر الصرف كل هذه العقبات وضعت الموازنة العامة في مجموعة من التحديات كان من الصعب على الموازنة العامة للدولة تلبية وتنفيذ التوجهات الرئاسية في ظل الموارد المحدودة

واعتبر "عبد المطلب" أن توجيهات صندوق النقد الدولي كانت بمثابة أحد أهم أطواق النجاة للموازنة العامة للدولة ,حيث أكد صندوق النقد الدولي على أنه قبل المراجعة الأولى والثانية لكنه وضع مجموعة من الملاحظات على أداء الحكومة وكانت هذه التوجيهات في حوالي ثماني نقاط وضعت الحكومة المصرية في حرج شديد , ولذلك اضطرت الحكومة المصرية للمضي قدمًا في تنفيذ برنامج الطروحات الاقتصادية أو خصخصة عدد من الشركات التابعة لها , وتم الجزء الأساسي الخاص بوضع القطاعات الأكثر جاذبية على قائمة الطروحات المستهدفة وهى المؤسسات المالية والبنوك , بحكم إنهم يحققو مكاسب كبيرة ويثيرو شهية المستثمرين لأنه عادة يكون القطاع المالي أرباحه تظهر بشكل سريع , وإن كانت أرباح سنوية لكن مؤشرات الأداء تظهر بشكل يومي , ومن هنا يستطيع المستثمر سواء من خلال الاستحواذ على بنك أو مؤسسة مالية أو حتى المشاركة بأسهم فيها إنه يعدل إختياراته ويقلل خسائره.

وقال إن الدولة لجأت الى طرح القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار مثل القطاعات المالية والبنوك, من أجل تحقيق التوجهات الرئاسية بزيادة الأجور والعلاوات وإيجاد حزمة من الرعاية الاجتماعية للطبقات الأكثر فقرًا , وتنفيذ توجيهات صندوق النقد الدولي

وقال الخبير الاقتصادي إن الحديث عن الموازنة العامة للدولة فى خطتها أن تحقق إيرادات ضريبية غير مباشرة تزيد عن 600 مليار جنيه وبالتأكيد أن هذا الأمر يحسب للحكومة , أو لصانعي السياسة المالية

والمسؤولين عن الضرائب لديهم هذه الرؤية وربما يكون لديهم آليات تمكنهم من تحقيق هذا الهدف وان كنت أرى صعوبة تحقيقه في ظل القواعد الحاكمة والمؤثرة في نمو النشاط الاقتصادي ككل ، بمعنى انك تحقق إيرادات غير مباشرة بهذا الحجم يستلزم وجود معدلات نمو مرتفعة يكون فيه فرصه لنمو القطاع الخاص لأن الضرائب الجزء الأكبر منها يأتي عن طريق القطاع الخاص ، لكن إذا كانت ستكون عن طريق ادخال شركات القطاع العام والشركات المملوكة للدولة داخل الوعاء الضريبي ، في هذه الحالة يكون النتيجة مجرد دوران لرأس المال داخل نفس المنطقة ولن تؤدي إلى نمو في الإيرادات كما يخطط صانع السياسات المالية

وأوضح "عبد المطلب" أن تخصيص 50% من حصيلة الطروحات لسداد الديون هي أحد أهم الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي من أجل زيادة قيمة القرض من 5 مليار دولار إلى 8 مليار دولار ، ولذلك أرى أن الدولة مجبرة على ذلك بالرغم من أن تقوم ببيع الاصول من أجل سداد الديون هو أمر في منتهى الصعوبة .

تخصيص 50% من حصيلة برنامج الطروحات لسداد الديون بغرض تخفيف أعباء الدين

وقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن برنامج الطروحات الحكومية يدخل ضمن تفعيل وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تمضي الدولة قدما في تفعيلها، وذلك من أجل تعزيز دور القطاع الخاص وذلك لتصل نسبة مشاركته في 65% في الاقتصاد القومي خلال الأعوام المقبلة، مشيرا إلى أن الدولة تستهدف الحصول على 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات الحكومية حتى نهاية العام الجاري .

أوضح غراب، أن تخصيص 50% من حصيلة برنامج الطروحات لسداد الديون بغرض تخفيف أعباء الدين، هي فكرة جيدة حتى لا يتأثر الاحتياطي النقدي لمصر من النقد الأجنبي ويظل مرتفعا، لأن وجود فجوة تمويلية ونقص في العملة الصعبة يتسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ويعود بالسلب على ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أننا نرى انخفاضا يوميا في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وهذا سيعود بالإيجاب على خفض معدلات التضخم تدريجيا خلال الأشهر المقبلة خاصة بعد توافر العملة الصعبة لجميع المستوردين وتلبية احتياجات المصنعين والمنتجين .

وأشار غراب، إلى أن الدولة زادت اهتمامها بشكل كبير خلال الفترة الحالية بالتوسع الزراعي والصناعي وتعميق التصنيع المحلي وتعظيم الصناعة الوطنية حتى نعتمد عليها بشكل رئيسي في زيادة دخل مصر من العملة الصعبة وزيادة الدخل القومي، موضحا أن الدولة مستمرة في تنفيذ هذه الخطة لاستبدال المنتج المستورد بالمحلي وتقليل فاتورة الواردات وزيادة حجم الصادرات وهذا هو الأساس لتنمية اقتصاد أي دولة .

تابع الخبير الاقتصادي, إن الدولة تولي اهتماما كبيرا لتحفيز الاستثمار وجذب المستثمرين باتخاذ العديد من القرارات التي تهيئ مناخ الاستثمار وتشجع المستثمرين وإزالة العقبات وحل مشاكل المستثمرين من أجل جذب المزيد من الاستثمارات, وذلك من أجل المضي قدما في تعميق التصنيع المحلى ورفع جودة المنتج المصري وزيادة الصادرات المصرية وفتح أسواق جديدة للمنتج المصري, مشيرا إلى أن الاستثمارات الجديدة ستسهم في تحسن واستقرار سوق الصرف في مصر ..

وردًا على سؤال هل بيع أصول الدولة هو الحل للأزمة الاقتصادية ، قال "عبد المطلب" البيع ليس بالتأكيد هو الحل لكن الدولة لا تمتلك الخيارات الأخرى خاصة أن الفترة المطلوب فيها تحقيق الإنجازات هي فترة ضيقة لأننا نتحدث عن اتفاق مع صندوق النقد الدولي مدعوم بمساعدة من الشركاء الدوليين وفي ظل أي إخفاق في هذا الاتفاق سيتكرر ما حدث خلال عام 2013 ، بمعنى انها لن تتمكن من الحصول على مساعدات او قروض من صندوق النقد الدولي او البنك الدولي او مؤسسات التمويل الدولية وايضا لن تستطيع الحصول على نوع من المساعدات من الشركاء الدوليين بما فيهم الشركاء الخليجيين

الاقتصاد المصري إلى أين ؟

أكد الخبير الاقتصادي إن استمرار المنهج الحالي فإن اموال مشروع تطوير راس الحكمه ومن بعدها اموال تطوير راس جميلة وتدفقات الاموال الساخنة التي بلغت ما يقرب من 20 مليار دولار قد تؤدي إلى تهدئة الاوضاع إلى فترة لكن المشكلة إذا عادت الازمة المالية من جديد وعدم المقدرة على توفير النقد الاجنبي سوف يترتب عليها آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد.

الدولة لا تفرق بين المستثمر المصري والأجنبي.

وأكد الدكتور محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي ، أن تخارج الحكومة من بعض القطاعات لصالح القطاع الخاص سواء مصري أو أجنبي هو لصالح الاقتصاد، لافتاً إلى أن هذا التخارج لا يشترط أن يكون لصالح مستثمر أجنبي ولكن يمكن للمصريين المشاركة فيه ولكن هذا يتطلب إرادة حقيقية من المستثمر المصري ، ولعل استحواذ مجموعة طلعت مصطفى على عدد من الفنادق الحكومية خير دليل على أن الدولة لا تفرق بين المستثمر المصري والأجنبي.

وأوضح الدكتور محمد عبد الوهاب ، أن وثيقة ملكية الدولة تدعم نمو الاقتصاد المصري وإدارة أصول الدولة بشكل أفضل ، مع دعم القطاع الخاص وإعطائه الفرصة للمساهمة بشكل أكبر فى الاقتصاد.

وأشار عبد الوهاب إلى أن حصة القطاع الخاص في الاستثمار في مصر بلغت 40% خلال العام المالي الحالي 2023-2024، ومستهدف أن تصل إلى 50% خلال العام المالي المقبل 2024-2025، هذا بجانب زيادة حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي لتصل إلى 71%، كما تبلغ حصة القطاع الخاص في التوظيف خلال العام الحالي 80%.

واوضح المحلل الاقتصادي ، أن تصريحات الحكومة وخصوصا معالي رئيس الوزراء تؤكد حرص الحكومة على دعم القطاع الخاص ومضيها قدماً في تنفيذ وثيقة ملكية الدولة ، مشيراً إلى أن أخر تصريحات للحكومة أكدت على سعيها لزيادة مساهمة القطاع الخاص إلى ٦٥٪ من إجمالى استثمارات الدولة.

ولفت عبد الوهاب، إلى أن الحكومة أعلنت فى وقت سابق عن طرح 32 شركة على القطاع الخاص تعد من أبرز الشركات فى كافة القطاعات الاقتصادية حيث ستتخارج منها سواء كليا أو جزئيا تنفيذاً لو ثيقة ملكية الدولة، كما أن هناك ما يقرب من 60 شركة أخرى ستعلن عنها الحكومة قريبا وهو ما يؤكد نوايا الحكومة لدعم القطاع الخاص والاستفادة من خبراته فى الشركات الحكومية كشريك أساسي لدعم عملية التنمية الاقتصادية.

 تأخر برنامج الطروحات الحكومية  نتيجة للظروف الاقتصادية والجيوسياسية الصعبة

وأضاف عبد الوهاب، أن تأخر برنامج الطروحات الحكومية هو نتيجة للظروف الاقتصادية والجيوسياسية الصعبة التى يمر بها العالم وفي القلب منه مصر منذ بداية عان 2020 وتحديداً مع بداية أزمة كورونا وما تبعها من حروب سواء حرب أوكرانيا أو الحرب على غزة وحالة عد اليقين التى تسود العالم وارتفاع معدلات التضخم وأزمة سلاسل الأمداد والتوريد وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالمياً ، كل تلك الظروف والعوامل تربك الاقتصاد العالمي وليس الاقتصاد المصري فقط بل أن هناك اقتصادات أوروبية متقدمة لم تستطيع تحمل تلك الأزمات.

وأكد عبد الوهاب أن أثر تلك الأزمات كان كارثية على الاقتصادات الناشئة مثل مصر ، مرجعاً أيضاً تأخر برنامج الطروحات الحكومية إلى عدم استقرار سعر صرف الدولار وهو ما انتهى بقرار البنك المركزي المصري فى مارس الماضي بتحرير سعر الصرف وخضوعه لأليات العرض والطلب وهو ما انعكست أثاره الايجابية على الأسواق خلال الشهرينالماضيين مع سعى الحكومة المستمر لضبط الأسواق وحزم الحماية الاجتماعية التى أطلقتها الحكومة لدعم محدودى الدخل.

وتوقع عبد الوهاب، أن تشرع الحكومة فى برنامج الطروحات الحكومية فى أقرب وقت للتخارج من عدد من المجالات والأنشطة التى حددتها وثيقة ملكية الدولة وافساح المجال للقطاع الخاص للتوسع فى تلك المجالات ، داعياً القطاع الخاص لأستغلال الفرصة والدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة خصوصا فى المجال الصناعي ، مؤكداً أن نمو النشاط الصناعي ونمو الصادرات المصرية سيحل الكثير من مشاكل الاقتصاد.