تبدأ خلال الأيام المقبلة زراعة المحاصيل الصيفية والتي يأتي على رأسها محصول الذرة الذي يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية، التي تعتمد عليها الدولة والمزارعين في صناعة أعلاف المواشي، إذ تتجه الدولة لزيادة رقعة المزروعة من المحاصيل العلفية، سعياً للتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل حجم الفاتورة الاستيرادية، لتوفير العملة الصعبة.
يبدأ التجهيز للزراعة لدى الفلاحين بشراء التقاوي اللازمة للمساحات المستهدفة، لكن فوجئ الجميع بارتفاع كبير في أسعار التقاوي يقدر بحوالي ضعف أسعار الموسم الماضي، إذ سجل سعر طن التقاوي حوالي 500 ألف جنيه، وسط تساؤلات كثيرة حول أسباب الزيادة وهل هي مبررة أم مفتعلة من أصحاب الشركات الخاصة، وكيف يؤثر ذلك على حجم الكميات المستهدف زراعتها.
وأعلن مركز البحوث الزراعية، في وقت سابق إنّ الأصناف الفردية للذرة المسجلة في مصر هي الأعلى من حيث الإنتاجية، وترتيب مصر في إنتاجها يصل إلى 33 إردبًا للفدان أي 6 أطنان، حيث تصل إلى 8 أطنان للهكتار، في حين يصل إنتاج الهكتار في دول الأرجنيتن والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية 7 أطنان فقط، والثماني أطنان في الهكتار يمكن إنتاجها حال اتباع التوصيات الإرشادية جيدا، وزراعة أصناف معتمدة من الإدارة المركزية لإنتاج التقاوى.
وكانت قد حددت الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أسعار تقاوي محاصيل الموسم الزراعي الصيفي 2024، سعر الذرة الشامية صنف هجين فردي 10 أبيض و168 أصفر بـ1250 جنيها للعبوة وزن 5 كيلوجرامات، وصنف هجين ثلاثي 321 أبيض و324 أبيض بسعر 1120 جنيها للعبوة وزن 7 كيلوجرامات.
ومن المتوقع أن يصل إنتاج مصر من الذرة خلال موسم 2023-2024 نحو 7.6 مليون طن، إذ تصل المساحة المتوقع زراعتها إلى نحو 50 ألف فدان، لتصل إلى 2.4 مليون فدان، كما ستشجع أسعار الذرة المرتفعة فى السوق المحلية العديد من المزارعين على زراعة المزيد من الذرة.
دياب: العرض والطلب متحكم في أسعار التقاوي والتغيرات المناخية قللت الإنتاج
وفي ذلك الإطار تواصلت بلدنا اليوم مع مختصين لتوضيح سبب ارتفاع أسعار تقاوي الذرة، ومدى تأثير ذلك على المساحات المستهدف زراعتها، إذ يقول الدكتور عبد اللطيف دياب وكيل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بمحافظة سوهاج في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم"، أن هذه الأيام يبدأ التجهيز لزراعة المحاصيل الصيفية والتي أهمها محصول الذرة، والتي تسعى الوزارة لتوفير التقاوي اللازمة للمساحات المستهدف زراعتها بالذرة، عن طريق معهد المحاصيل والإدارة المركزية للتقاوي، والذي يوفرها بأسعار مخفضة عن الأسواق.
وأشار دياب إلى أن إنتاج تقاوي الذرة يحتاج إلى تكاليف عالية خاصة الأصناف الهجين الفردي، والهجين الثلاثي، التي يشرف عليها مركز البحوث الزراعية، لاستخدام المحصول كسيلاج وأعلاف للمواشي.
ولفت وكيل وزارة الزراعة إلى أن سبب ارتفاع التقاوي هذا الموسم هو سياسة العرض والطلب، بجانب نقص كميات التقاوي المنتجة، بسبب التغيرات المناخية، التي أدت إلى نقص كميات كبيرة من انتاج الحقول المخصصة للتقاوي، وفي هذا الموسم ازداد الطلب الطلب على تقاوي الذرة بالتالي حدث ارتفاع مفاجئ في الأسعار.
ولفت إلى أن المساحات المستهدف زراعتها من الذرة هذا الموسم من المحتمل أن تقل عن الموسم الماضي، مشيراً إلى أن محافظة سوهاج تعتمد بشكل أساسي على محصول الذرة فهو محصول استراتيجي، لأنه مصدر أساسي للأعلاف الحيوانية.
وذكر دياب إلى أن المزارعين سيواجهون بعض الضغوط المالية هذا الموسم، بالتالي تسعى وزارة الزراعة متمثلة في المديريات بتوفير أوجه دعم أخرى كالإرشاد الزراعي خاصة في مواجهة دودة الحشد الفتاكة، من خلال توفير المبيدات والتوعية لكيفية مجابهتها.
أبو الفتوح: ارتفاع أسعار تقاوي الذرة بهذا الشكل غير طبيعي
ويضيف الدكتور جمال أبو الفتوح وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم"، أثناء إجابته عن سؤال أسباب ارتفاع أسعار تقاوي الذرة، إذ ذكر أنه ليس من الطبيعي أن يصل سعر طن التقاوي إلى 500 ألف جنيه، فهذه زيادة غير مبررة.
وأشار وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ إلى أن المساحات التي من المستهدف زراعتها بالذرة، هذا الموسم ستقل نظراً لارتفاع تكاليف الزراعة، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيترتب عليه عدة أمور أهمها ارتفاع أسعار المحصول، والذي عليه يرتفع سعر العلف، بالتالي ترتفع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك، لأنها كلها دائرة تكاملية.
صيام: بيع المحصول بأسعار عالية يعوض المزارع عن ارتفاع التكلفة
ويقول الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" أن ارتفاع أسعار تقاوي الذرة يعتبر أمر طبيعي متوقع في ظل الارتفاعات التي شهدتها كافة مدخلات وتكاليف الإنتاج، فالموسم الماضي كان سعر الدولار حوالي 20 جنيهاً، أم هذا الموسم فإن سعر الدولار يقترب من 50 جنيهاً، بالتالي ارتفعت أسعار التقاوي بحوالي الضعف.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن ارتفاع أسعار تقاوي المحصول لا يؤثر على الفلاح في حالة كان سعر بيع المحصول به هامش ربح يعوضه عن مصاريف الإنتاج، خاصة في ظل ارتفاع قيمة أجرة الأيدي العاملة، وتكاليف الري.
وأشار "صيام" إلى أنه من الضروري أن تتدخل الحكومة ووزارة الزراعة لتقنين أمور البيع والشراء خاصة في التقاوي ذات الطبيعة الاستراتيجية، وتفعيل دور الإرشاد الزراعي، لتوعية المواطنين بالزراعة ومواعيدها والخريطة الصنفية للمحاصيل، لتحقيق إنتاجية أعلى تحسن من مستوى معيشة المزارعين.