”الديب“: أزمات أسعار المحاصيل الزراعية نتيجة سياسات خاطئة للوزارة
”أبو الفتوح“: عدم وجود قاعدة بيانات وخريطة صنفية سبب أزمة المحاصيل
”أبو صدام“: الإرشاد الزراعي منعدم في الوقت الحالي والفلاح مرشد نفسه
أعاد ارتفاع أسعار الثوم في مصر الحديث مجددًا عن فوضى أسعار المحاصيل الزراعية الرئيسية التي تضرب الأسواق بين حين وآخر، ومنها في وقت سابق البطاطس والبصل، والتي أثرت سلبًا على المزارعين والمستهلكين على حد سواء، على سبيل المثال بدأ المزارعين بعد أزمة البصل الأخيرة في زراعة كميات كبيرة جدًا من البصل لاستغلال السعر المرتفع الذي شهده الموسم الماضي بفضل تصدير الحكومة كميات كبيرة منه في وقت احتياج السوق المصري للمحصول ما أدى إلى ارتفاع سعر الكيلو الواحد لأكثر من خمسين جنيهًا، وهو ما رسخ في عقيدة الفلاح أن السوق المصري يحتاج إلى المزيد من أفدنة محصول البصل فكانت الزراعة كثيرة وهو ما ترتب عليه وفرة المحصول وبالتالي انخفاض السعر إلى نحو 6 جنيه فقط، وهو ما وقع على الفلاح كالصاعقة.
الدولة والمزارع عَكس عِكاس
الصاعقة التي طرحت كثير من الأسئلة لتفسير الحالة التي تُدار بها المنظومة الزراعية، خاصة أن هناك حالة من الإبهام تُسيطر على المشهد فالأمس القريب افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي المرحلة الأولي من مشروع مستقبل مصر وبدء موسم الحصاد في أحد أكبر الكيانات بالعالم في مجالات وأنشطة التنمية على صعيد مشروعات الزراعة والتصنيع الزراعي والاقتصاد البيئي والمشروعات التكاملية، ويستهدف المشروع حماية الأمن الغذائي المصري ذاتيًا، وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة تحتاج إلى تفسير، كيف تحمي الأمن الغذائي القومي وهناك عشوائية تُسيطر على مشهد بطليّه الدولة والمزارع ولكل منهما طريق مختلف عن الأخر، الدولة تسير نحو التنمية الزراعية المستدامة في جميع المحاصيل من أجل حماية الأمن الغذائي القومي، والمزارع يسير خلف المحاصيل الأكثر عائدًا للأموال دون دراسة كافية لحالة السوق.
سياسات وزارة الزراعة "خاطئة"
وتعقيبًا على ذلك، قال المهندس سليم الديب، مساعد رئيس حزب "المصريين"، إن السنوات الأخيرة شهدت طفرة حقيقية في الزراعة بوجه عام ولكن هناك تحديات كثيرة تواجهها ولا بٌدّ من التعامل معها بشكل صحيح حتى نتمكن من تحقيق رؤية مصر 2030 في جميع القطاعات جنبًا إلى جنب فلا يمكن أن يسير قطاع واحد منفردًا، موضحًا أن الأزمات المتتالية في أسعار المحاصيل الزراعية نتيجة لبعض السياسات الخاطئة التي تتبعها وزارة الزراعة والتي تتمثل في ضعف التنسيق بين جميع الجهات المعنية بالسياسات الزراعية وهو ما ينتج عنه تضارب في كثير من الأحيان بين السياسات الزراعية من جهة والتصنيعية والتصديرية والتجارية من جهة أخرى.
ضعف دور الإرشاد الزراعي
وأضاف ”الديب“ أن أحد أهم السياسات الخاطئة التي تهملها وزارة الزراعة أيضًا هو ضعف إشارات السوق وعدم وصولها بشكل صحيح إلى المزارع مما يحد من قدرته على اتخاذ قرارات إنتاجية سليمة، ويعود ذلك إلى تراجع دور التعاونيات وسيطرة شبكة واسعة من الوسطاء التجاريين على توريد مستلزمات الإنتاج وتسويق المحصول، وهو ما يعني عدم وجود معلومات واضحة وكافية يبني المزارع عليها قراراته الإنتاجية، مؤكدًا أن دور الإرشاد الزراعي لا يزال ضعيف، وتتمثل أهم مظاهر ضعف الإرشاد الزراعي في انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية في الحقول مقارنة بإنتاجيتها في المزارع البحثية.
عدم وجود قاعدة بيانات
وفي السياق عينه، قال الدكتور جمال أبو الفتوح وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» إن الفجوة التي تحدث في أسعار الثوم والبصل بسبب تفاوت المساحات المزروعة كل موسم عن الذي قبله، هو عدم وجود قاعدة بيانات، وغياب دور الإرشاد الزراعي، وغياب الوعي لدى الفلاحين، فمن الطبيعي أن تحدث تلك الأزمات.
حصر الكميات المطلوبة للانتاج والتصدير
وأشار ”أبو الفتوح“ إلى أن الوزارة لا بُدّ من أن تفعل قاعدة البيانات عن طريق الجمعيات الزراعية الموجودة في القرى، وخريطة صنفية، مع حصر الكميات المطلوبة للانتاج والتصدير، حتى نتجنب أزمات نقص أو زيادة المعروض بنسب كبيرة، منوهًا إلى أن عدم وجود قاعدة البيانات يجعل من الصعب تحديد أزمة أسعار الثوم هل هي مفتعلة، أم واقعية بسبب نقص المساحات المزروعة.
خطة لكل موسم زراعي
ولفت وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ إلى أن سلعة البصل والثوم لا يمكن ضمها لمنظومة الزراعة التعاقدية لأنها 80% منها استهلاك محلي، والتعاقد يكون على السلع الاستراتيجية أو التصديرية، منوهًا إلى أنه من الضروري وجود خطة لكل موسم زراعي، وتفعيل دور الإرشاد الزراعي، ودور الجمعيات التعاونية.
نقص المساحات المزروعة
ومن ناحيته، أوضح الحاج حسين أبو صدام نقيب عام الفلاحين في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم»، أن الأزمات التي تحدث سواء في أسعار البصل أو الثوم والتي تكون في الأساس بسبب نقص المساحات المزروعة فتزيد الأسعار أو بزيادة المساحات المزروعة فتنخفض الأسعار ما يسبب أضرارًا للمزارعين، وهذا سببه عدم إتاحة المعلومات للمزارعين بمقدار ما هو مطلوب زراعته أو الكميات المطلوب إنتاجها، بجانب عدم وجود زراعة تعاقدية على تلك المحاصيل.
العشوائية في الزراعة
وأضاف ”أبو صدام“ أن عدم التنظيم والعشوائية في الزراعة تؤدي إلى تلك الأزمات كل موسم، لافتًا إلى أن نقابة الفلاحين تطالب وزارة الزراعة بتفعيل منظومة الزراعة التعاقدية وتطبيقها على البصل والثوم، لكن حتى الآن لم يتم الموافقة، مشيرًا إلى ضرورة ضبط منظومة التصدير وأن يكون كل شيئ محسوب، إذ لا يصح في مثل هذه الفترة أن نفتح تصدير الثوم الذي تجاوز سعره 80 جنيهًا للكيلو محليًا، بسبب قلة المعروض، وأيضًا غلق تصدير البصل في الوقت الحالي ومع زيادة الكميات الموجودة في الأسواق أدى إلى انخفاض أسعاره بشكل يؤثر سلبًا على المزارعين، فلا بُدّ من آلية عمل جيدة للتصدير حتى لا تكون العملية التصديرية بجانب أهميتها في جلب العملة الصعبة، خالقة للأزمات.
انعدام الإرشاد الزراعي
ونوه ”أبو صدام“ إلى ضرورة وجود حل لأمر تشوين البصل والثوم لدى التجار لأنهم هم الذين يتحكمون في الأسعار في الوقت الحالي، موضحًا أن الإرشاد الزراعي في مصر يعتبر منعدم في الوقت الحالي، إذ لا يوجد مهندس زراعي يمر على الأراضي الزراعية لتوعية الفلاحين، بل الموجود حالياً هو بعض التوعية البسيطة عن طريق الإعلام ولكنها لا تكفي وحدها أن تكون إرشاد زراعي للفلاحين.
تطبيق الزراعة التعاقدية
وأكمل نقيب الفلاحين حديثه قائلًا: الفلاح في الوقت الحالي هو مرشد نفسه، فعندما يجد سلعة معينة سعرها ارتفع، يقوم بزراعتها والتوسع بها، وهذا في حد ذاته خطأ كبير، لأنه لابد من وجود توعية وإرشادات وأن يكون هناك ترتيبات بشكل أفضل من جانب الوزارة حتى لا نقع في براثن أزمات المحاصيل الهامة، مشيرًا إلى ضرورة تطبيق الزراعة التعاقدية فهي الحل في الوقت الحالي، لافتًا إلى أن الحكومة لم تعوض الفلاحين عن أي خسائر في الأسعار سواء حاليًا أو في وقت سابق، ولا بُدّ من تفعيل الدور الرقابي في الأسواق لضبطها.