حبانا الله سبحانه وتعالى أن تحتضن بلادنا الأزهر الشريف الذى يعتبر واحداً من أعظم صروح الحقبة الإسلامية فى الحضارة المصرية منذ العصور الوسطى... فهو ليس مجرد مسجداً أو جامعاً كبيراً بل هو من أقدم الجامعات فى العالم حيث بدأ بناؤه عام 970 ميلادياً الموافق 359 هجرياً أى منذ أكثر من ألف وخمسين عاماً ليكون ليس فقط مكاناً للصلاة بل مؤسسة لتعليم الدين الوسطى سواء فى مصر أو فى جميع الدول الإسلامية من المشرق إلى المغرب بل وإلى جميع دارسى الإسلاميات فى العالم كله...وقد كان للأزهر الشريف أدوار تاريخية مشهودة على مر السنين فى مواجهة العدوان على مصر والإرهاب الموجه إليها وكان علمائه وأساتذته ومبعوثيه المنتشرين فى كل بقاع الدول الإسلامية لهم مكانه خاصة وإحترام كبير.
يمثل الأزهر الشريف صوت الحق فى القضايا والأزمات التى يتعرض لها المسلمون فى أقطار العالم المختلفة وآخرها موقفه من تلك المجازر التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى حالياً حيث أصدر بشأنها العديد من البيانات والنداءات إلى دول العالم المتحضر لعل ضمائرهم تتحرك تجاه ما يتعرض له الشعب الأعزل فى قطاع غزة لممارسة أى نوع من أنواع الضغط على إسرائيل لعلها تتوقف عما تقوم به من أعمال إبادة جماعية بهدف القضاء على القضية الفلسطينية وعلى شعبها.
ولاشك أن الدولة المصرية ورئيسها عبد الفتاح السيسى يدرك تماماً ذلك الدور الهام لتلك المؤسسة العريقة والتى يعتبرها إحدى أذرع القوة الناعمة للدولة المصرية على مر السنين.
وفى هذا الإطار فإن الرئيس يضع مسألة إستقبال الأزهر الشريف للطلبة المبعوثين من الخارج ضمن أولويات إهتمامته تقديراً للدور الحيوى للأزهر بإعتباره منارة لنشر الصورة الصحيحة عن الدين الإسلامى والوقوف كحائط صد فى مواجهة الأفكار المتطرفة المغلوطة التى أساءت إلى الإسلام والمسلمين.
وقد شاءت الظروف أن أكون مشاركاً فى العديد من اللقاءات والدورات التدريبية لمبعوثى بعض الدول الإسلامية وللحق أقول أن جميعهم كان حريصاً على حضور تلك الدورات وتدوين كل كلمة تقال فيهم ومازلت على تواصل مع العديد منهم بعد عودتهم إلى بلادهم وكلى قناعة إنه سوف يكون من بينهم من سوف يتولى مركزاً علمياً أو دينياً مرموقاً فى بلاده وسوف يمثلون سفراء لمصر وللأزهر الشريف هناك يدينون بالولاء والإمتنان بالعلم الذى منحه الأزهر لهم.
ومن هذا المنطلق جاء إهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة تطوير المنظومة التعليمية والتربوية إستكمالاً وتدعيماً لرسالة الأزهر فى نشر الدعوة الوسطية والفهم الصحيح لسماحة الدين الإسلامى والذى بلا شك سوف يكون له إنعكاساً فى الحفاظ بشكل أو بآخر على الأمن القومى للبلاد.
وفى هذا الإطار جاء لقاء الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للتأكيد على تقدير الرئيس وإستمرار دعمه لما يمثله الأزهر من معان وقيم ورسالة سامية للعالم أجمع.....وفى هذا اللقاء تم ترجمة ذلك الإهتمام من قبل الدولة بوضع ومتابعة الخطوات التنفيذية لمدينة البعوث الإسلامية الجديدة التى سوف تشمل إنشاء مدينة أزهرية متكاملة لخدمة طلاب الأزهر المبعوثين من الخارج لمصر تقع على مساحة 172 فدان تستوعب أكبر عدد من المبعوثين للبلاد والذين بلغ عدد الدول الوافدين منها للدراسة بالأزهر 106 دولة من جميع أنحاء العالم.
هكذا جاءت رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى لهذا الصرح الإسلامى الكبير وحرصه على إستمراره فى أداء رسالته على أكمل وجه وتوفير آليات التمويل والتنفيذ والتشغيل كى يظل الأزهر الشريف منارة العلوم الإسلامية والإنسانية على مستوى دول العالم... والنور الذى يضئ مفاهيم الإسلام الحنيف الوسطى المبنى على الأخاء والتسامح سواء كان ذلك من خلال الطلبة الدارسين به أو من خلال إيفاد مبعوثين منه على أعلى مستوى من التأهيل العلمى والدينى لمواجهة أكاذيب الشائعات والتطرف ويدعون الى نشر السلام والمحبة بين شعوب العالم.
وتحيا مصر..