بعد إصدار الحكومة للائحة التنفيذية لقانون التصالح في مخالفات البناء، أصبح بإمكان المواطنين الذين تتوافر في حقهم الشروط المناسبة الاستفادة من هذه الفرصة لاستكمال بناء ممتلكاتهم.
وفي ظل الإعلان عن مشروع رأس الحكمة، الذي سيبدأ تنفيذه قريبًا، يثير هذا الأمر تساؤلات حول تأثير هذين العاملين على سوق مواد البناء في الفترة المقبلة وما قد يترتب عنه من تأثير على الطلب والأسعار، بالإضافة إلى مصير المخالفات التي تم تحريرها بعد عمليات التصوير الجوي.
في البداية أكدت النائبة ميرفت عازر، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن نسبة المخالفات على البناء بعد التصوير الجوي قد تناقصت بشكل كبير،مشيرة إلى أن تلك المخالفات تقتصر بشكل رئيسي على التعديات على الأراضي الزراعية، في حين أصبحت المخالفات داخل الحيز العمراني شبه معدومة، موضحه أن جميع المباني التي تم بناؤها داخل الحيز العمراني تمت وفقًا للتراخيص المطلوبة.
وأضافت النائبة عازر، في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم"، أن التصوير الجوي يلعب دورًا هامًا في رصد التغيرات المكانية بشكل منتظم ومستمر، حيث يتم تقديم تقارير شهرية تتضمن أي مخالفات جديدة تم اكتشافها والإبلاغ عنها، والتعامل مع هذه المخالفات من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك تنفيذ قرارات الإزالة للمخالفات المذكورة.
واوضحت عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن نسبة التعدي على الأراضي الزراعية انخفضت بنسبة 99%، مما أدى إلى تقليل المخالفات المتعلقة بالبناء بشكل كبير، وأكدت عازر أهمية صدور القانون المنظم لهذا الشأن والموافقة على اللوائح التنفيذية المتعلقة به، مؤكدة علي عدم التسامح في محاسبة المخالفين، وأنه لن يكون هناك تراجع في التعامل مع معهم من خلال تطبيق العقوبات بصرامة، وأبرزت أهمية الحفاظ على الأراضي الزراعية، حيث حذرت من احتمالية انعدامها في المستقبل في حال استمرار التعدي عليها، لذلك ستتخذ الحكومة إجراءات قوية وفعالة لمنع أي انتهاكات مستقبلية، وفقًا للقرارات والإجراءات القانونية المناسبة.
وفيما يتعلق بتأثير هذين العاملين علي سوق مواد البناء والطلب والأسعار، يقول أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، إن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون التصالح علي مخالفات البناء لن يؤثر بشكل كبير على زيادة طلب مواد البناء في الفترة المقبلة، حيث يتعلق الأمر بالمباني التي تم إنشاؤها بالفعل، وأن ما سيحدث هو استكمال بناء الأدوار للمباني القائمة، وهو أمر لن يؤثر بشكل كبير على سوق مواد البناء، لكن الأثر الفعلي والكبير سيكون في تحريك الأسواق وانتعاشها من خلال انخفاض أسعار مواد البناء، وهو ما يخلق زيادة الطلب عليها.
وأضاف الزيني، في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم" ،أن المشروعات القومية التي يجري تنفيذها تستخدم مواد البناء المنتجة محلياً، بما في ذلك مصانع الأسمنت والحديد التي تمتلكها الدولة بنسبة كبيرة، وتقوم بطلب كميات محدودة من القطاع الخاص عند الحاجة إلي ذلك، وأن هذه المشروعات مستمرة دون توقف.
وأوضح رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، أن مشروع رأس الحكمة سيستغرق وقتًا طويلاً في تنفيذه لحين الانتهاء من جميع الإجراءات اللازمة، من تأسيس البنية التحتية للمشروع ، وعمل المخططات الهندسية والفنية وغيرها من الإجراءات ،مما يجعل من الصعب التنبؤ بتأثيره الفعلي على زيادة الطلب على مواد البناء.
وأشار احمد الزيني إلى أن أسعار مواد البناء قد تتغير في أي وقت، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية، منوها أن هناك فائضًا في الأسمنت، تصدير كميات كبيرة منه للخارج سنويًا تصل إلى 10 مليون طن، وهناك شركات تقدمت بطلبات لجهاز حماية المستهلك لتقليل الإنتاج بسبب توفر كميات زائدة، وبالفعل تم تقليل الإنتاج، ولذلك اي زيادة علي الطلب يمكن للمصانع تلبيتها، أما بالنسبة لمصانع الحديد، فلم تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الدولار، لكن مع توفر الدولارات، من المتوقع أن تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، مما يعني أن مصر لديها القدرة الإنتاجية لتلبية احتياجات جميع المشروعات الجارية والمستقبلية.
ويتوقع الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن يؤدي تطبيق قانون التصالح على البناء في مصر إلى زيادة الطلب على مواد البناء، لأن هذا القانون سيتيح الفرصة لاستكمال الإنشاءات غير المكتملة وتوفير تراخيص قانونية للبناء للمواطنين.
كما يتوقع أيضاً أن تواجه الحكومة ضغوطات وتحديات في توفير كميات كبيرة من مواد البناء فور البدء في تنفيذ مشروع رأس الحكمة ، لان هذا المشروع يمكن أن يؤدي الي سحب كافة الإنتاج المحلي من الحديد والأسمنت، مما يخلق فجوة كبيرة ما بين تلبية احتياجات السوق المحلى وتوفير الكميات الأزمة لمشروع رأس الحكمة ، وبالإضافة إلى إستكمال البناء في العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات، وبالتالي سنشهد إرتفاع أسعار مواد البناء.
وأضاف خضر، أن زيادة الطلب على مواد البناء وارتفاع أسعارها سيؤدي إلى زيادة في أسعار سوق العقارات في مصر، لذا، يجب إعادة النظر في هذا الأمر حتى لا تحدث أزمات أخرى في الفترة المقبلة.
وكشف الخبير الاقتصادي في نهاية حديثه عن قرب الإعلان عن مجموعة من المشروعات الاستثمارية الضخمة في مصر خلال الفترات المقبلة، ويأتي في مقدمتها مشروع رأس جميلة على البحر الأحمر بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، كما يتم التخطيط لمشروع صيني يعد الأضخم في الشرق الأوسط، حيث سيتم تنفيذه على سواحل البحر المتوسط ويشمل ثلاثة محاور رئيسية، بما في ذلك بناء مدن ساحلية وإقامة ميناء ومنطقة لوجستية، بالإضافة إلى استثمارات في قطاعات الطاقة والتعدين.