سوق السيارات في مصر كلوحة سريالية لا يستطيع الكثيرين فك طلاسمها، وبسبب كثرة العوامل المؤثرة في تكوين التوقعات المستقبلية يتعقد المشهد وتصعب قراءته، ومع اقتراب بداية الربع الثاني من العام الجاري، أعلن عدد من الوكلاء خفض لأسعار سياراتهم بقيم وصلت إلى 500 ألف جنيه لتزداد جرعة التفاؤل لدى العملاء.
وعلى الرغم من المؤشرات الإيجابية عقب تحرير سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء، برزت اضطرابات الشحن بسبب الحوثيون وارتفاع الدولار الجمركي كإشارات تحذيرية تحد من الآمال، ولفهم المتغيرات الأخيرة في السوق استطلعنا آراء عدد من المتخصصين بالقطاع.
انتهاء الأوفر برايس من سوق السيارات
اللواء حسين مصطفى عضو اللجنة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية يؤكد أن المبيعات سترتفع مرة أخرى خلال الربع الثاني من العام الحالي، وأهم ما سنشهده في الربع الثاني من العام الحالي اختفاء الأوفر برايس نهائيا، مضيفا أن مصر حصلت على وفرة دولارية كبيرة تخطت الـ60 مليار دولار وبالتالي متوقع أن تتوجه نسبة منها إلى السيارات بعد انتهاء دخول السلع الرئيسية، ومع فتح الاعتمادات البنكية وتوفير الدولار للمستوردين ستتقلص الفجوة في أعداد السيارات المتاحة بالسوق بعد أن تقلص حجم الوارد منها لمصر بنسبة 54% للسيارات الكاملة وبنسبة 47% للمجمع محليا، وحين يتحقق ذلك يفتح الوكلاء أبواب الحجز المباشر للعملاء مرة أخرى بعد توقف استمر طوال العام الماضي، وتابع أن ثمار التحركات الاقتصادية الحالية ربما نراه في سوق السيارات خلال أبريل المقبل، مشددا على أن التوجه للتصنيع والدفع نحوه يمثل حل دائم وفعال يجب أن لا نغفله لتوفير الدولار وخفض مستمر للأسعار.
مزيد من التراجع في أسعار السيارات بشرط
يقول منتصر زيتون رئيس لجنة السيارات بغرفة كفر الشيخ إن أسعار السيارات خلال الفترة المقبلة ستتأثر بعدة عوامل بداية من تحرير السعر الصرف واستقرار الدولار عند حدود أقل من الـ47 جنيه، ونفس الأمر بالنسبة لسعر الدولار الجمركي الذي سُدد قبل التحرير بقيمة 30.90 جنيه، وأيضا تضاعف قيمة الشحن البحري أربع وخمس مرات عن السعر السابق بسبب هجمات الحوثيين ورفع شركات التأمين البحري تكلفة الوثائق.
وكشف زيتون عن انشغال الوكلاء حاليا بإعادة التسعير والنظر إلى المتغيرات الجديدة في السوق خلال الربع الثاني من العام الحالي، استعدادا لإعادة فتح الاعتمادات البنكية مرة آخرى وانتهاء تسعير السوق السوداء الذي سبب اضطراب طوال العامين الماضيين.
وحدد زيتون نسب تقريبية لارتفاع أسعار جمارك السيارات خلال الربع الثاني من العام، فالسيارات المجمعة محليا سترتفع بنسبة تصل إلى 60% لأن مكونات الإنتاج خاصتها تأتي باعتمادات بنكية وتحاسب جمركيا بالدولار الرسمي منذ البداية لذا فإنها الأكثر تأثرا، تليها بنسبة 30 إلى 40% السيارات المستوردة بالكامل خارج اتفاقيات الإعفاءات الجمركية والتي كانت تلجأ للسوق السوداء، أما السيارات المستوردة داخل الاتفاقيات الجمركية فلن يتجاوز الارتفاع 5% ممثلة في الضرائب، وشدد على أن الأسعار ربما تشهد مزيدا من التراجع بشرط استمرار انخفاض سعر الدولار.
وأوضح أن جميع الانخفاضات الحالية في أسعار السيارات سواء الأوفر برايس أو الرسمي تحدث من خلال الوكيل والتاجر ليس مسؤولا عنها؛ فالمسؤول عن توفير السيارة وتقدير قيمة الزيادة غير الرسمية وتحميلها للموزع والتاجر وغيرها من آلاليات في يد الوكيل، وتراجع السعر رسمي وأوفر برايس وغير ذلك بيده.
وقال إن خفض بعض الوكلاء لأسعار السيارات حاليا ورفع البعض الآخر له ظروف مختلفة، فمن هبط بالسعر وجدها فرصة مثالية لإعادة التسعير المبالغ فيه والذي وقف عائقا أمام تسويق السيارة بدليل أن الانخفاض وصل إلى 300 ألف جنيه من السعر الرسمي إضافة إلى الأوفر برايس، أما زيادة السعر فجاءت من وكلاء لم يحركوا أسعارهم منذ منتصف العام الماضي، والبعض يُعيد النظر على السعر الرسمي الجديد وكلها نقاط إيجابية للربع الثاني من العام الجاري.
أبوالمجد: فرصة لن تعوض للراغبين في الشراء
ويعتقد المستشار أسامة أبو المجد نائب رئيس لجنة السيارات بغرفة القاهرة التجارية أن الربع الثاني سيشهد ازدهار للقطاع على جميع الأصعدة، وفرصة لن تعوض للراغبين في الشراء، فإلى الآن انخفضت الأسعار بإجمالي 20% ما بين أوفر برايس وسعر رسمي، متوقعا أن تنتعش المبيعات في السوق ولن نشهد زيادات طوال الأشهر الثلاثة المقبلة على أقصى تقدير ويدفع في هذا الاتجاه رغبة التجار في التخلص من ما لديه لمجابهة الانتعاشة الأكبر في سوق السيارات المستعملة بعد وصول 25 ألف سيارة ضمن مبادرة استيراد السيارات للمصريين بالخارج، مع الانتباه أن سعر الدولار الجمركي حد من هبوط الأسعار بنسب أكبر للمستعمل والجديد بعد أن ارتفع أكثر من 16 جنيه مقارنة بالسعر قبل التعويم.
الشحن والدولار الجمركي يؤثران في أسعار السيارات
المهندس خالد سعد الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات وعضو اللجنة العامة بالاتحاد العام للغرف التجارية، يؤكد أن تحرير سعر الصرف استطاع إنهاء السوق السوداء نهائيا وأصبح التعامل كليا وفق سعر الدولار البنكي، ويجب الانتباه إلى أن سعر الدولار الجمركي وحساب الضرائب ارتفع مقارنة بالسعر قبل التحرير، مضيفا أن أسعار الشحن زادت، والآن سعر الحاوية مساحة 40 قدم يبلغ ثمانية آلاف دولار مقارنة بنحو يبلغ 3 آلاف دولار في السابق؛ لذا "أتوقع زيادة الأسعار" لكن لن نستطيع الجزم بما سوف يكون عليه السوق خلال الربع الثاني من 2024، لأن أغلب المتغيرات الطارئة كهجمات الحوثيون وانتهاء الحروب الإقليمية والعالمية في حال توقفت بالتأكيد سينعكس إيجابيا على الأسعار.
عبد المجيد: الفائدة تزيد تراجع التقسيط
عماد عبد المجيد عضو لجنة السيارات بشعبة القاهرة التجارية توقع أن يزداد التراجع في بيع السيارات عبر أنظمة التقسيط لأكثر من 70% بسبب ارتفاع أسعار الفائدة مع العلم أن ارتفاع المبيعات في السيارات لن يعود إلى الأعداد الطبيعية قبل 2022 إلا مع انخفاض سعر الفائدة وعودة عميل التقسيط بقوة مرة أخرى، وأضاف أن شركات التمويل لا تعطي فائدة أقل من البنوك كما يعتقد البعض بل أحيانا تتجاوزها ولكن يكمن سبب الإقبال عليها في سهولة الإجراءات المستندية مقارنة بالبنوك.
ومع تراجع الدولار يوما تلو الآخر يبدو أن قطاع السيارات على موعد مع تعافي محدود في المبيعات قد يعوض ما مر به في العامين السابقيين من ركود تضخمي ظهر بوضوح في إجمالي مبيعات السيارات الملاكي في 2023 والتي حددها مجلس معلومات سوق السيارات المصري بنحو 69 ألفا و175 سيارة ما تسبب في خروج صغار التجار من السوق، إلا أن الانتعاشة الحقيقية سوف تظهر مع تحقيق التصنيع الكامل للسيارات محليا.