"الحضرة" حضور، ولكل حضور تجلياته.. وحتى ولو كان حضوراً لشخص أو حضور لمال، أو حضور لنفوذ، أو حتى حضور لمعنى من المعانى، و"الحضرة" عند الصوفية لقاء على المحبة لذكر الله، وهى حضرة لها حكاياتها وطقوسها، قبلها الكثيرين ورفضها البعض واعتبروها ابتداع فى الدين، و"الحضرة" هنا ليست مجرد حضور للذكر والتقرب لله، بقدر ماهى معنى حقيقى لحضور الناس والمعانى وحتى للأشياء، ولولا "الحضرة" التى أعرفها لأرواح سكنت أرض مصر، ما سميت بلادنا بالمحروسة.
فمن هم هؤلاء الذين كان حضورهم ومعيتهم، حارسة للأمة، ومن هم محبين حضرتهم، وماذا لو كان لكل معنى حضوره، بل لكل حدث فى التاريخ ذاته حضوره؟!، ومن هنا يمكن أن نتسائل هل كانت لحظة التجلى الألهى على أرض مصر، بمثابة "حضرة" لا تنقطع إلى يوم الدين، وما هى مساحة هذه الحضرة، وديمومتها، وماذا ترك حضور التجلى الألهى على أرض مصر من نفحات، ورحمات، وكرامات، وعزه لهذه الأرض؟! جميعها تساؤلات يمكن أن نطرحها على حالة من "الحضور" أعتبرها "الحضرة" العظمى فى تاريخ الأرض التى نحيا عليها..
لو جلست فى "حضرة" لرجل من مليونرات مصر – مثلاً- ماذا ستتوقع أن يكون شكل المائدة، والحاضرين، والمكان، والحظوة؟! هل سيكون لحضور المال علامات؟ فى أعتقادى أن لكل "حضرة" علاماتها حتى ولو كانت حضرة المال، فما بالنا حين يكون الحضور بالمعنى مثلما كان حضور "التاريخ" مثلا لهذه البلد، فحينما يذكر مصر فى أى بقعة على سطح الأرض ستكون حضارة ال7 الاف عام "حاضرة" فى عقل المتلقى أياً كانت هويته.
ومن كل ما سبق يمكن القول أن معنى "الحضرة" ليست ذلك التقزيم لمعنى صوفى، أو حتى لمعنى شخصى، بقدر ما يمكن القول أن الله قد جعل لكل شئ فى هذه الحياة حضرته، وأطلق كلمة شئ على كل شئ كيفما شئت.. كل هذا يحملنى وأياكم للبحث فى حضور من نوع خاص أود أن يكون عنوان لهذه الحضرات التى سنسافر لها سويا عبر تلك السطور، ألا وهو حضرة أولياء الله الصالحين، بل حضرة من فى حضورهم لا يشقى أحد، وليكن بداية حضراتنا فى تلك الرحلة.. من ضريح مولانا وسيدنا سيد الشهداء وإمام المتقين، سيد شباب أهل الجنة، مولانا سيدنا الحسين..
لقد منً الله على هذه الأرض أن يوارى ثراها قطعة من جسد سيد الشهداء، فما هى "حضرة" مولانا سيدنا الحسين؟، ماذا يحدث حين تدخل حضرته؟، وأين تكمن حضرة الحسين؟، هل هى فى محيط قبره بالحى الذى نسب له حى سيدنا الحسين؟، أم أن حضرته شملت الشوارع المحيطة فحسب؟ هل شملت حضرته بلادنا بأثرها؟، بل هل شملت حضرة سيدنا الحسين من مرقد الجسد الطاهر فى مدينة كربلاء العراق إلى مدينة القاهرة؟ بل دعونى أقول هل حضور سيد الشهداء يكمن فى قلوب محبيه من مشارق الأرض إلى مغاربها، أينما كانوا وحيثما كانوا طالما طلبوا الأذن بالحضور من صاحب الحضور..
ولو كانت كل هذه العلامات من الأستفهام حول حضرة سيدنا "الحسين" فكيف هى حضرة سيد ولد أدم أجمعين سيدى وسيدكم المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد صلوات ربى عليه؟!.. كيف لمن بعث رحمة للعالمين، أن تكون حضرته؟ وكيف الدخول إليها؟ بل كيف هى حضرة كل أنبياء الله أينما كانوا وحيثما كانوا، حين تهفوا الأفئدة إلى زيارة حضرتهم؟!
أقول هذا ولو أن شخص منكم دخل إلى لقاء رئيس الجمهورية وجلس فى حضرته لشملته كل أمتيازات الأرض التى يفيض إليها حكم الرئيس!! فما هى أمتيازات أو لنقل نفحات "حضرة" المشيرة رئيسة الديوان عقيلة بنى هاشم سيدتنا زينب رضوان الله عليها وعلى كل أل بيت رسولنا الكريم؟ ماذا لو قدر لأحدنا يوم زيارة ضريح سيدة نساء العالمين العذراء مريم رضوان ربى عليها.. ماذا فى حضرتها سيكون "الحال"؟!
وهنا يمكن القول أن لكل حضرة "حال" فما حالك يا أخى فى حضرة الحسين؟ وما هو حال غيرك الذى لايعترف بزيارة القبور حين يمر على المرقد ولا يلتفت؟ كيف هو "حاله" ؟! وهذا المعنى على وجه التحديد الذى يطلقه الصوفية على هؤلاء المجاذيب، أو الدراويش، أو سمهم ما شئت حين تمر بهم حول ضريح الحبيبة نفيسة العلم ستنا نفيسة رضوان الله عليها، فيقولون أنهم أصحاب "أحوال".. هو فى تقديرى شئ من أحوال كثيرة، كذلك "الحال" من الفرحة أو الفخر أو العزة، أو حتى النفوذ، حين تجلس فى "حضرة" رئيس الجمهورية مثلاً..
وهنا سأقول أن لكل "حضرة" "حال" ولكل حضور "حال" وكل حال يبدأ من باب صاحب الحضرة، ولكنه يولد سرأ لا يعلمه إلا الله فى "الفؤاد"...
وإلى معنى أخر فى معانى "الحضرة" و "أحاولها" إن كان فى العمر بقية