تحتفل الدولة المصرية هذه الايام بعيد الشرطة الثانى والسبعون.. وهكذا تمر الايام وتتتابع الأجيال من رجال الشرطة الذين لم تلين عزيمتهم منذ معركة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952 التى راح ضحيتها 50 شهيداً و80 جريحاً من خيرة الرجال الأوفياء وذلك عندما تصدى 850 رجل منهم أمام هجوم 7 الآلآف جندى بريطانى حاصروا مبنى محافظة الإسماعيلية وثكنات الشرطة هناك ودافعوا ببسالة عنها حتى اللحظة الأخيرة مما دفع الجنرال الإنجليزى إكسهام قائد القوات البريطانية إلى أداء التحية العسكرية للشهداء والمصابين الأبطال المصريين عند خروجهم من مبنى المحافظة مرفوعى الرأس فى كبرياء وشمم وكانت تلك المعركة هى الشرارة الأولى لأندلاع ثورة 23 يوليو 1952.
وقد تصادف أن يكون الإحتفال بعيد الشرطة هذا العام متزامناً مع الأسابيع الأولى للطلبة المستجدين الذين تم قبولهم للدراسة بأكاديمية الشرطة ليتم إعدادهم وتأهيلهم لتحمل مسئولية الدفاع عن وطنهم إستكمالاً لمسيرة الأسلاف من رجال الشرطة الذين ضحوا بأرواحهم فى ميادين عملهم المختلفة وكذلك فى مواجهة التنظيمات الإرهابية التى تسعى الى تخريب البلاد وترويع العباد.
لقد شهدت جميع قطاعات الشرطة فى عهد السيد اللواء محمود توفيق وزير الداخلية تطورات غير مسبوقة وذلك لما يتمتع به من إتساع الأفق والرؤية الصائبة التى تجعل الإهتمام بتطوير آليات العمل بتلك القطاعات تشكل منظومة مستمرة من التطوير لا تتوقف عند حد معين ....وهو ماحدا بالسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ان يثق فى قدرات وإمكانيات قيادات وزارة الداخلية ويوجه بتقديم كافة أنواع الدعم لهم تحقيقاً لأستمرار أمن وأمان البلاد .
كانت حركة التطور التى تشهدها البلاد حالياً حافزاً لكى تتطور معها أجهزة وزارة الداخلية تحقيقاً لوجود شرطة عصرية متحضرة تليق بالجمهورية الجديدة وهو بالفعل ما تشهده الداخلية حالياً من تطوير كبير جعلها قادرة على مواكبة التطورات الحديثة وتوفير الأمن المعلوماتى والخدمات الأمنية الأخرى بصورة غير مسبوقة من الإنجاز واحياناً الإعجاز.... حيث شمل ايضاً اساليب مواجهة الجريمة و الحد من وقوعها وكذلك الأمن الإنسانى والإجتماعى مع ترسيخ قيم حقوق الإنسان من خلال الإهتمام بمراكز الإصلاح والتأهيل وتطويرها والحرص على تأهيل النزلاء خلف الأسوار والإهتمام بهم من خلال المشروعات الإنتاجية الضخمة خلف الأسوار مع وجود منظومة علاجية متحضرة لهم مع التأهيل المستمر لسلوكهم وتجهيزهم للتعامل مع المجتمع فى أعقاب الإفراج عنهم.... كما اصبحت اجهزة الشرطة قادرة على ضبط المتهمين فى القضايا الجنائية بسرعة كبيرة قد لا يتوقعها المجرمين انفسهم وذلك من خلال الحملات الأمنية المكثفة والمجهزة على أعلى المستويات لتفكيك البؤر الإجرامية خاصة جرائم المخدرات والأسلحة غير المرخصة حيث حققت أعلى معدلات الضبط خلال السنوات الثلاثة الماضية....كما شهد الأمن المعلوماتى تطوراً كبيراً لمواجهة الجرائم الإلكترونية التى باتت تؤرق الأسر المصرية ومن هنا فقد توسعت إدارة مكافحة تلك الجرائم من خلال إنشاء مقار خاصة بتلقى بلاغات جرائم الإنترنت على مستوى الجمهورية مع إتاحة تقديم البلاغات عبر أقسام الشرطة أو من خلال البلاغات التليفونية ...وقد سجلت تلك الإدارة نجاحات باهرة فى توجيه ضربات إستباقية للقائمين بتلك الجرائم وهو ما أسهم فى خلق حالة من الهدوء والإستقرار خاصة وانه قد تم تغليظ العقوبات على مرتكبى هذه الجرائم مما يؤكد ان المجتمع أصبح لدية قناعة بخطورتها على الاسرة المصرية والحفاظ عليها من التفكك والإنهيار.
وإذا تحدثنا عن شرطة المرور فجميعنا بلا إستثناء نشهد هذا الكم الكبير من كاميرات المراقبة والردارات المنتشرة فى جميع الشوارع والميادين والمحاور والكبارى والأنفاق وطرق السفر سواء الى الوجه البحرى او القبلى وهو ما أدى الى تقليص حوادث المرور بنسبة كبيرة ...أما فى قطاعات الشرطة الخدمية فإننا نشهد جميعاً ذلك التطوير الكبير الذى جعل تلك الخدمات من الممكن ان تقدم للمواطنين فى محل إقامتهم سواء من خلال الإنترنت أو الإتصال التليفونى حيث أصبح الحصول على الوثائق أمراً سهلاً وممكناً ويتم إنجازه فى أسرع وقت وبأقل جهد.
أما عن الإرهاب والتنظيمات الإرهابية فإننا نعيش حالياً فترة من الاستقرار والامان نتيجة نجاح قطاع الأمن الوطنى ويسانده القطاعات الأخرى فى توجيه ضربات إستباقية الواحدة بعد الأخرى كما جاء التنسيق مع القوات المسلحة الباسلة ليحققا معاً أعلى معدلات النجاح فى تقويض العمليات الإرهابية والقضاء على أكبر عدد من عناصرها سواء عند محاولتهم القيام بها أو إختبائهم فى جحورهم كالأفاعى والحشرات.
لقد طالت يد التطوير جميع مناحى أداء العمل الشرطى بدءاً من المناهج الدراسية لطلبة اكاديمية الشرطة وصولاً الى حصول العديد من الخريجين على درجتى الماجستير والدكتوراه.....كما حدث تطوير فى كافة مبانى الوزارة وأقسام الشرطة بحيث تواكب بيئة المحافظات والمراكز التى تنتشر فيها حيث نجد على سبيل المثال ان مبنى مديرية أمن الأسكندرية يختلف عن ذلك الموجود فى الوادى الجديد فكلاهما يتناغم مع طبيعة البيئة المحيطة به.
من الطبيعى إننا لن نتمكن من حصر ذلك التطوير الذى تشهده الشرطة المصرية شكلاً وموضوعاً ولكن حسبنا ونحن من الجيل الذى لم يعاصر تلك التطورات حيث كانت الإمكانيات محدودة وتعتمد فى المقام الأول على العنصر البشرى ثم الأدوات المساعدة له....ولكن مع تتابع الأجيال رأينا هذا التطور والتطوير الذى شمل البشر والحجر فى آن واحد وهو ما يجعلنا فخورين بما وصل اليه أبناؤنا من الأجيال اللاحقة الذين تسلموا منا أمانة المسئولية وشرف الدفاع عن الوطن....ولاشك انهم أيضاً سوف يقومون بذلك مع الأجيال القادمة...وهكذا نحقق العطاء والولاء والوفاء لوطننا المفدى