«تأسرني الطبيعة، الطبيعة التي تتحول إلى لوحات ريفية، بروائح البيوت الطينية القديمة، المعجونة بالذكرى، المأخوذة من خضار الفكرة، من هنا أستلهمُ أعمالي؛ عندما أسير في شوارع القرية فيعتريني إلهام بتنفيذ لوحة ما»، إنه أحمد علي فلفل، فنان تشكيلي من جنوب مصر، من أكثر المدن ثراءً وحضارةً، وأعمقها علاقةً بجوهر الفن، في حوار خاص لـ«بلدنا اليوم»:
حوار مع الفنان التشكيلي أحمد علي فلفل
ولد «فلفل» في قرية الرُزيقات بمركز أرمنت بمحافظة الأقصر، فالتصق بجوهر الريف وبكارته، جرب على مدار حياته أنواعًا مختلفة من الفنون، غير الفن التشكيلي؛ بالتحاقه بفريق المسرح فترة الجامعة، وبمحاولاته كتابة الشعر، والذي صدر له خلالها دواوين عدة، إضافة إلى غوايته بالعزف على العود، وهو الرئيس السابق لنادي أدب أرمنت.
الفنان أحمد علي فلفل مع إحدى لوحاته
أكثر من مجرد ميول
يقول أحمد علي فلفل، الفنان التشكيلي: «بدأتْ حياتي مع الفن التشكيلي بهواية الرسم منذ الطفولة، وتميزتُ بذلك في المدرسة؛ برسم زملائي، وتقليد اللوحات المشهورة، فالحالة الفنية والإبداعية لدى الطفل تنشأ في البدء كموهبة، ثم تتشكل بالثقافة، شريطة وجود داعم يشجع الطفل ويوفر له مُناخًا ملائمًا يساعد على ذلك، إلا أني في سن صغيرة شعرتُ بموهبتي، وعملت على تنميتها في مراحلَ تالية، حتى دعيت للعديد من المهرجانات وشاركت في ملتقيات إبداعيه للفن التشكيلي بالقاهرة».
ويضيف في حوار خاص لـ «بلدنا اليوم»: «أعشق اللوحات الريفية، وأحب البيوت القديمة، وأستلهمُ من بيئة القرية بعض لوحاتي، فعندما أسير في أي شارع أشعر بجوهر التشكيل، ما يدفعني إلى تنفيذ لوحة ما، ورغم أني قروي من صعيد مصر، لكني دائم الحضور في المؤتمرات الشعرية، وكثير العزف على العود، أجد أن هذه هي تركيبتي الشخصية.. لا أستطيع العيش دون الفن، إنه أكثر من مجرد ميول».
حظي قليل في المهرجانات
وعن دعوته للمهرجانات، يوضح: «بالإشارة إلى ما قدمتُ أجد أن حظي قليل من هذه الدعوات، إلا أني شاركتُ في ملتقى الإبداع الثامن بأتيليه القاهرة، وملتقى الإبداع العاشر بساقية الصاوي بالزمالك، كما دعيتُ إلى معرض الفن التشكيلي (هموم مشتركة) الذي أقيم علي هامش السينما الإفريقية بالأقصر، وذهبتُ إلى ملتقى لونيات عربية في قصر ثقافة الأنفوشي بالأسكندرية، وكذا كان لي معرض خاص في بيت الشعر بالأقصر».
ويستطرد: «وخلال مشاركتي في المعارض، أو حتى زيارتها، أحاول الاستفادة من المساحات الفنية في كل اللوحات التي أراها، فعند رؤيتي لوحة لفنان ما، أستعيد روحي، وبالتالي يتجددُ إبداعي، وأتجددُ معه».
من أعمال الفنان أحمد علي فلفلمن أعمال الفنان أحمد علي فلفلمن أعمال الفنان أحمد علي فلفل
الرهان على التشكيل
وعن حظوظ الفن التشكيلي اليوم، يرى «فلفل» أن «الاهتمام بالفن التشكيلي الآن أكثر من الفترات السابقة بكثير، إذ صارت المعارض أكثر انتشارًا وتوسعًا، ما ساهم في تعدد كليات الفن التشكيلي وتوزعها على محافظات مصر»، منوهًا: «قبلُ كان هناك منفذ واحد، وهو كلية الفنون الجميلة بالزمالك، والآن تتاح الكليات والمعارض، ومنافذ كثيرة منتشرة في ربوع مصر».
ويعتبر «فلفل» أن «حاضر ومستقبل الحركة التشكيلية المصرية والعربية يتوقفان علي أعمال الفنانين وإبداعهم، وسعيهم الحقيقي في محاولات تساعد على ارتقاء الفن؛ تواكب العصر من زاوية، وتعكس حضارة الشعوب وعمق ثقافتها من ناحية أخرى، باعتباره أحد أدوات التواصل بين ثقافات العالم».
جانب من اللقاء
الحقيقة تبدأ مع المعاناة
ويشير إلى أن: «الفنان التشكيلي يحتاج إلى مساعدات تتمثل في شراء المواد الخام التي تحتاجها اللوحات، إضافة إلى استئجار مكان يتسع لأعماله؛ وهو ما لا تلبيه الحكومات العربية لمساعدة الفنانين، حتي يكونوا أكثر انتشارًا علي صفحات العالم» مبيّنًا أن «كثيرًا من التشكيليين لا يكملون مسيرتهم الإبداعية نتيجة لذلك».
وتابع: «معاناة التشكيليين في مصر لا تنتهي، فعندما يرغب الفنان بالمشاركة في معارض دولية -إذا اختيرت لوحاته للمشاركة- يدفع رسومًا للاشتراك، فضلًا عن تكاليف النقل التي يتكفل بها الفنان لنقل لوحاته من محافظته إلى مقر المعارض، وهو ما يمثل عبئًا ماديًّا كبيرًا، خاصة على فناني الصعيد، فالفن التشكيلي عمل إبداعي مرتبط بالحالة الاقتصادية والنفسية لأي مجتمع، وفي الدول الغربية تباع اللوحات مقابل الكثير من الأموال، بينما هنا في مصر أقصى ما يحصل عليه الفنان هو أن تنال أعماله إعجاب الجمهور»، لافتًا إلى أنه «رغم معاناة الفنان المصري والعربي من تفكك وصراعات، إضافة إلى افتقاره للدعم اللازم، إلا أنه بذلك يكون أكثر إبداعًا وتعبيرًا عن حقيقة الفن عامة، والفن التشكيلي بصفة خاصة، وأعتبر نفسي واحدًا من هؤلاء».
أحمد علي فلفل من مسقط رأسه