أثارت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين خلال الفترة الماضية تساؤلات كثيرة حول الدافع وراء استقبال بكين بحفاوة كبير للرئيس بشار الذي يعاني من عزلة دولية لنحو عقدين، والمصالح المشتركة التي تربط الطرفين.
وأكد خبراء على هامش لقائهم مع «بلدنا اليوم» أن زيارة الرئيس السوري تأتي في ضوء مساعي النظام للاستفادة من الصين اقتصاديًا بعد إنهاك روسيا في الحرب الأوكرانية، مرجحين أن اللقاء السوري الصيني لن يحدث تغيرات في المعادلة السياسة الدولية بشأن الوضع في سوريا.
تيار المستقبل الكردي: زيارة الأسد لبكين يسيطر عليها طابع الدعاية
وقال على تمي التحدث باسم تيار المستقبل الكردي، إن زيارة الأسد لبكين يسيطر عليها طابع الدعاية أكثر من كونها لقاء عمل لعقد اتفاقات مدللًا على ذلك بطريقة استقبال الصين للرئيس بشار الأسد في المطار .
وأضاف المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي، أن بكين تحاول لعب دور ريادي في الشرق الأوسط ولكن بخطوات متوازنة ومدروسة كما حدث في وسطتها بين الرياض وطهران ونجحت في عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
واستبعد تمي أن يكون هدف الزيارة تقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق، مؤكدًا أن تركيا لن تدخل في أي اتفاق جديد مع النظام معللًا ذلك أن 40% من الجغرافيا السورية خارج سيطرة الرئيس الأسد بجانب العقوبات الدولية.
وحول الإعلان عن زيارة مرتقبة للرئيس الروسي للصين عقب لقاء الصيني السوري، يرى تمي أن موسكو تحاول توسيع رقعة علاقاتها الدولية، بسبب انزلاقها إلى المستنقع الأوكراني، قائلًا: إن الغرب نصبوا لروسيا فخًا من خلال التحضير لمعركة طويلة الأمد لإضعافها، ولذلك من المحتمل أن تعمل موسكو على التواصل والتنسيق مع الحلفاء وخاصة بعد زيارة زعيم الكوريين الشمالي إلى موسكو.
وقال إن الرد الأمريكي على زيارة الأسد للصين تمثل في دعم واشنطن للحراك الشعبي في مدينة السويداء السورية، بجانب تأكيد السفارة الأمريكية في سوريا على دعمها للحراك السوري في السودان.
وأشار إلى أن الشركات الصينية لن تتجرأ لتتجاوز العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا لذلك يكون حصيلة الزيارة دعائي فقط، ولن تقدم جديد للاقتصاد السوري الذي تشهد عملته تحديات كبيرة وتقف على مشارف الانهيار.
الديموقراطي التقدمي: تسوية الأزمة السورية تحتاج إلى تفاهم بين روسيا وأمريكا
ومن جانبه، قال أحمد سليمان، عضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي التقدمي الكردي في سوريا، إن زيارة الرئيس بشار الأسد للصين مهمة للنظام السوري من أجل الانفتاح الدولي والتخلص من العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على دمشق بعد الثورة السورية عام 2011.
وأضاف سليمان في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن زيارة الأسد مسعى مهم للنظام في الاستفادة من الصين في الجانب الاقتصادي وخاصة في ظل تراجع روسيا وإيران في تقديم الدعم للنظام نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلدين.
ويرى عضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي التقدمي الكردي، أن الزيارة لن تحقق هدف تقريب وجهات النظر بين تركيا وسوريا لتسوية الأزمة، مدللًا على ذلك أن روسيا لم تنجح في هذه المهمة على الرغم من أهمية العلاقة بين أنقرة وموسكو من جهة وبين روسيا وسوريا من جهة أخرى.
وأشار أحمد سليمان، أن تسوية الأزمة السورية تحتاج إلى تفاهم دولي خاصة بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميريكية، مؤكدًا أن ذلك غير ممكن خلال الفترة الحالية.
وحول دلالات الإعلان عن لقاء مرتقبة للرئيس الروسي ونظيره الصيني بعد زيارة الأسد، يرى سليمان أن العلاقات الروسية الصينة غير مرتبطة بالتعاون بين بكين ودمشق، مشيرًا أن استراتيجية العلاقة بين موسكو وبكين تاخذ أبعادًا إقليمية ودولية تتجاوز كثيرًا سوريا.
ونوه عضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي التقدمي الكردي، أن موقف البلدين من دمشق منذ بداية الأزمة كان على توافق والفيتو الروسي والصيني كانا مشتركين في المرات الثلاثة بخصوص الاعتراض على قرارات مجلس الأمن .
وأشار أحمد سليمان إلى أن رد الولايات المتحدة الأمريكية على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين يفتقر إلى الجدية ولا يتجاوز الجانب الدبلوماسي في الاعتراض مرجحًا أنه إعلامي فقط.
وذكر أن التقارب بين دمشق وموسكو وبكين وطهران لن يحدث أي فارق كبير نحو حل الأزمة السورية، ولكن يساعد دمشق على تعزيز موقعها ودورها في إطار إدارة الأزمة مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
يكيتي الكردستاني: زيارة الأسد للصين لن تغير السياسية الدولية تجاه الوضع السوري
ويرى فؤاد عليكو، عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردستاني- سوريا، أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين لن تشكل فارقًا أو اختراقًا في تعامل المجتمع الدولي مع النظام السوري، أو تساهم في تخفيف العقوبات عليه، مرجعًا ذلك أن بكين داعمة للنظام منذ بداية الثورة السورية واستخدمت الفيتو ثماني مرات لصالح لدمشق.
وأضاف عليكو في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن الصين منحازة لصالح النظام منذ البداية، لذلك تأتي الزيارة كتحصيل حاصل بين الحلفاء ولن تغير من المعادلات السياسية الدولية بشأن الوضع السوري.
وأشار عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردستاني- سوريا، إلى أن الزيارة ستمنح الصين المزيد من فرص الاستثمار في مجالات أخرى لا تتعلق بقوانين العقوبات المفروضة على النظام السوري على شكل ديون طويلة الأمد لتثبيت قدمها في هذه الدول تدريجيًا.
وأكد فؤاد عليكو أن الصين لا تستطيع لعب أي دور مؤثر للتقارب بين أنقرة ودمشق، معللًا السبب أن الروس أكثر تأثيرًا من بكين على الطرفين ومع ذلك لم يتمكنوا من إنجاز المهمة.
وذكر أن هناك العديد من القضايا العالقة بين أنقرة ودمشق والتي تتمثل في انسحاب القوات التركية من سوريا وملف اللاجئين المعقد في تركيا، مرجحًا عدم حدوث أي تقارب حقيقي بين الطرفين في المرحلة الحالية، قبل ظهور بوادر للأفق السياسي للحل الشامل.
وقال إن العلاقات بين الصين وروسيا لم تكن سلبية في أي يوم، لكنهم الآن يعملون على تطويرها بشكل أكثر إيجابية، خاصة في المجالات التجارية والاستثمار وحتى التعاون الأمني بين الطرفين، في ظل الحذر الصيني من التعاون في المجال العسكري، خاصة وأن روسيا متورطة في حرب مع أمريكا أوروبا في أوكرانيا.
وتابع أن الصين لا ترغب أن تظهر في موقف الداعم للروس في الحرب الأوكرانية، نظرًا للعلاقات التجارية الضخمة بينها وبين أمريكا أوروبا، وليس لديها الاستعداد التفريط فيها لذلك ستكون زيارة بوتين المرتقبة للصين معدة بعناية من قبل بكين خوفًا من التصادم مع العقوبات الأوروبية الأمريكية على روسيا.
وأشار عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردستاني- سوريا، أن الصين تحاول أن تبعد نفسها عن الصراع الروسي الأوكراني وتعمل على تقديم نفسها كطرف محايد وجزء من الحل المستقبلي، وليس جزءًا من المشكلة.
وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية غير مهتمة بزيارة الرئيس السوري إلى بكين، مرجعًا ذلك أن واشنطن تدرك أن مفتاح حل الأزمة السورية ليس في أيدي النظام أو الصين، مؤكدًا أن هذه الزيارة لا تحقق شيئًا سواء الصعيد السياسي أو الاقتصادي.
وأوضح أن المعادلة ثابتة من قبل موسكو وبكين في دعم النظام السوري ولم يغير أحد موقفه حول ذلك، مضيفًا أن تفاهم الطرفين لا يشكل فارقًا نوعيًا أو تغييرًا إيجابيًا في الأزمة السورية.
وأرجع فؤاد عليكو السبب أن القوى الفاعلة في الملف السوري هم أمريكا وروسيا وتركيا وإيران بالدرجة الأولى، ويأتي دور الدول العربية في المرتبة الثانية، مؤكدًا على ضرورة التوافق بين هذه الدول حول آلية تنفيذ القرار الدولي ٢٢٥٤ لتسوية الأزمة السورية، ومستبعدًا حدوث ذلك في ظل تصاعد وتيرة الصراع في أوكرانيا بين أمريكا وروسيا.
أقرأ أيضًا| السفير حاتم رسلان في حوار خاص لـ«بلدنا اليوم» بنجول مستعدة لاستضافة قمة التعاون الإسلامي في ديسمبر المقبل