عبر عدد من المثقفين والإعلاميين العرب عن احتجاجهم على حال الثقافة المعاصرة وما وصلت اليه من ترد وتراجع، محملين أروقة السياسة وزر هذا التردي، معتبرين أنها أكلت الأخضر واليابس في كتاب الثقافة وصار الجميع مهتمين فقط بصراع الديوك في المشهد السياسي العربي، مؤكدين الحاجة إلى خارطة طريق عربية تحدد الأولويات، جاء ذلك في تحقيق أجرته "بلدنا اليوم".
وجاء التحقيق حول الحوار حول التحديات التي تواجه المثقفين العرب وانعكاساتها على المواطن في ظل هيمنة السياسة على المشهد حاليًا، وما هو المطلوب لتجاوز هذه الحالة؟.
حيث تحدثت الدكتورة عفاف يماني الأستاذة بجامعة الملك سعود بالقول: للأسف الشديد نعاني حاليًا من غياب دور المثقفين في احتواء المواطن العربي وإشباعه بالثقافة ومكنونها الريادي في دعم أواصر الترابط العربي، كما أنه مما يؤسف له أن معظم الفعاليات والمؤتمرات التي تعقد بشأن الثقافة والمثقفين لم تقدم شيئًا ملموسًا شعر به المواطن العربي في ظل الانشغال بالسياسة.
وتتداخل الإعلامية وفاء أبو هادي بالقول: التحديات كثيرة والمثقفون والمبدعون لا يملكون عصا سحرية لتفعيلها؛ بل إن الأدوات حبيسة الأدراج أو ماتت واندفنت بفعل الأحداث التي نراها يومًا بعد يوم، ونحن نتطلع إلى ضرورة التواصل عبر وزارات الثقافة في كل البلدان العربية عن طريق نخبة من المثقفين والمفكرين لتقديم أعمال مشتركة يشارك فيها الشباب من مختلف البلدان العربية.
وتصف الدكتورة فاطمة الأنصاري الناشطة الاجتماعية بعض جوانب الأزمة بقولها: الأفكار والقيم والعادات أصبحت تغزو العالم العربي والثقافة العربية تتعرض لخطر كبير يهدد هويتها وللأسف المنظمات والمؤسسات الثقافية في العالم العربي دورها غائب، ولعل من أخطر الأنماط التي تهدد الثقافة وهويتها يتمثل في
الاستهلاك والتقليد الأعمى مما يهدد الهوية القومية.
ويقول الاعلامي والمذيع السعودي عمر المنصور: الثقافة العربية أصابها الشتت والفرقة، ولا تستطيع احتواء الأزمة ما بين يوم وليلة، ولا بد من وضع آليات مشتركة باعتبارها حياة الشعوب وبدونها يقع العالم في براكين الجهل والتخلف لصورة الأزمة المرسومة.
وتنطلق الدكتورة هنادي القحطاني أستاذة علم الاجتماع إلى رسم أفاق الحل بقولها: نسعى إلى عبور الخلافات وردم الهوة والانقسام في بعض القضايا، لنكون بحق شعبًا واحدًا ووطنا واحدًا، من خلال الثقافة باعتبارها الراسخ الكبير الذي يربط شعوب العالم، عبر أفكار ومشروعات طموحة يشارك فيها الجميع، ويغلب عليها الطابع العملي والتميز والإبداع في الفكرة التي تجمع الناس حولها ويتحفزون لتطبيقها، كما نتطلع الى ديناميكية العمل الذي يروق للجميع المشاركة فيه عبر الأنشطة والمسابقات مع الاهتمام الإعلامي الذي يبرر هذه الأنشطة.
ويأتي صوت الدكتورة حوراء الشريف أستاذة علم النفس والاجتماع: نريد رصد المشكلات الثقافية والتراثية في العالم العربي وتجميع الدراسات والأبحاث، والاستعانة بالمؤسسات الفكرية والمراكز المتخصصة ووزارات الثقافة العربية، واستطلاع رأي المفكرين والمثقفين العرب في أهم المشكلات، بما يتيح خريطة واضحة لجميع القضايا يمكن البناء عليها في وضع خطط ومشروعات للمعالجة وتضيف المستشارة إلهام غسال المطلوب نريد وضع سلم للأولويات، بحيث يتم تناول كل مشكلة على حدة وبعناية دقيقة، ثم الانتقال إلى إشكالية أخرى بعد أن يكون هناك مردود عملي واضح في التعاطي مع المشكلة السابقة والربط بين ثقافة المواطن العربي وتراثه
«إشكالية التبعية».
ويتجه الدكتور حمدان الغامدي إلى مطالبة المؤسسات والمنظمات الثقافية في العالم العربي بحماية الأجيال الشابة، وبناء روح التعاون والتعاضد، وبعث الثقافة الروحية وتوفير مستلزمات التطور الثقافي لتشكيل قاعدة صلبة في مواجهة الاختراقات الغربية.