تعد البكتريا كائنات حية مجهرية وحيدة الخلية، ومن أقدم أشكال الحياة المعروفة على وجه الأرض، كما أن هناك الآلاف من أنواع البكتريا المختلفة ولها العديد من التصنيفات، وهي تعيش في كل بيئة ووسط حول العالم.
تمكن العلماء من اكتشاف بعض أنواع البكتريا، ولكن كشفت دراسة نشرت في مجلة Science، أنه تم العثور حديثًا على بكتيريا كبيرة يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وشبيهة شكلًا وحجمًا برمش العين، في إحدى جزر الأنتيل الصغرى، الغوادلوب.
وأضافت أن هذه بكتيريا لم يسبق أن تم رؤية مثلها من قبل، وأرجع ذلك إلى أنه يصعب رؤية جميع أنواع البكتيريا المعروفة حتى الآن، من دون استخدام مجهر مركب قوي.
وأشارت إلى حجمها الاستثنائي والمختلف، تم إطلاق عليها اسم Tiomargarita magnifica، حيث يبلغ متوسط طول الخلية أكثر من 9000 ميكرومتر، أي قرابة 1 سنتيمتر(0.4 بوصة)، فيما يبلغ طول خلايا غالبية أنواع البكتيريا الأخرى نحو 2 ميكرومتر، رغم أنّ بعض الخلايا تتمتع بحجم أكبر قد يصل طولها إلى 750 ميكرومتر.
وأشار جان-ماري فولان، المؤلف المشارك في الدراسة، وعالم الأحياء البحرية والعالم في مختبر كاليفورنيا لأبحاث الأنظمة المعقدة، وعضو في معهد الجينوم المشترك التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، أنّ طول T. magnifica قد يصل إلى سنتيمترين.
وأفادت الدراسة إلى أنه في وسع طول T. magnifica أن يحوي أكثر من 625 ألف من البكتيريا الإشريكية القولونية.
ولكن رغم حجمها، إلا أنّ سطحها "نقي بشكل ملحوظ"، وخالٍ من البكتيريا التي تعيش على سطح النباتات والحيوانات الحية.
طريقة الحفاظ على حجمها
كان هناك سابقاً اعتقاد بأن البكتيريا لا يمكنها النمو كي تبلغ حجمًا يمكن رؤيته بالعين المجردة، بسبب كيفية تفاعلها مع بيئتها وإنتاجها للطاقة.
لكن T. magnifica تتمتّع بشبكة ممتدة من الأغشية التي يمكنها إنتاج الطاقة، فلا تعتمد فقط على سطح البكتيريا لامتصاص العناصر الغذائية من خلال خليتها.
وكان فولان قادرًا على تصور ومراقبة الخلايا العملاقة في صورة ثلاثية الأبعاد من خلال الاستعانة بالتصوير المقطعي بالأشعة السينية، والفحص المجهري بالليزر متحد البؤر، والمجهر الإلكتروني النافذ، حسب ما جاء في بيان صحفي.
وخلافًا لمعظم البكتيريا التي تحتوي على مادة وراثية تعوم بِحرّية داخل خليّتها الوحيدة، فإن خلية T. magnifica تضم الحمض النووي الخاص بها الموزّع على أكياس صغيرة لكل منها غشاء، يطلق عليه اسم بيبان Pepins.
وأوضح فولان أنّ "هذا الاكتشاف مثير جدًا للاهتمام لأنه يشرّع الباب على كثير من الأسئلة الجديدة، فهذا أمر غير تقليدي انطلاقًا من متابعتنا للبكتيريا.
حيث تتمتع بإحدى سمات الخلايا الأكثر تعقيدًا، تلك التي تشكل أجسامنا والحيوانات والنباتات".
وأضاف: "على سبيل المثال، نريد أن نفهم ما هي تلك البينات وما وظيفتها تحديدًا، وما إذا كانت تلعب دورًا بتطور نمو البكتيريا الضخم".
اكتشفت T. magnifica للمرة الأولى تنمو كخيوط بيضاء رفيعة، على أسطح أوراق المنغروف المتحلّلة في مستنقعات المنغروف البحرية الاستوائية الضحلة في غوادلوب.
وقال فولان إنّ هذه البكتيريا العملاقة تنمو على الرواسب في قاع المياه الكبريتية، حيث تستفيد من الطاقة الكيميائية للكبريت، وتستخدم الأكسجين من المياه المحيطة لإنتاج السكريات، كما في وسع T. magnifica أيضًا تصنيع الطعام من ثاني أكسيد الكربون.
لافتاً إلى أنه نظرًا لحجمها الذي يفوق بكثير البكتيريا المتوسطة، فقد تتمتّع خلية T. magnifica بقدرة أفضل للوصول إلى كل من الأكسجين والكبريت في آن، ضمن بيئتها.
ويرجّح أيضًا أن يكون حجم خلايا T. magnifica مقارنة مع الميكروبات الأخرى في التجمعات البكتيرية، يشي بألا داعي للقلق بشأن أكلها من قبل الحيوانات المفترسة.