قام الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية بالرد على سؤال يستفسر عن حكم "كيفية الصيام في بلاد الخارج حال زيادة فترة النهار حتى عشرين ساعة؟".
وقال فضيلة المفتي: إنَّ البلاد التي اختلَّ فيها الاعتدالُ حتى أصبح متعذرًا على المسلم الصيام فيها: فإنها ترجع إلى التقدير وتترك العلامات التي جعلها الله سببًا للأحكام الشرعية في الصلاة والصيام؛ مِن فَجرٍ وشروقٍ وزوالٍ وغروبٍ وذهابِ شفقٍ ونحوها، ذلك أنه قد جرت سنة الله في التكاليف أن ترد على غالب الأحوال، دون أن تتعرَّض لبيان حكم ما يخرج على هذا الغالب، ومِن هنا نصَّ الأصوليون والفقهاء على أن مقصود الشارع مِن عمومات النصوص أصالةً هي الأحوال المعتادة المألوفة الغالبة بين الناس في معاشهم.
وأضاف أيضًا : وقياس هذا الاختلال مأخوذ من الواقع: وهو ثماني عشرة ساعة فما يزيد، وهو نصف اليوم ونصف نصفه؛ حيث يصعب على الإنسان صيام ثماني عشرة ساعة متواصلة ويزيد، وذلك بقول المختصين الذين يقرِّرون أنَّ الامتناع عن الطعام والشراب طوال هذه المدة يضرُّ بالجسد البشري قطعًا؛ وذلك على المعهود من أحوال البشر وتَحَمُّلِ أبدانهم، وما كان كذلك فلا يصح أن يكون مقصودًا بالتكليف شرعًا.
وأردف فضيلته: والمُقتَرَحُ لأهل تلك البلاد أن يسير تقدير الصوم والصلاة عندهم على مواقيت مكة المكرمة؛ حيث إن الله قد عدَّها أمَّ القرى، والأم هي الأصل، وهي مقصودةٌ دائمًا؛ ليس في القبلة فقط، بل في تقدير المواقيت إذا اختلَّت.
ولفت فضيلة مفتي الجمهورية النظر إلى أن إجازة التقدير بمواقيت مكة المكرمة في صوم أهل البلاد التي يطول نهارها ويقصر ليلها وصلاتهم هو قول ذهب إليه جماعةٌ مِن كبار أهل العلم في العصر الحديث منذ فترة طويلة إلى يومنا هذا.
و منهم "مفتي الديار المصرية" فضيلة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله، وقد قدَّم هذا الرأي في الذِّكر على غيره وجَعَلَه مِن أقوال الفقهاء في المسألة كما سَبَقَ نقلُه عنه، وهذا هو الذي اعتمدته دار الإفتاء المصرية فيما بعدُ؛ بدءًا مِن فضيلة الشيخ الإمام جاد الحق علي جاد الحق، إلى يومنا هذا، وهو الذي نراه أوفق لمقاصد الشرع الكلية، وأرفق بمصالح الخلق المرعية.
واختتم فضيلته حواره قائلًا: وأما الأحوال التي لا يَزيد فيها حدُّ النهار عن ثماني عشرة ساعة ولا ينقص عن ست ساعات: فإن أهلها مكلَّفون بأداء الصلوات في أوقاتها حسب توقيتهم المحلِّي، وبالصوم بدءًا مِن فَجرهم إلى غروب شمسهم، فإن شَقَّ ذلك على أحدٍ أو كان سببًا في اضطراب حياته أو اختلال عمله جاز له الإفطار وتأخير القضاء إلى الوقت السنوي الذي لا يكون الصوم فيه مُؤَدِّيًا إلى اختلال نظام المعاش.