- ارتفاع نسب الطلاق إلى 46%.. و250 حالة في اليوم الواحد بمصر
- كوب شاي ينقذ «هند» من السجن والعذاب في «عش الزوجية»
- مديرة برنامج مناهضة العنف ضد النساء: يتعاملون مع المُطلقة كأنها «قميص نوم» لإغراء الرجال
- الدكتور مظهر شاهين: الأمر ليس لعنة تحلّ على النساء.. وعلى «الحموات» ألا يكيلا بمكيالين
المُطلقة آفة المجتمع المصري الذي يسعى بشتى الطرق التخلص منها؛ لأنها في نظر الأهل «الفاشلة» وفي نظر الرجال «اللحم الرخيص» وفي نظر الصديقات «خطافة الرجال» وفي نظر الأمهات التي تخشى على أبنائهم الذكور الإقتراب منها «المرأة اللعوب» التي تمكنت من أن تقع بإبنها فريسة في شباكها.
مع التطور العلمي والتكنولوجي الذي تشهده مصر إلا أن ما زالت العقول لدى نسبة كبيرة جدًا بها جزء مُظلم تجاه المُطلقة، واختص مصر لأنها صاحبة المركز الأول عالميًا في نسب الطلاق التي بلغت ما يقرب من 49%، نسبة بهذا الحجم لم تلفت نظر المجتمع للبحث عن علاجها ولكن جعلوا كل تفكيرهم في كيفية تحميل المرأة كل أخطاء هذا القرار المحلل شرعًا، والذي جعل الله منه حل لمشاكل بين زوجين يصعب حلها ليجعل منها المجتمع مشكلة تحتاج بترها.
لك أن تتخيل أنك في مجتمع يتبع التشريعات الدينية كما يحلو له حسب أهوائه يرى أن من حق الرجل تعدد الزوجات، ويقول «الشرع حلل لي مثنى وثلاث ورباع»، لكنه يرى أنه جُرمًا أن تكون المرأة مُطلقة ويجب أن تعاقب بأن تُحرم من كل متع الحياة من العمل ومن الاحتواء من الأهل والأصدقاء ومن الحب، ومن أن تفكر في أن تكون بيت من جديد مع شخص رأت فيه العوض والسند، ونسا أن رسولنا الكريم قدوتنا أول زوجاته كانت السيدة خديجة التي كانت تبلغ من العمر 40 عامًا وسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) 25 عامًا وسبق لها الزواج مرتين قبله، وكانت أحب وأقرب الزوجات لقلبه ولا يفكر بالزواج من غيرها إلا بعد وفاتها وعاش بقية عمره وهي في قلبه حتى أن كانت السيدة عائشة زوجته تغير منها وهي متوفية، فلماذا أيها المجتمع السوي لست سوي في تطبيق شريعة الله؟ وتحرم ما حلله؟.
لماذا ترى أن السيدة التي رفضت أن تكمل حياتها مع شخص غير سوي يسعى بكل الطرق أن يدمر حياتها، وتمكنت أن تقوى وتتحدى العالم وتختار البعد عنه لتلحق بالباقي من عمرها، أنها فاشلة وسهل المنال منها؟.
نحن الآن أمام موضوع يحتاج الحديث فيه من كل الجوانب وبحث عن حلول حقيقية ليعلم الجميع أن المرأة المُطلقة هي من تعول أسرة وتربي أبنائها وتخرج للعمل الشريف لتحصل على لقمة العيش الحلال لأبنائها، ويجب النظر لها بكل فخر واعتزاز، وليس بنظرة «فتاة الليل»، وحتى نكون صادقين مع قرائنا ولا نتهم بأننا نتجنى على المجتمع كان يجب أن نسعى أن نصل لحالات قررت أن تأخذ قرار حاسم لإنهاء علاقة جنت منها الكرهه والأسى وليس الحب والمودة.
كوب شاي ينقذ هند من الجحيم
ففي البداية تقول «هند» أنها ولدت في عائلة مُفككة أب طلق الأم وذهب ولم يعد، وأم قررت أن تعيش حياتها وتعوض ما ضاع من زهرة شبابها مع رجل يكبرها في السن بفارق كبير، وتركت بناتها للشوارع والأسر الكفيلة.
أوضحت «هند» أنها شاء القدر أنها انضمت لعائلة استطاعت أن تحتويها وربتها سيدة المنزل، لتساعدها في متطلبات أبنائها وبعد أن أصبحت في سن البلوغ قررت أن تزوجها لإبنها وتزوجته وأنجبت منه طفلين.
وأضافت أنها لم تكن تعلم أن هذا الزواج سوف يكون عودتها للشقاء والتعب الذي عاشته مع أسرتها المنفصلة، فكان زوجها من أصحاب «الكيف» الذي يخرج للعمل لكسب الأموال لشراء المخدرات ويترك لها القليل الذي لا يطعم طفل صغير، كان دائم الاعتداء عليها بالضرب والسب مستغلًا إنها ليس لها مأوى، وحتى تتمكن من تلبية متطلبات منزلها عملت من المنزل في بيع المنتجات المنزلية للجيران، حتى تستطيع أن توفر الطعام والشراب، ولكنه لم يكتفي بأفعاله المشينة بل زاد من حملها وقرر ألا يعمل وما تجنيه من مكسب يأخذه لصرفه على تعاطي المواد المخدرة.
عاشت «هند» في مرار لمدة 4 سنوات، حتى فاض بها الكيل وقررت أن تطلب الطلاق ولكنه رفض بشدة أن يترك الدجاجة التي تعطية البيضة الذهب لشراء ما يرضي مزاجه، وقام بحبسها وهي حامل في شهورها الأخيرة في طفلتها الثانية التي قررت أن تتحمل حتى تلدها وتفكر في الخلاص من هذه الحياة لتنجو بأبنها من هذا الأب الفاسد.
لحظة صمت طويلة وكأنها استرجعت ذكرياتها المؤلمة، ثم قالت: «قررت أن أخلص منه ومن حياته، واستغليت وجود بعض أصدقائه بالمنزل وطلب مني عمل شاي، فكرت أن أقول له إنه لا يوجد في المنزل شاي ولأنني أعلم جيدًا أنه لا يترك صحاب الكيف ويخرج للشراء، فسوف يرسلني وتكون هذه فرصة للهروب بأبنائي وبالفعل تم ما توقعته وأرسلني للشراء من محل البقالة المجاور للمنزل، فحملت طفلتي وأخذت شقيقها في يدي وعند نزولنا قابلت حماتي على السلم وعندما اخبرتها عن سبب نزولي قررت أخذ طفلتي وتركت لي شقيقها الأكبر، وخوفًا من أن ينكشف أمري تركت ابنتي لجدتها، وبين حيرة كبيرة ونار اشتعلت في قلبي وتفكير في الفرصة التي أتت لي بعد عذاب وبين فلذة كبدي الرضيعة التي تركتها، كنت مسجونة بين أسوار حديد مقفلة بأقفال ضخمة وجاءت الفرصة لفتحة شباك للهروب هل أترك هذه الفرصة تضيع مني».
وبدأت تتساقط دموعها واحدة تلو الأخرى ثم استطردت في حديثها لـ«بلدنا اليوم» قائلة: «أنا قولت أهرب بأبني أولًا وأفكر كيف أستعيد طفلتي، وبالفعل مر الوقت ونجحت في استعادة طفلتي بعد أن حاول مطاردتي كثيرًا وشاء القدر أن يتم القبض عليه في قضية مخدرات وتم حبسه وجمعت أبنائي حولي، واتخذت من العمل في البيوت سبيل للحياة وتوفير متطلبات أبنائي بالحلال، وحتى أتمكن من العيش وسط الناس والجيران من غير قلق بقول إن زوجي مسافر حتى ينتهي عقد شقتي وأبحث عن غيرها حتى لا أرى ما يفعلونه مع المُطلقة».
شهادة فقر
والتقطت أطراف الحديث «س» قائلة: «اتجوزت وأنا عندي 22 سنة، وأطلقت وأنا عندي 27 سنة كان إنسان معندوش شخصية والده ووالدته متوفيين وله شقيقين و6 بنات وهو كان أصغرهم وأنا كنت أصغر منهم كلهم، بيسمع كلامهم في كل حاجة بطاقة العيش وبطاقة التموين عندهم، ذهبي عندهم هدومي ياخدوها ومفتاح الشقة عادي ولما اعترض يقولوا ليا انتي مالكيش حاجة هنا».
وأضافت: «مفيش فلوس في الشقة بخيل جدًا كان يهزئني ويضربني وبرغم كل ده معندوش دم ولا كرامة وعايزني ما احسش زيه، ويقولوله اضربها يضربني اشتمها يشتمني ويقولي هما اللي ربوني، ولما اقوله عايزين نعمل لابننا حياة كويسة ولازم تتغير عيب اللي بتعمله دا يقولي مش عيب انا لو طلقتك هخلف عشرة الصبح».
وأكملت حديثها قائلة: «أخر حاجة عملها اتنازل عن الشقى لأخيه وما رضيتش اطلع من شقتي وكان عامل شقة في قلب الزراعة مافيهاش مياه ولا كهرباء ولا أي حاجة كانت طوب وطين بس وقالي هننقل فيها، أنا قولتله لا مش هسيب شقتي وأقعد في التراب، وكان عقابي على هذا الرفض مسكني ضربني وكسرلي الفك العلوي بدروسي كلها وعملت فيه عملية اتكلفت 30000 جنيه، وغير عيني وجسمي وعملت تقرير طبي رمد وجراحة عامة وأسنان ورغم كدا القانون موقفش في صفي ونصره عليا وما اخدش يوم في السجن، وقعدت 4 شهور عند بابا وبعدين طلقني غيابي ورفعت عليه قضية نفقة، قام بالتنازل عن الأرض والشقة اللي عنده لأخيه وقدم شهادة فقر في المحكمة عشان ميدفعش نفقة لابنه.
وأضافت: «لم يكتفي بذلك بل قدم بلاغ ضدي أن سرقت قائمة منقولاتي وجاب شهود دفع لهم فلوس علشان تشهد زور عليا، واتبهدلت 3 سنوات في المحكمة لحد ما زهقت وطلبت من والدي أن يترك القضية، وقررت أكمل تعليمي وبشتغل من البيت علشان اقدر اصرف على أبني ولأن والدي خايف عليا من الخروج ونظرة المجتمع ليا كمطلقة».
وأنهت «س» حديثها قائلة: «بيبصوا للمطلقة على إنها فيها عيب وخاصة الشباب اللي يعرض زواج عرفي، واللي يعرض علاقة غير شرعية، فاكرينها سايبة، بس والله الحمد احنا متربين ولو المجتمع كله قل من كرامتنا احنا هنثبت لهم أن احنا أعلى منكم ومن المجتمع».
دلوعة أهلها
وأخرى عانت مع طليقها 11 عام بعد أن كانت «دلوعة أهلها» ونجح أن يستعطف مشاعرها وتزوجته رغم عدم رغبة أهلها واستطاعت أن تجعل منه إنسان مختلف بعد أن كان يعمل لدى الأخرين أصبح صاحب عمل، كانت تأخذ من أهلها لترقي من شأنه تركت مستواها الإجتماعي والتعليمي وراء ظهرها وشاركته عمله حتى تكون بجواره وسند وعون له، ورغم ذلك دائمًا كان يقلل من شأنها ويهز ثقتها بنفسها ويسعى للوقيعة بينها وبين أهلها حتى لا يكون لها غيره ويتحكم فيها كما يشاء وبالفعل نجح في ذلك، رغم معاملته السيئة وضربه المُبرح الذي تسبب لها في كسور عدة مرات، ولأنها كانت تخشى أن تغير الصورة التي رسمتها له عند أهلها كانت ترفض الشكوى وحتى أيضًا لا تسمع لوم أو عتاب على سوء اختيارها، وعندما قررت أن تنقذ طفلها الذي أصيب بحالة نفسية بسبب ما يراه من ضرب واهانة لأمه، وقررت أن تطلب الطلاق، رفض وابتزها على أموال وهددها بإستغلال صورها الشخصية بينهما في التشهير بها، ومع إصرارها على إنقاذ نفسها وإبنها بالفعل سعى بكل الطرق لتدميرها نفسيًا في حياتها ومعارفها وأهلها حتى مصدر عيشها وعيش ابنها وصل له وتمكن أن يقطع رزقها، ولكنها لم تستسلم وجاهدت وكافحت وسعت للنجاح في عملها حتى أصبح لها شأن ورغم ذلك كانت تحرص على اخفاء طلاقها بلبس «دبلة الزواج»، وعندما التقت بالشخص الذي شعرت أنه العوض من الله رغم أنها لم تخفي عنه شئ رفضتها أمه وشوهت من صورتها ورأت إنها يجب أن تختار ما يناسب ظروفها وكإنها المرأة اللعوب التي سيطرت على ابنها وأسقطته في شباكها.
وأخيرًا «أ.ح» سيدة على قدر من الجمال ذات خلق تعمل في مهنة لها وضعها، قالت أنها اكتشفت خيانة زوجها وإنه تزوج عليها بدون علمها، وعندما علمت وارتضت بالأمر لحبها له، زوجته الثانية صممت على أن يطلقها، وبالفعل قام بتطليقها غيابيًا منذ 10 سنوات، أصيبت بصدمة عمرها وبعد فترة حاولت أن تستعيد قوتها وتعاود الوقوف على قدميها من جديد، وأعطت عملها كل وقتها حتى تمكنت من تحقيق نجاحات كبيرة وبعد فترة ارتبطت بزميله الذي وصفته أنه على قدر كافي من الثقافة والعلم.
واستطردت قائلة: «عندما قررنا الزواج رفضتي أمه لكوني مطلقة وهو متجوزش قبل كدا، رغم أنني عمليًا أعلى منه وسياسيًا وحتى في عملي ذات منصب ورغم كل ذلك لم يشفع لي عندها، ورغم ذلك مازالت مستمرة أن أثبت أن المُطلقة ليست عارٍ على هذا المجتمع، رغم أنني أشعر أحيانًا بنفاذ طاقتي على التحمل وخاصة أنني لم يرزقني الله بأطفال».
مع كل هذه المشاكل التي طرحت يجب أن نجد رد إجتماعي على ما تراه المرأة المُطلقة من المجتمع، وجاء رد الأستاذة نورا محمد، مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية قائلة: «نظرة المجتمع للمرأة المُطلقة أنها وصمة عار حتى من أهلها الذين يطلبون منها التحمل والصبر على ما تراه من زوج لا يصلح، وأن السيدة التي تقرر أن تعيش الباقي من عمرها في إحترام لذاتها وأن أبنائها لا يروها مهانه أمامهم، بالإضافة للزوج العاطل الذي يعتمد على عمل زوجته كل هذا ورغم ذلك يرى الأهل أنه لا مانع أن تتحمل على سبيل أنه رجل تعيش في ظله».
وأضافت «نورا» إنها عندما تأخذ القرار بالإنفصال يراها المجتمع بنظرة سيئة، حتى أغلب الحالات التي تعرض عليها ترفض افصاح خبر طلاقها لما تراه وتسمعه من المحيطين بها فمنهم من يصفها بأنها سيدة سهلة المنال، ومنهم من يصفها أنها انفصلت لمعاشرة رجل آخر، ومنهم من يعتبرها سلعة رخيصة ليس لها الحق في أي متطلبات.
الصورة الحقيقية
وبسؤال مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة، عن سبب وضع المُطلقة في هذا الإطار وهذه النظرة؟ وكان الرد أن للأسف النشء والمجتمع والثقافة الغير صحيحة بأن البنت يجب أن يقوم على حمايتها رجل وبدون رجل ليس لها حاكم، على الرغم أن سيدات كثيرة نجحت في أن تقود عائلة بمفردها وجعلت من أبنائها شخصيات لها شأنها ومكانة كبيرة في المجتمع، وليس كل سيدة سيئة السمعة هي تربية امرأة بالعكس يوجد نماذج سيئة تربت على يد رجل غير مسئول تخلى عن شرفه ليتمتع بملذاته.
وتابعت: «للأسف تحريم الحياة على المُطلقة بأن ترتبط سواء بشاب فهي ساقطة ونجحت أن تسقطه في شباكها أو سبق له الزواج فهي قامت بخطفه من أولاده وكأن المُطلقة عبارة عن قميص نوم لإغراء الرجال، وهذا عاري تمامًا من الصحة، والسبب هو إعطاء الرجل مكانة أكبر مما يستحقها التي جعلته يشعر بالسلطة والتحكم في المرأة».
وبالبحث عن حل لتغيير هذه النظرة المهينة للمرأة المُطلقة، أشارت نورا محمد، إلى أن للإعلام دور كبير جدًا في التوعية وإبراز المُطلقة بصورة حقيقية وجيدة وليست السيدة سيئة السمعة، كما أن الخطاب الديني عليه عامل كبير أيضًا وذلك من خلال تطوير الخطاب الديني والاقتداء برسولنا الكريم الذي تزوج المُطلقة وهو لم يسبق له الزواج وكان يراعي فيها شريعة الله عزو وجل.
والتقطت أطراف الحديث الدكتورة مارجريت عازر، أمين عام المجلس القومي للمرأة سابقًا، وقالت أنه رغم أن الدين يبيح الطلاق ولا يحرمه، إلا أن المجتمع ينظر لها نظرة سيئة جدا أنها امرأة فشلت في حياتها وأن كل الأخطاء تكون هي السبب فيها وهذا يرجع لثقافة الشعب الذي يؤمن بالأمثال الشعبية على مثال «الأم بتعشش والأب بيطفش» وكأن المفروض على الدوام المرأة هي الاحتواء للجميع دون مراعاة لأي متطلبات لها، وبالتالي الفشل يحسب على المرأة في حال الطلاق، كل هذه العوامل تجعل المُطلقة في حالة ضعف شديد.
وأوضحت «عازر» أن خوف المتزوجات من المُطلقة ليس عيب منها ولكن تعدد الزوجات لدى الرجال ترك للزوجة أثر سلبي يجعلها دائما في حالة حرص على زوجها من أي سيدة تقترب له وخاصة «المُطلقة» لأنها ستكون متطلباتها أقل بالتالي يسهل زواجها على عكس البنت التي لم يسبق لها الزواج، وحل لهذه المشكلة ليس القانون فقط ولكن تغيير ثقافة الشعب لتغيير هذه النظرة المتدنية، وذلك من خلال الدراما التلفزيونية التي يتم طرحها بشكل جيد ويتم وقف عرض الأعمال الفنية التي تظهر المُطلقة بـ«إنها خطافة رجالة»، كذلك التوعية من قبل الندوات سواء من المجلس أو جمعيات المجتمع المدني لتعليم المرأة وتمكينها اقتصاديا ذلك يقوي من عزيمتها ويعطي لها قوة تتمكن من خلالها مواجهة مساوئ المجتمع ونظرته السيئة لها.
العنف ضد المرأة
وأضافت الدكتورة جيهان رجب، مستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، المقرر المناوب للمجلس القومي للمرأة فرع القاهرة قائلة أن ما يحدث مع المُطلقة أحد صور العنف ضد المرأة، التي دائمًا تتلقى اللوم وليس الرجل ويرجع ذلك إلى أننا في مجتمع ذكوري يباح للرجل فيه كل شيء ويُحرم على السيدة كل شئ ولابد من تغير المجتمع إلى مساواة بين الرجل والمرأة فسوف يتوازن كفتي الميزان.
وأضافت أنه يجب عمل حملات توعية للمُقبلين على الزواج وحديثي الزواج يتم فيها شرح كيفية استمرار العلاقة بين الزوجين وذلك للحد من نسب الطلاق، حتى لا نصل مرحلة النهاية ويعلم كل شخص حقوقه وواجباته تجاه بعضهما البعض.
وأوضحت دكتورة جيهان رجب، أنه يجب على أهل الزوج التقليل من الشحن النفسي له أنه رجل ويفعل بزوجته ما يشاء من ضرب وإهانة ليثبت رجولته، وهذا ما يجعلنا نحتاج لتغير المفاهيم السيئة التي تطغى على المجتمع، متابعة: «رجاء على كل أم وأخت أن تأخذي خطوة للخلف واتركي إبنك لإختيار حياته بنفسه».
نظرات سيئة
وبعد عرض بعض الحالات ورد المتخصصين الذين تمكنوا من كشف الستار عن أسباب ظلم المجتمع للمرأة المُطلقة، كان لابد أن نلجأ لطبيب متخصص في العلاقات الأسرية يكشف لنا الخبايا لظاهرة الطلاق في مصر وما يحدث من أجواء محيطة بالمُطلقة وهنا يأتي دور الدكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الأسرية والإجتماعية، الذي أفاد بأن نسبة الطلاق في مصر تخطت الـ46 % بما يعادل 250 حالة طلاق في اليوم الواحد وهذا ما جعلنا نحتل المركز الأول عالميًا في الطلاق وبالتالي لم يكن وصمة عار.
وأوضح أن المرأة المُطلقة تعاني من النظرات السيئة والضغوط الأسرية سواء قبل الطلاق؛ لإجبارها على تحمل الحياة التي من المؤكد أن الكثير منها يضم عنف ضدها ودمار نفسي وجسدي للمرأة أو الضغوط بعد الطلاق ويأتي في صورة التخلي عن مسئوليتها، سواء برفض إقامتها في منزل العائلة أو عدم مساعدتها في وجود مسكن خاص بها، أو التحكم في كل تصرفتها من باب تضيق الخناق عليها لعودتها لزوجها ليتحمل مسئوليتها، وذكر حالات عرضت عليه منها سيدة تشتكي من شقيقها الذي يرفض أن يساعدها في مواجهة المجتمع، أخرى تقول أن طليقها خانها وتزوج عليها وطلقها ويحاول الآن أن يرجعها لعصمته لتصبح الزوجة الثانية بعد أن كانت الأولى وتعيش معه بشروط الزوجة الأخرى وأهلها يضغطون عليها للتحمل والموافقة بالعودة، وأخرى تعاني من نظرة المجتمع المتمثلة في الزملاء والجيران حتى بواب العقار الذي تسكن به دائم يلمح لها أنها مطلقة وكأنه يراقب تحركاتها.
وأضاف «علام» أن نظرة الأسر للمُطلقة خاطئة ولابد أن تتغير لأن هذه المرأة لا ينقصها شئ، طالبًا من الأمهات أن تنظر لهذه المرأة في صورة إبنتها التي من المُحتمل تعرضها لنفس الأزمة فهل ما ترفضيه من ابنك تقبليه لابنتك؟.
وطالب الدكتور أحمد علام على الرجل الذي جعل مُطلقة ترتبط به وقرروا الزواج أن يقدرها ويحترمها ويعاملها معاملة طيبة فهي لا ينقصها شيء عن من لم يسبق لها الزواج على العكس سوف تسعى بكل الطرق لاستمرار هذا الزواج لرفضها الفشل مرة أخرى، ولابد أن يكون فيه نظرة عادلة من المجتمع للمطلق مثل المُطلقة، متابًعا: «رسالتي لكل أم أن تراعي أنك امرأة ويجب أن تتركي النظرة الذكورية التي تربي عليها الإبن».
وأوضح «علام» كيفية مواجهة الظلم الذي يقع على المُطلقة وذلك من خلال دور الإعلام والتوعية وخاصة من دور العبادة، وفي ظل توحيد خطبة الجمعة يجب استغلالها في مناقشة وتسليط الضوء على الجوانب الإجتماعية، وكذلك التربية من الأسرة، وتترك لنقطة هامة وهو اضافة مناهج للطلاب في المدارس والجامعات عن التوعية الإجتماعية.
وأنهى استشاري العلاقات الأسرية حديثة بطلب تشريع قانون يلزم المُقبلين على الزواج أخذ دورات تدريبية تؤهلهم للحياة الزوجية للحد من الطلاق.
دور الخطاب الديني
وبعد أن وجد الإجماع على دور الخطاب الديني ورجال الدين الهام في تغير نظرة المجتمع ورفع ظلمه عن المُطلقة كان لابد التواصل مع رجل دين وهو الدكتور مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي قال أن الزواج مشروع قائم بين طرفين والله - عز وجل - أوصى كلا منهم أن يحافظوا قدر المستطاع على نجاحه، على الرغم أنه قد يتعرض هذا المشروع للفشل لسبب أو أخر سواء تعود للزوج أو الزوج، فقد شرع الإسلام عند ظهور أسباب تعترض استكمال هذا المشروع شرع الطلاق، وبالتالي يكون هو الحل الأخير لإنهاء حياة استحالة عيشها، إذن الطلاق حل لمشكلة بين طرفين وليس مشكلة كما حولة المجتمع.
وأوضح «شاهين» أن المجتمع يعتبر الطلاق مشكلة والمُطلقة هي سبب هذه المشكلة ويعلقون الذنب في رقبتها دون الزوج، على الرغم أن الرجل شريك في هذه الأزمة، ولكن ينظروا للمرأة أنها هي من «خربت بيتها بيدها وأفسدت العلاقة»، وهذا المنطلق خاطئ، ويصبح الطلاق مشكلة في حالتين الحالة الأولى عندما حمل المجتمع الزوجة وحدها نتيجة فشل الزواج، ثانيًا حال رفض المجتمع التعامل مع المُطلقة من حيث تحريم استمتاعها بالحياة من حيث العمل والزواج واستكمال بناء أسرة واختيار من ترتبط به سواء شاب لم يسبق له الزواج أو سبق له أو متزوج، فالطلاق ليس اللعنة التي تحاصرها مدى الحياة أو وصمة عار.
وتابع «شاهين» قائلًا: «على أم الشاب لا يجب أن تكيلي بمكيالين ترفضين زواج ابنك من مطلقة في حين تعرض ابنتك للطلاق تسعين أن تزوجيها لأفضل رجل، لذا يجب أن تتغير ثقافة المجتمع لتنال المُطلقة النظرة الصحيحة».
ووضع الدكتور مظهر شاهين روشتة العلاج لرفع ظلم المجتمع عن المُطلقة قائلًا: «البداية ليست من المساجد وحدها بل من الدراما وضرب مثل بمسلسل الإختيار الذي كشف المخطط الإرهابي وإبراز دور رجال الشرطة، وبالتالي إنتاج أعمال درامية تتحدث عن المطلقات بمشاكل من أرض الواقع وليس أعمال خيالية، ثم يأتي دور المثقفين والمجتمع المدني وطالب بوضع دروس في المناهج الدراسية توضح كيفية التعامل مع المرأة».
المُطلقات على رادار القانون المصري
وفي نهاية تحقيقنا كان لابد أن نختم بكلمة القانون الذي هو يعد العنصر الأساسي لرفع الظلم عن المظلومين وذلك من خلال محمد الزناتي المحامي، الذي قال من وجه نظر العديد ونسبة إلى الأفكار الموروثة بدون بحث أو دراسة يروا أنه انطلاقا من أن الزواج يعد عاملًا من عوامل بناء المجتمع، فيما يعد الطلاق عامل هدم للمجتمع إذ يؤدي إلى تفكك الأسرة وانحلال عقد العلاقات الزوجية، فمنذ زمن بعيد توصف المراة المُطلقة بانها فاشلة لم تستطع أن تحافظ على أسرتها رغم أنه في معظم الأحيان يكون سبب الطلاق الأساسي هو الزوج و عدم رغبته في تحمل المسئولية المادية والمعنوية تجاه أسرته، ومع تزايد أعداد المُطلقات التي طالت كل الفئات العمرية من المتزوجات ومن غير المنطق أن ننظر إلى كل هؤلاء المطلقات و وصفهم بإنهن فاشلات، فالطلاق ركنين هما الرجل والمراة كلاهما مسئول عن ذلك فلا يجوز أن يحمل المجتمع مسئولية الطلاق و توجيه الاتهامات بالتقصير واللوم على المرأة فقط ، فالرجل شريك لها في ذلك .
وبداية نتحدث عن حقوق المُطلقة من وجه نظر الُمشرع المصري وطبقًا لقانون الأحوال الشخصية فالمُطلقة تستحق الحقوق التالية:
أ - مؤخر الصداق المثبت بقسيمة الزواج.
ب - نفقة المتعة وهي تقدر بنفقة سنتين على الأقل مع مراعاة حالة المُطلق يسرًا وعسرًا .
ج - نفقة العدة وتقدر بنفقة ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق.
د - منقولات أعيان الجهاز وتستحقها المُطلقة والزوجة سواء كانت العلاقة الزوجية قائمة أم لا.
كما أن هناك أيضًا حقوق تستحقها المُطلقة إذا كان يوجد أطفال و تتمثل تلك الحقوق في الآتي:
أ - تمكين المُطلقة من مسكن الزوجية باعتبارها حاضنة أو أجر مسكن للحضانة.
ب - أجر للمطلقة الحاضنة.
ج - أجر رضاعة .
د - نفقة صغار .
و - مصروفات علاج ومصروفات تعليم وفرش وغطاء للصغار .
ونظم القانون حقوق المرأة المُطلقة وذلك طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية وحدد القانون طرق تحصيل وتتمثل في:
أ - دعوى حبس تقام أمام محاكم الأسرة المختصة.
ب - عن طريق التحصيل من بنك ناصر الاجتماعي بحد أقصى 500 جنيه بالنسبة لنفقة الصغار.
ج - عن طريق التنفيذ من المُحضرين المختصين بمحكمة الأسرة.
وأشار «الزناتي» إلى وجود قصور شديد من المُشرع في طرق تحصيل حقوق المُطلقة التي تجعلها من رواد المحاكم العديد من السنوات لكي تحصل على حقوقها في وسط إجراءات طويلة ومماطلة وتلاعب من المطلق وذلك من أجل الضغط عليها وتوصيلها إلى مرحلة فقد الأمل في نيل حقوقها، وليس ذلك فحسب فهناك من الرجال من يستغل الأطفال في الضغط على المطلقات في التنازل عن حقوقها من أجل أن يتركهم ينعمون في حياة كريمة بعيدًا عنه، فالمُطلقات لا يعانون فقط من مماطلة الرجال في سداد حقوقهم بل لديهم معركة أخرى قادرة أن تنهي على الضعيفات منهن تتمثل في نظرة المجتمع لهن وكإنهن ارتكبن الخطيئة بحملهن لقب المُطلقة.
واستطرد في حديثه لـ«بلدنا اليوم»: «المجتمع كان قلما يتسامح مع المراة المُطلقة و ينظر لها نظرة سلبية فهي تواجه اتهامات من شريحة واسعة في المجتمع باعتبار إنها امرأة سيئة وتحميلها مسؤولية الطلاق واتهامها بمخالفة القاعدة الاجتماعية السائدة «من بيت الزوج إلى القبر» على الرغم من أن الطلاق حق شرعي ومقرر بكتاب الله - عز وجل - فقال تعالى: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ».
وأضاف بأن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أن المُطلقة ينظر إليها على أنها فرصة للتسلية وأنها صيدًا سهلًا، ونجد أيضًا أن المُطلقة دائمًا ما تتعرض للنبذ من النساء المتزوجات خوفًا على أزواجهن لكون المتزوجات لديهن فكرة أن المُطلقة دائمًا تبحث عن زوج.
في الختام يرى محمد الزناتي المحامي، أن وضع المرأة المُطلقة قد تحسن كثيرًا في ظل وجود منظمات حقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة، فأصبح هناك من يدافع عنها وعن حقوقها، فيجب علينا أن نكون حكمًا علي جوهر الناس وليس بكونها متزوجة أو مطلقة، لذلك على المثقفين من المجتمع أن يدافعوا عن المُطلقة فهي لها الحق علينا جميعا فهي لم تأتي بشيء مستنكر ولم ترتكب الخطيئة فهي لم توفق في حياة مؤقتة مع شريك يتحمل معها المسئولية، فيجب أن تندثر النظرة الذكورية السائدة في المجتمع، فالمُطلقة لم تخالف شرع الله فهي لم ترتكب آثم، فلماذا كل هذا الظلم على المرأة المُطلقة، فيكفيها ما وقع عليها من ابتلاء وعلى المجتمع والجمعيات الأهلية مساندتها وتقديم يد العون لها، وللإعلام دور كبير في تغيير النظرة السلبية لها حفاظًا على مشاعر أبنائها وحفاظًا عليها لكونها فرد مهم بالمجتمع وأحد سواعده التي تستحق الاهتمام.